رغم احتوائها على 100 موقع أثري وطبيعة خلابة.. الكورة خارج الخريطة السياحية

شلال في احدى المناطق الأثرية بلواء الكورة-(الغد)
شلال في احدى المناطق الأثرية بلواء الكورة-(الغد)

 لم يشفع وجود ما يقارب 100 موقع أثري و50 شلالا مائيا وسط طبيعة خلابة، في لواء الكورة، بأن يدرج اللواء على الخريطة السياحية المحلية والعالمية، ليكون مقصدا سياحيا، يسهم في خلق تنمية مستدامة في مناطق اللواء التي تعاني أغلبها من الفقر والبطالة.  

اضافة اعلان

 
وبحسب مهتمين بالسياحة، فإن اللواء يعاني التهميش وعدم استثماره سياحيا، رغم وجود العديد من المواقع السياحية والأثرية، إلا أن تلك المواقع مهملة ولا يتم ترميمها واستغلالها باستثناء القليل منها والتي شملتها أعمال ترميم خجول لم ترق للمستوى المطلوب وتحويلها لمقصد سياحي.


وقالوا لـ "الغد" إن مخصصات قطاع السياحة في لواء الكورة وعلى مدار السنوات الماضية مخجلة لا تتجاوز 200 ألف دينار سنويا، فيما تحتاج المواقع الأثرية والسياحية إلى ملايين الدنانير لترميمها وجعلها مقصدا للزوار، لافتين إلى أن دعم قطاع السياحة في اللواء والاستثمار بالمواقع سينهض باللواء ويخفف من مشكلتي البطالة والفقر من خلال إقامة المشاريع وتشغيل المتعطلين عن العمل.


ولفتوا إلى أن عدد زوار اللواء في فصل الربيع يتجاوز نصف مليون زائر سواء من داخل الأردن أو خارجه، إلا أن ذلك لا يتم توظيفه بحيث يعود بالفائدة على أهالي اللواء، وتنحصر الزيارات بأن يقضي الزوار أوقاتهم في السهول وبجانب الطرقات للتمتع بالأجواء الخلابة.


ويضم اللواء وديان زقلاب والريان وابو زياد وغابات برقش وشلالات مياه المشرع وأبو شقير وطاقة ناجي وعيون سيرين والبيضاء وزقيق وكهف السيد المسيح ومعاصر العنب الصخرية واشجار الزيتون الرومية والمدينة الوردية "المعلقة" وقلعة الطنطور وحمة ابو ذابلة والمقامات الاسلامية الخمس وغيرها من المواقع المنتشرة في اللواء.


ويتميز اللواء بتنوعه الحيوي والسياحي والتراثي، والتي تنتشر على مساحته المقدرة بـ 210 آلاف دونم، فيما يمتاز باعتدال الأجواء نسبيا على مدار أيام السنة ويقع ضمن حوض البحر الأبيض المتوسط حيث الاعتدال الدائم صيفا في مناطقه الشرقية والدافئ شتاء في مناطقه الغربية مما يؤهله ليكون مقصدا سياحيا باستمرار. 


وكان جلالة الملك عبدالله الثاني، قال أثناء زيارته للواء الكورة عام 2021 إن الكورة جنّة، وإن الشمال من أحلى المناطق التي رآها في حياته، مؤكدا "ضرورة الاستفادة من المقومات السياحية العالية التي يتمتع بها بلدنا، لرفد الاقتصاد الوطني".


ولفت جلالته خلال لقائه عددا من الشخصيات في لواء الكورة في ديوان عشيرة الشريدة حينها، إلى أهمية العمل في نطاق استراتيجية تنهض بالقطاع السياحي وإرساء الأولويات، بالتعاون مع أبناء المناطق، لنُظهر للعالم الجنان التي يتمتع بها الأردن.


يقول أمين سير رئيس جمعية أصدقاء الآثار والانثروبولوجيا في الكورة خالد السباعي إن المستثمرين من أبناء اللواء يعزفون عن الاستثمار فيه لأسباب تتعلق بضعف البنية التحتية في العديد من المواقع الأثرية والسياحية ويتوجهون إلى مناطق أخرى في الأردن للاستثمار فيها نظرا لوجود الخدمات.


وأضاف أن ضعف المخصصات المالية المخصصة لقطاع السياحة من مجلس المحافظة للواء غير كافية بالنهوض بالسياحة، مؤكدا أن اللواء يحتاج الى ملايين الدنانير لغايات ترميم المواقع الأثرية، وإنشاء مراكز للزوار وإنشاء بنية تحتية لخدمة المواقع، مشيرا إلى أن اللواء يفتقر الى وجود فندق سياحي حتى يتمكن السياح من الإقامة فيه وقضاء وقت أطول ويتمكنوا من زيارة جميع المواقع السياحية والأثرية.


وقال السباعي إن الجمعية حصلت على منحة لإقامة مشروع سياحي صغير بالقرب من مغارة برقش وتم إنشاؤه، إلا أنه مهدد بالإغلاق بسبب استمرار إغلاق مغارة برقش التي كان يؤمها آلاف الزوار يوميا، مؤكدا أن استمرار إغلاق المغارة بحجة انها تشكل خطورة على السلامة العامة غير مبرر وخصوصا وانها فريدة من نوعها عالميا. 


وأكد السباعي أن غياب الترويج وعدم استحداث مسارات سياحية للمواقع الأثرية والسياحية في اللواء تسبب بعدم الإقبال على تلك المواقع، الأمر الذي يتطلب من الجهات المعنية تكثيف حملاتها الترويجية خارج الأردن والبدء بشكل فوري بإقامة البنى التحتية لتلك المواقع حتى تكون مركز جذب.


وأشار إلى أن اللواء يزوره سنويا ما يقارب نصف مليون مواطن سواء من داخل الأردن أو خارجه، وهؤلاء الزوار يقضون أوقاتهم في أحضان الطبيعة ولا يزورون المناطق السياحية والأثرية لعدم معرفتهم بها، فيما أغلبهم يحضرون حاجاتهم معهم من معدات وأكل وشرب وبالتالي فإن اللواء لا يستفيد من الزوار.


وقال رئيس جمعية السنابل الذهبية في لواء الكورة فادي مقدادي إن الجمعية نفذت وعلى مدار 10 سنوات سلسلة من النشاطات والفعاليات التي تعنى بالسياحة، مستثمرين بهمة الشباب المتطوعين المتعاونين مع الجمعية، والشركاء والمؤازرين، والتي كان لها الأثر في تجويد الحركة السياحية وتسهيلها والاعتناء بالبنى التحتية المحدودة لمواقع الكورة السياحية التي تعاني من الإهمال والنسيان.


وعلى صعيد التخطيط ورفع سوية المنتج السياحي، قال المقدادي إن الجمعية سعت إلى النهوض بموقع حمة أبو ذابلة التاريخية التي تتدفق منها المياه الحارة العلاجية، وتم وضع تصور شامل للموقع ومخاطبة الجهات المعنية لتنفيذ مشروع سياحي ضخم فيها لكن لم ير النور حتى اللحظة نظرا لإلغاء المنحة من قبل وزارة التخطيط، بالإضافة لمحاولة تنفيذ عدد من الكرفانات الخشبية لتوفير منتج سياحي يجذب السياح للمكوث في المنطقة لأطول فترة ممكنة. 


وقال الخبير في الشؤون الأثرية والسياحية الدكتور احمد جبر الشريدة إن مشكلة تطوير المواقع السياحية والأثرية في لواء الكورة والتي تقدر بأكثر من 100، تكمن بعدم إشراك الأشخاص المعنيين من أبناء الكورة بخطط التطوير، وتبقى هذه الخطط من دون تنفيذ.


وأشار إلى تهالك البنية التحتية وخاصة الطرق والتي معظمها وخاصة الرئيسة تعاني من التآكل والحفر، بينما الطرق الزراعية ضيقة، إضافة إلى عدم وجود خدمات كمراكز زوار ومواقف لاصطفاف المركبات وعدم توفر دورات صحية.


بدوره، قال رئيس لجنة السياحة والآثار في مجلس محافظة اربد سمير عديلات إن المخصصات المالية المرصودة للواء الكورة فيما يتعلق بقطاع السياحة بلغت 25 ألف دينار كانت مخصصة لتطوير مغارة برقش، إلا أنه تم إجراء مناقلات لعمل دراسة على المنطقة لصالح جامعة اليرموك، وبالتالي لم يتم تطوير أي موقع سياحي في اللواء.


وأشار إلى أن المواقع السياحية والأثرية في اللواء بحاجة إلى ملايين الدنانير من أجل تطويرها، وهو الأمر غير الممكن نظرا لضعف الموازنة بشكل عام.


وحاولت "الغد" الحصول على رد من مديرة سياحة محافظة اربد الدكتورة مشاعل خصاونة والتي اعتذرت عن ذلك بحجة أنها غير مخولة للتصريح، فيما يماطل مدير آثار اربد الدكتور زيد غنيمات بالرد، ويطلب المزيد من الوقت للإجابة على استفسارات "الغد".

 

اقرأ أيضا:

%70 من أراضي "الكورة" خارج التنظيم.. أين تبنى المساكن الجديدة؟