مع محدودية الفرص.. هل يصبح خريجو "مهني جرش" مجرد أرقام؟

متدربان يعاينان محرك مركبة في مركز التدريب المهني بجرش-(الغد)
متدربان يعاينان محرك مركبة في مركز التدريب المهني بجرش-(الغد)

  يواجه العديد من خريجي مركز التدريب المهني في محافظة جرش، صعوبة في إيجاد فرصة عمل، أو البدء بمشروع خاص، وتوظيف ما تدربوا عليه من مهن وحرف مختلفة خلال شهور طويلة، نتيجة محدودية المشاريع وغياب القدرة المالية. 

اضافة اعلان


هذا الواقع بدأ بوضع خريجين ضمن صفوف المتعطلين، وسط مخاوف من تحولهم إلى مجرد أرقام، تذكر عند الحديث عن أهمية التدريب والتأهيل المهني، من دون أن يكون هناك توظيف لهذه المهارات. 


شهور من البحث، أمضاها عبدالله الزعبي في محاولة لإيجاد أي فرصة عمل بعد تخرجه من مركز التدريب المهني، غير أنه وفي كل محاولة بحث يصل إلى طريق مسدود، قائلا "غالبية المنشآت الصناعية والحرفية مكتفية بمن لديها من عمالة، بينما فتح مشروع خاص يحتاج إلى مخصصات مالية لا أمتلكها". 


وتابع: "لجأت إلى مركز التدريب المهني في جرش كونه النافذة الوحيدة أمام الشباب المتعطلين، ولكني فوجئت بأن محافظة جرش شبه خالية من المشاريع والمدن الصناعية أو أي مشاريع كبرى، إلى جانب صعوبة الحصول على قروض ميسرة للبدء بمشرع خاص، كون الجهات الإقراضية تشترط كفالات واقتطاعات رواتب ورهنا عقاريا وضمانات صعبة لا يمكن تحقيقها". 


وأضاف الزعبي أنه بحث طويلا عن فرصة عمل في مجال الحلاقة وهي المهنة التي تدرب عليها، إلا أن مشاريع الصالونات الرجالي في جرش، متواضعة ومحدودة، ويعمل فيها أصحابها، أو عامل واحد فقط، ولا توفر فرصا جديدة، ما اضطره إلى ممارسة مهنته في منزله أو الذهاب إلى منازل الزبائن.


في المقابل، لا يزال مركز التدريب المهني، ملجأ لآلاف الشباب المتعطلين عن العمل ومنهم خرجو جامعات، أملا بالحصول على فرصة عمل مناسبة.  


ويأمل الخريجون من المركز ولا يقل عددهم عن 380 خريجا سنويا، يضاف إليهم 90 متدربا سنويا، ضمن برنامج وزارة السياحة، بالحصول على فرص عمل مناسبة، أو تسهيل القروض من قبل الجهات الإقراضية للبدء بمشاريع تنقذهم من التعطل. 


ويؤكد مصدر من مديرية العمل بجرش أن فرص العمل تكاد تكون شبه معدومة بجرش، بالمقابل فإن هناك المئات من الخريجين، مشيرا إلى أنه وفيما يتعلق بالأيام الوظيفية التي من الممكن أن تسهم بالتشبيك بين الخريجين وأصحاب العمل، فانها شحيحة، نظرا لوضع المحافظة التي تفتقر للمشاريع وبالتالي فرص العمل. 


وأوضح أنه وحال تم إقامة أيام وظيفية، فإن عدد المتقدمين يزيد مئات المرات عن عدد الوظائف المطروحة وبالكاد تغطي حاجة 1 % من المتعطلين عن العمل في المحافظة.


المتدرب ماهر الرماضنة، الذي حصل على دورات تدريب كافية في مجال الفندقة في مركز التدريب المهني، وبذل جهودا في احتراف مجال الفندقة للاستفادة من الميزات السياحية لمحافظة جرش، انتهى به الحال إلى التعطل وعدم تمكنه من إيجاد فرصة عمل في المجال السياحي.


يقول الرماضنة، "العقبات التي تواجه قطاع السياحة وتأثره بالأحداث التي تمر بها المنطقة بين الحين والآخر، حولته لقطاع فاقد لفرص العمل في الوقت الراهن، كما أن هذا الحال يكاد يعمم على معظم القطاعات بجرش".


وأضاف، أن محافظة جرش لا يوجد فيها أي فندق سياحي أو شاليهات كبرى أو مطاعم سياحية كبيرة توفر فرص عمل أو متنزهات تتناسب مع قيمة القطاع السياحي فيها، لافتا إلى أنه سيبدأ في الأسابيع المقبلة برحلة البحث عن فرصة عمل في المحافظات الأخرى. 


وأوضح، أن أحد الحلول الموجودة للخريجين هو البدء بمشاريع خاصة، على أن يتوفر التمويل عبر قروض ميسرة متواضعة في بادئ الأمر، ومن ثم تكبير المشاريع وتوفير فرص عمل إضافية، خاصة وأن محافظة جرش تفتقر للمشاريع بمختلف أنواعها، وقد ألغي مشروع المدينة الصناعية مؤخرا، الذي كان يعول عليه في توفير ما يزيد على 5 آلاف فرصة عمل.


بدوره، أكد مدير معهد التدريب المهني في جرش محمد العتوم نجاح المعهد في توفير فرص عمل لأبناء المحافظة في بعض المجالات المحدودة، إلى أن الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها المنطقة تنعكس على توفير فرص عمل للشباب، فضلا عن قلة المشاريع الاستثمارية.


وأكد أن الهدف الرئيس للمعهد تدريب وتأهيل الشباب، وذلك من خلال التركيز على تخصصات محددة وضرورية في سوق العمل في مختلف محافظات المملكة.
وقال العتوم، إن عدد الطلاب ونوع التخصصات، يؤكد نجاح المعهد، لا سيما وأنه يلتحق ببرنامجيه في أيار (مايو) وأيلول (سبتمبر) سنويا، ما يزيد على 350 طالبا في كل برنامج، وعدد الطلاب الذين تدربوا في المعهد منذ تأسيسه في جرش العام 2004 وحتى الآن لا يقل عن 5000 طالب وطالبة، منهم من تمكن من فتح مشاريع خاصة، بالتعاون مع صندوق التنمية والتشغيل، ومنهم من التحق بفرصة عمل داخل المنشآت الصناعية والتقنية في جرش. 


وبين العتوم، أن هناك تخصصات مشتركة يلتحق فيها الطلاب والطالبات وهي إنتاج الطعام والتدبير الفندقي وخدمة الطعام والشراب، فيما هناك تخصصات خاصة للإناث مثل التجميل والخياطة والحاسوب، وتخصصات للذكور وهي الحلاقة والحدادة والتمديدات الصحية والكهرباء العامة وغيرها من التخصصات الأخرى، وقد تم إدخال تخصصات جديدة ومطلوبة داخل سوق العمل، وهي كهربائي وميكانيكي السيارات وتخصص النجارة.


وأكد أنه تم تجهيز مشغل كهرباء السيارات بتمويل بدأ بـ 30 ألف دينار، مشيرا إلى أن المشغل بحاجة إلى 100 ألف دينار تكلفة إجمالية.


وقال إن المركز يقوم بمتابعة الخريجين بعد إنهاء متطلبات تدريبهم العملي والميداني، والتأكد من حصولهم على فرص عمل مناسبة وتفي بمتطلبات الحياة، فضلا عن أن معظم المهن الأخرى يتم تأمين الطلاب فيها بفرص عمل في المحافظات الأخرى، كالتخصصات الفندقية المختلفة من خلال التدريب داخل فنادق في عمان والبحر الميت والعقبة.


وأضاف العتوم أن المعهد يحرص على إيجاد شراكات حقيقية مع مختلف الجهات الداعمة، والتي تحرص على توفير فرص عمل للشباب والتخفيف من حدة ظاهرة البطالة، التي يعاني منها شباب المحافظات.

 

- اقرأ أيضا:

  تحويل 1850 طالبا من "التربية" إلى مؤسسة التدريب المهني