الجهاد الأفغاني التالي جهود "طالبان" لاحتواء "داعش- خراسان"

مقاتلون من تنظيم "داعش - ولاية خراسان" - (أرشيفية)
مقاتلون من تنظيم "داعش - ولاية خراسان" - (أرشيفية)

يناقش ثلاثة خبراء كيف تطورت قدرة فرع تنظيم "داعش" في أفغانستان على العمل على الصعيد العالمي بطريقة مثيرة للقلق منذ انسحاب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
*   *   *
في 28 أيلول (سبتمبر)، عقد معهد واشنطن منتدى سياسيًا افتراضيًا مع أميرة جدون، وأندرو ماينز، وهارون زيلين. وجدون هي أستاذة مساعدة في "جامعة كليمسون" ومؤلفة مشاركة (مع ماينز) للكتاب الذي صدر في العام 2023 بعنوان "تنظيم ’داعش‘ في أفغانستان وباكستان: التحالفات والمنافسات الاستراتيجية".

اضافة اعلان

 

وماينز هو اختصاصي برامج في "مركز آسيا" في "المعهد الأميركي للسلام". وزيلين هو زميل "ريتشارد بورو" في معهد واشنطن ومبتكر الخريطة التفاعلية للأنشطة العالمية المختارة لتنظيم "داعش". وفيما يلي ملخص المقرِّرة لملاحظاتهم.
*   *   *

أميرة جدون


منذ سيطرة حركة "طالبان" على أفغانستان في العام 2021، غيّر "تنظيم داعش- ولاية خراسان" أولوياته على صعيد الاستهداف، والتكتيكات، والتركيز الجغرافي، والنشاط الإعلامي، وجهود التواصل التي يبذلها على نطاق أوسع.

 

وتساعد هذه التغييرات على فهم الكيفية التي تطور بها الفرع الأفغاني لـ"تنظيم داعش" مع مرور الوقت وكيفية تكيفه مع بيئته الجديدة. وعلى الرغم من التحديات المختلفة، بقي التنظيم صامداً، واستمر في ممارسة العنف، واستهداف الجهات الحكومية والمدنية، وتهديد الأمن الدولي، وتجنيد الأفراد في جميع أنحاء المنطقة.

 

وكان اختياره الاستراتيجي للتحالفات والخصومات مع الجماعات المحلية أساسياً لبروزه الأولي وقدرته على تجاوز الخسائر ومعاودة الظهور بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان في العام 2021.


مرت العمليات الإعلامية لـ"تنظيم داعش- ولاية خراسان" وسردياته بثلاث مراحل منذ ظهور التنظيم للمرة الأولى في العام 2015، مما يعكس أولوياته وبيئته المتغيرة. وركزت المرحلة الأولى (2015-2019) على المشاعر المناهضة لـ"طالبان" والسرديات الوردية عن الحياة في ظل ما يسمى بـ"الخلافة" في محاولة لتجنيد أتباع.

 

وركزت المرحلة الثانية (2020-2021) على بث الخوف والتأكيد على عزم التنظيم على البقاء والصمود وسط خسائر كبيرة في الأراضي.

 

أما المرحلة الحالية فهي حملة الدعاية والتواصل الأكثر شراسةً وتطوراً التي يقوم بها التنظيم حتى الآن، والتي لم يسبق لها مثيل من حيث الشكل والكمية وعدد اللغات المستخدمة فيها -وهي علامة مثيرة للقلق حول نية التنظيم الوصول إلى المجندين والمتعاطفين خارج منطقته المباشرة.


وفي الجنوب، شهدت باكستان تصاعداً في الإرهاب قادته الجماعة الجامعة "حركة طالبان باكستان"، ومن غير الواضح كيف سيرد "تنظيم داعش- ولاية خراسان" على ذلك.

 

وتاريخياً، لم يستهدف التنظيم "حركة طالبان باكستان" في دعاياته، إلا أنه انتقد الحركة على خلفية انخراطها في مفاوضات مع الحكومة الباكستانية. وإذا أبرمت "حركة طالبان باكستان" صفقة مع إسلام آباد في المستقبل، فقد ينشق بعض مقاتليها وينضموا إلى "تنظيم داعش- ولاية خراسان".

 

وهناك أيضاً إمكانات كبيرة للتعاون بين "حركة طالبان باكستان" و"تنظيم داعش- ولاية خراسان" في المبادرات الفردية عندما يكون ذلك مناسباً.
*   *   *

أندرو ماينز


يعمل "تنظيم داعش- ولاية خراسان" كحركة تمردية. وقد وسع نطاق عملياته العنيفة منذ سيطرة "طالبان" على السلطة. وتشمل هذه العمليات ما يلي:


• شن حرب اقتصادية والسعي إلى عرقلة الخدمات التي تقدمها الدولة من خلال أعمال، مثل مهاجمة وسائل نقل النفط وتدمير أبراج الكهرباء التي تخدم المراكز الحضرية.


• زيادة الهجمات ضد الرعايا الأجانب والمنظمات غير الحكومية وغيرها من عناصر الوجود الدولي في أفغانستان وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان.


• زيادة عمليات الاغتيال المؤثرة التي تستهدف حكام المقاطعات وكبار المنظرين والأفراد الذين لديهم حراسة أمنية مشددة.


• المشاركة في حرب العصابات الريفية للتنافس على المعاقل والمناطق الحيوية التي كان يعتبرها ملكاً له خلال ذروة سيطرته على الأراضي.


• تصعيد حرب المدن ضد الأهداف السهلة والصعبة في كابول والمدن الأخرى، مع توسيع نطاق الاستهداف الذي يعزز الأجندة الطائفية للتنظيم.


عندما كان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حاضراً، قيد النمو الأولي لـ"تنظيم داعش- ولاية خراسان" وقلص من قدراته التنظيمية بين العامين 2015 و2017. ولكن منذ انسحاب التحالف العام 2021، عاود التنظيم الظهور في مناطق عملياته السابقة وفي مناطق جديدة أيضاً على طول الحدود الشمالية والشرقية لأفغانستان. وهو يسعى الآن إلى تعزيز مكانته في المناطق الحدودية الرئيسية من أجل الاستفادة من تحالفاته في البلدان المجاورة، والسيطرة على قنوات الهجرة المحلية، وتسهيل التجنيد.

 

واستخدم غالبية المقاتلين الأجانب الأميركيين والأوروبيين الذين توجهوا إلى المنطقة الممر الشمالي الشرقي بين أفغانستان وباكستان للوصول إلى المشغِّلين المحليين والتنسيق معهم، ثم دخلوا أفغانستان من هناك.

 

وبعبارة أخرى، لا يمكن الفصل بين أفغانستان وباكستان عند مناقشة الزيادة المستقبلية المحتملة في عدد المقاتلين الأجانب.


ومن جانبها، مرت حركة "طالبان" في البداية بفترة تكيف مع "تنظيم داعش- ولاية خراسان" بعد توليها السلطة في العام 2021. وفي أوائل العام 2023، كثفت عملياتها التي تستهدف القادة الرئيسيين في التنظيم، بما في ذلك كبار الأيديولوجيين والقيادة ذات المستوى الأدنى للخلايا المشاركة في الهجمات في المناطق الحضرية. ومع ذلك، تباطأ معدل هذه العمليات ضد "تنظيم داعش- ولاية خراسان" منذ ذلك الحين، مما أثار الشكوك الدولية حول رغبة "طالبان" الحقيقية وقدرتها على إضعاف التنظيم.


والآن بعد أن أصبحت الخيارات الحركية للمجتمع الدولي ضد "تنظيم داعش- ولاية خراسان" مقيدة بعد انسحاب التحالف، ستتطلب مواجهة التنظيم دعم الشركاء والتنسيق على المستوى الإقليمي.

 

وينبغي على السلطات أيضاً أن تكشف عن الفجوة بين خطاب التنظيم وأفعاله، واستغلال تغير قيادته في الوقت نفسه من خلال الاتصالات الاستراتيجية. وأخيراً، من الضروري التعامل مع المساعدات الإنسانية بحذر شديد، ليس كوسيلة لفرض عمليات مكافحة التنظيم، بل كوسيلة محتملة لحث السلطات المحلية على التصدي للنشاط الدولي الذي يمارسه التنظيم والتنافس على دعم السكان الرئيسيين المستبعدين تحت حكم "طالبان".
*   *   *

هارون زيلين


يتبع "تنظيم داعش- ولاية خراسان" قائمة طويلة من التنظيمات الجهادية المنخرطة في أنشطة إرهابية، بما في ذلك "الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر"، وتنظيم "القاعدة"، وتنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، و"حركة الشباب" الصومالية، وتنظيم "داعش".

 

ولكن، على عكس الجماعات التي اعتمدت على ملاذات آمنة مستقرة لكسب الوقت والمجال للتدريب والتخطيط، أصبح "تنظيم داعش- ولاية خراسان" أكثر ضعفاً في أفغانستان خلال العام الماضي -بينما قام، للمفارقة، بتوسيع قدرته على العمليات الخارجية.

 

وفي الواقع، تحتفظ أفغانستان تحت حكم طالبان بكونها العربة الرئيسية للعمليات الجهادية في الخارج.


اتبع "تنظيم داعش- ولاية خراسان" نهجاً ذا شقين على الصعيد العالمي: (1) مواصلة حملته الدعائية واسعة النطاق؛ و(2) تشكيل مصدر إلهام لشن هجمات في الخارج و/ أو التخطيط لها و/ أو توجيهها و/ أو تنفيذها. وقد أنتجت بنيته الإعلامية المستقلة من خلال مؤسسة "العظيم" الإعلامية التابعة له، محتوى متعدد اللغات، بما في ذلك مواد تنتقد "طالبان" والدول المجاورة، وحكومات الشرق الأوسط، وروسيا، والصين، وأوروبا، والولايات المتحدة.

 

وفي الوقت نفسه، زاد التنظيم من معدل هجماته الخارجية في ظل حكم طالبان، بما في ذلك الهجمات المستمرة عبر الحدود إلى داخل باكستان، والهجمات الصاروخية على طاجيكستان وأوزبكستان، وادعاء المسؤولية عن الهجمات في جزر المالديف وإيران.


منذ العام 2015، أحبطت سلطات إنفاذ القانون الأجنبية ما لا يقل عن ستة عشر مخططاً لـ"تنظيم داعش- ولاية خراسان": ثلاثة في الهند، وأربعة في إيران، وثلاثة في ألمانيا، وواحد في جزر المالديف، وواحد في باكستان، وواحد في قطر، وثلاثة في تركيا.

 

وكان 12 مخططاً منها بعد استيلاء "طالبان" على السلطة: خمسة في العام 2022، وسبعة حتى الآن في العام 2023. وتشير هذه البيانات إلى أن جهود طالبان التي تصنفها هذه الحركة كجزء من "مكافحة الإرهاب" تقتصر على الاحتياجات الأمنية المحلية ولا تشمل مساعدة البلدان الأخرى التي يستهدفها "تنظيم داعش-

ولاية خراسان".

 

ولو لم تحبط السلطات الأجنبية هذا العدد الكبير من المؤامرات، لكان المجتمع الدولي على الأرجح سيمارس المزيد من الضغوط على حركة "طالبان" على خلفية سماحها للتنظيم بتنفيذ عمليات إرهابية واسعة النطاق أو التحريض عليها انطلاقاً من أراضيها.


ومن الجدير بالذكر أن المواطنين الطاجيك شاركوا في العديد من الهجمات الخارجية التي قام بها "تنظيم داعش- ولاية خراسان" وعمليات أخرى في ألمانيا، وإيران، وتركيا.

 

ويشبه هذا الوضع الحركة الجهادية في تونس قبل ثورة العام 2011 في ذلك البلد، وهي حركة لم تتضمن سوى القليل جداً من النشاط المحلي، ولكنها شملت تجنيدا واسع النطاق لمناطق الحرب الجهادية في الشرق الأوسط والخلايا اللوجستية في أوروبا.

 

وينبغي أن يكون ذلك بمثابة تحذير لطاجيكستان، خاصة إذا تغيرت ظروفها السياسية في المستقبل.

*أميرة جدون: أستاذة مساعدة في "قسم العلوم السياسية" بـ"جامعة كليمسون".
*أندرو ماينز: اختصاصي برامج في "مركز آسيا" في "المعهد الأميركي للسلام"، وزميل باحث سابق في "برنامج التطرف" بجامعة جورج واشنطن.
*هارون ي. زيلين: زميل "ريتشارد بورو" في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، حيث يتركز بحثه على الجماعات الجهادية العربية السنية في شمال أفريقيا وسورية، وعلى نزعة المقاتلين الأجانب والجهادية الإكترونية عبر الإنترنت.
*أعد هذا الملخص كميل جابلونسكي.

 

اقرأ المزيد في ترجمات