تحت ستار معركة غزة، المستوطنون يهودون المنطقة (ج)

مستوطنون يستعدون للاعتداء على فلسطينيين بحراسة جيش الاحتلال - (أرشيفية)
مستوطنون يستعدون للاعتداء على فلسطينيين بحراسة جيش الاحتلال - (أرشيفية)

وفقاً للقانون الدولي -الذي التزمت به إسرائيل، بل وتعهدت بتطبيقه- يُحظر تحت أي ظرف ترحيل سكان أرض محتلة من ديارهم ومنازلهم.

 

اضافة اعلان

ولا تغير حقيقة أن التهجير في الضفة الغربية لا يتم بواسطة جنود يدهمون منازل السكان ويطردونهم بأنفسهم، وإنما بواسطة المستوطنين، شيئاً من هذا الواقع.
*   *   *
منذ أن بدأت الحرب في قطاع غزة، تصاعد مستوى العنف في الضفة الغربية أيضًا. خلال عشرة أيام فقط، قتل الجنود والمستوطنون 62 فلسطينيًا هناك وأصابوا العشرات بجروح.

كما نُصبت الحواجز في جميع أنحاء الضفة الغربية وسُدت منافذ الكثير من البلدات، وتم إغلاق شوارع رئيسية وتقييد حركة الفلسطينيين إلى حد كبير.


إضافة إلى ذلك، صعدت إسرائيل من مساعي تهجير تجمعات فلسطينية وعائلات معزولة من منازلها وأراضيها.

 

وهذه الممارسات الإسرائيلية هي محاولة رخيصة لاستغلال الحرب كفرصة لمواصلة تحقيق أهدافها السياسية في الضفة الغربية، والسعي قدماً نحو الاستيلاء على المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية.


ينعكس الجزء الأكبر من مساعي الدولة في ارتفاع حاد طرأ على وتيرة وشدة أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون ضد الفلسطينيين -بدعم تام من جنود وعناصر شرطة، وفي أحيان كثيرة بمشاركتهم.

 

وبالنظر إلى ما يجري على أرض الواقع، يبدو أن المستوطنين يتصرفون، تحت غطاء الحرب، بلا أي وازع أو رادع حيث لا أحد يعمل على وقف عُنفهم -لا قبل وقوعه، ولا في أثنائه ولا بأثر رجعي.


تتركز مساعي التهجير في منطقة "ضهر الجبل" شرقي رام الله وفي منطقة الأغوار وفي تلال جنوب الخليل.

 

وتفيد التقارير التي وصلت إلى "بتسيلم" بأن المستوطنين قد أغاروا على تجمعات فلسطينية شتى -معززين بالسلاح أحياناً وبمرافقة الجنود في أكثر من حالة.

 

وقد هاجم المستوطنون الأهالي، وفي حالات عدة هددوهم بالسلاح، بل وفي بعض الحالات أطلقوا النار عليهم فعلياً.

 

وأفاد عدد من الأهالي عن أضرار لحقت بممتلكاتهم، من ضمنها هدم مبانٍ، وسرقة مواشٍ، وقطع أشجار، وسرقة محاصيل زراعية، وإتلاف خزانات مياه وتقطيع أنابيب مياه وتحطيم ألواح شمسية.

 

وإضافة إلى ذلك، سد مستوطنون طرقاً زراعية يستخدمها سكان التجمعات الفلسطينية ومنعوهم من الوصول إلى أراضيهم.

 

وفي العديد من الحالات، أمر مستوطنون وجنود الأهالي بإخلاء منازلهم وأراضيهم خلال مهلة محددة وتوعدوهم بالأذى إذا رفضوا.


إضافة إلى هذه الممارسات، ينبغي أن نذكر خطاب الكراهية والتحريض الذي يعم شبكات التواصل الخاصة بالمستوطنين، ويشمل ذلك تهديدات صريحة ومباشرة للفلسطينيين تتوعدهم بالاعتداء عليهم جسدياً وتخريب ممتلكاتهم، بل وقتلهم أحياناً.

 

ويتعرض سكان التجمعات الفلسطينية لهذا الخطاب وهم يعلمون علم اليقين، بناء على تجارب سابقة، أن هذه التهديدات ليست مجرد ثرثرة وإنما هي تنذر بخطر حقيقي وشيك سيلحق بهم.


لم يترك هذا الواقع أمام السكان الفلسطينيين أي خيار آخر. فبعد أن فقدوا القدرة على إعالة أسرهم وحتى على التزود بالطعام والمياه، وأمام الخطر الجدي الذي يتهدد حيواتهم، نزح منذ بداية القتال جميع سكان 8 تجمعات تقطنها 87 عائلة،

 

ويبلغ عدد أفرادها مجتمعة 472 شخصا من ضمنهم 136 قاصرا. وإضافة إلى ذلك، في 6 تجمعات إضافية نزح جزء من العائلات، فنزحت 11 عائلة يبلغ مجموع أفرادها معا 80 شخصا من ضمنهم 37 قاصرا. وبالمجمل، نزحت 98 عائلة يبلغ عدد أفرادها 552 شخصا، منهم 173 قاصرا.

 

وينضم هؤلاء إلى ستة تجمعات فلسطينية أخرى كانت قد رحلت عن منازلها خلال السنتين الأخيرتين ويبلغ عدد أفرادها معاً أكثر من 450 شخصاً.


في الظاهر، يبدو الأمر وكأن المستوطنين يشنون هجماتهم على التجمعات الفلسطينية ويمارسون عنفهم بمبادرات خاصة منهم فقط، غير أن عنف المستوطنين هو جزء لا يتجزأ من سياسة معروفة تطبقها دولة إسرائيل منذ سنوات طويلة في عشرات التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية -إنها تنغص عيش السكان وتجعل حياتهم جحيماً لا يطاق حتى يضطروا إلى الرحيل عن أراضيهم وكأن ذلك حدث بمحض إرادتهم، ثم تستولي هي على الأراضي وتسخرها لخدمة أهدافها، وخاصة لإقامة مستوطنات أو توسيع مستوطنات قائمة.

 

وقد ازدادت إسرائيل تطرفاً في تطبيق هذه السياسة منذ تولي الحكومة الحالية السلطة، حيث يمنح وزراؤها الشرعية التامة لهذه الممارسات ويشجعونها ويدعمونها.


تشكل هذه السياسة نقلاً قسرياً ممنوعاً لسكان مدنيين في منطقة محتلة. ووفقاً للقانون الدولي -الذي التزمت به إسرائيل، بل وتعهدت بتطبيقه- يحظر تحت أي ظرف ترحيل سكان أرض محتلة من ديارهم ومنازلهم. ولا تغير حقيقة أن التهجير لا يتم بواسطة جنود يدهمون منازل السكان ويطردونهم بأنفسهم شيئاً من هذا الواقع.

 

ويكفي أن الدولة تخلق الظروف القسرية التي لا تترك أي خيار للسكان الفلسطينيين سوى الرحيل.


لقد ترك الفلسطينيون ليواجهوا مصيرهم وحدهم من دون أي حماية من أي طرف. ويرد الجيش والمستوطنون على محاولاتهم الدفاع عن أنفسهم بالعنف.

 

وإزاء هذه الظروف يقع على عاتق المجتمع الدولي واجب ممارسة كل ما يملك من آليات التأثير من أجل وقف تهجير السكان الفلسطينيين ووقف العنف الموجه ضدهم.

 

اقرأ المزيد في ترجمات:

 

غزو غزة سيكون كارثة لإسرائيل‏ ‏على أميركا الضغط على حليفتها لتتراجع عن حافة الهاوية‏