وقف الحرب.. الفرصة الأخيرة

هآرتس
هآرتس
جدعون ليفي

 يوجد فقط مخرج واحد أمام إسرائيل؛ هي لن تقوم باختياره. الطريقة الوحيدة من أجل تخليص نفسها من عقدة النقص التي وصلت إليها هي القول نعم لقرار محكمة العدل الدولية الذي صدر أول من أمس. هكذا تتصرف دولة القانون. وهكذا يجب أن تتصرف الدولة التي تطمح إلى الانضمام لعائلة الشعوب. رئيس الحكومة كان يجب عليه تأكيد ذلك في مساء السبت، "نحن سنمتثل للقرار". أبواب جهنم التي تهدد بأن تفتح على إسرائيل كانت ستغلق ولو لفترة قصيرة. إسرائيل التي ستمتثل للمحكمة ستكون دولة قانون ويجب احترامها. قول نعم للأمر كان سينقذها ليس فقط من استمرار سفك الدماء العبثي في رفح، بل هو أيضا كان سيوقف كرة الثلج الدولية التي تتدحرج بسرعة نحوها.اضافة اعلان
وقف القتال في رفح، وكل الحرب، هو الملاذ الأخير لإسرائيل، ربما من أجل العودة إلى مكانتها الدولية التي كانت قبل الحرب، التي لم تكن كبيرة ولكنها كانت أكبر بكثير مما هي الآن. إذا تجاهلت إسرائيل الأمر، ما هو الأكثر أمنا من ذلك، فهي ستعلن عن نفسها كدولة مصابة بالصرع. التخلص من هذا الموقف سيستغرق سنوات والثمن سيكون باهظا جدا ولا يمكن تحمله على كل إسرائيلي حتى بشكل شخصي.
لكن إسرائيل هي إسرائيل. هي تبحث عن نصيحة حول كيفية تجاهل الأمر وتجنيد الولايات المتحدة لتشويه القانون الدولي. يصعب التفكير بغباء أكثر من ذلك. يجب بالطبع الأمل، من أجل أميركا وإسرائيل أيضا، بأن الولايات المتحدة في هذه المرة ستضع حدا أقصى لاستعدادها للذهاب ضد كل العالم وضد القانون الدولي من أجل الدولة المارقة التي ترعاها.
توجد خطوات فورية يجب على إسرائيل اتخاذها قبل الوصول إلى الهاوية، وقف الحرب وتغيير الحكومة. المحكمتان العليتان في العالم قامتا بأمرها باتخاذ هذه الخطوات. المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية قدم طلبا لإصدار مذكرات اعتقال دولية ضد رئيس الوزراء ووزير الدفاع. محكمة العدل الدولية دعت إلى وقف القتال في رفح. إذا صدرت مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالنت فهي ستعمل على استبدال الحكومة في إسرائيل إذا كانت تريد البقاء. وقف القتال في رفح سيؤدي إلى وقف كل الحرب، وفي نفس الوقت تحرير المخطوفين. إسرائيل لن توافق على هذه القرارات. هي قرارات منطقية وسليمة وعادلة جدا من أجلها.
منذ الانسحاب المذعور من شبه جزيرة سيناء في 1956، إسرائيل لم توافق في أي يوم على أي قرار للمجتمع الدولي. ما شأنها بالعالم وقراراته؟ هي محصنة ومحمية من قبل أميركا، التوراة وديمونة، منذ ذلك الحين تصرفت وكأنه مسموح لها الاستخفاف بكل العالم. هذا انتهى في اليوم الذي قامت فيه بغزو قطاع غزة بوحشية وبشكل منفلت العقال.
فور إنهاء القاضي نواف سلام قراءة قرار المحكمة حتى قامت إسرائيل بزيادة هجماتها في رفح، وهي المدينة التي هرب منها تقريبا مليون شخص إلى المواصي، والتي بقي فيها مستشفى واحد مع ثمانية أسرة. عندما كان القاضي سلام يقرأ القرار فقد اتصل معي، بعد سنوات للمرة الأولى، سفيان أبو زايدة، وهو الوزير الفلسطيني السابق لشؤون الأسرى، الذي هرب من غزة إلى القاهرة: ثمانية من أبناء عائلته قتلوا قبل يومين في جباليا. مروة، ابنة شقيقه، هي الوحيدة التي كانت غير نائمة عندما سقط صاروخ على منزل العائلة. هي شاهدت كل شيء مثلما في فيلم رعب. قالت لسفيان في القاهرة. الصاروخ قتل ابنة شقيقه إيمان، التي كانت تحمل بنتها ابنة السبعة أشهر، التي هي أيضا قتلت. ابنها ابن الأربع سنوات طار إلى شقة الجيران وقتل. مروة أيضا رأت كيف أن الصاروخ يمزق جثتي أولادها التوائم أيسر وآسر (4 سنوات)، ويقطع يد ابنها ناصر (7 سنوات). أيضا والدة مروة وشقيقها قتلا أمامها بالصاروخ. زوجها فقدته في بداية الحرب. فقد قتل أثناء مشاركته في جنازة ابنة شقيقه.
هذا ما طلبت وقفه محكمة العدل الدولية أول من أمس. هذه هي الفرصة الأخيرة لإسرائيل.