صدمة "كورونا" تعمق معضلة الفقر

سماح بيبرس

اضافة اعلان

عمان- قال البنك الدولي إن الصدمة الاقتصادية الناتجة عن جائحة كوفيد 19 أدت إلى تعميق الاتجاهات السابقة للفقر، على الرغم من أن شبكة الأمان الاجتماعي ساهمت في التخفيف من بعض الأثر على الفقر.


وراوح الفقر في الأردن مكانه في العقد الذي سبق العام 2020، تحت ضغط بطء النمو الاقتصادي، وقلة استحداث الوظائف على نطاق واسع، وتقسيم سوق العمل.


وبالرغم من عدم وجود أرقام رسمية حول الفقر منذ بدء الجائحة في الأردن، تشير التقديرات من تحليل محاكاة جزئية مبكرة إلى حدوث زيادة محتملة على المدى القصير في معدل الفقر الوطني بمقدار 11 نقطة مئوية بالنسبة للأردنيين، بعد أن كان 15.7 %، بحسب تقرير للبنك لخص ما تم إحرازه من تقدم في إطار الشراكة الإستراتيجية مع الأردن.


وكان أداء الاقتصاد الأردني حتى ما قبل أزمة "كورونا"، أقل مما كان متوقعا حيث عانى بشكل مستمر من ديناميكيات النمو البطيء والتحديات الهيكلية التي أدت إلى تقويض الاستدامة المالية.


وأشار التقرير إلى أنّه ومع ما يتمتع به الأردن من استقرار نسبي وموقع جيوسياسي في منطقة مضطربة، استفاد الأردن من التمويل الدولي الموسع الذي أدى إلى التخفيف من المصاعب الاقتصادية والاجتماعية، وأدى في بعض الأوقات إلى تأخير إجراء إصلاحات هيكلية ضرورية في الاقتصاد. حيث استطاع الأردن حشد منح وتمويل للديون بأسعار أقل من السوق، وكان للثروة النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي آثار مفيدة على الأردن من حيث تحويلات المغتربين، والاستهلاك، وتدفق الاستثمارات.


وأشار البنك إلى أنّه قد يكون لتغير أولويات المانحين، والضغوطات بسبب الإنفاق المرتبط بكوفيد 19، والتقلب في أسعار النفط، والتحول في الديناميكيات السياسية الإقليمية أثر على مستوى واستدامة هذا الدعم في المستقبل.


وقال البنك "من الضروري للغاية قيام الأردن بإيجاد توازن بين التعديلات المالية عالية الجودة والإصلاحات من أجل اجتذاب استثمارات القطاع الخاص وزيادة الصادرات لتحفيز النمو واستحداث فرص العمل".


وأشار إلى أن الاستثمار اتسم بقلة الكفاءة ويشهد اتجاها نزوليا، فخلال السنوات العشر الماضية، انخفضت الاستثمارات العامة بمقدار النصف، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي وكحصة من مجموع إنفاق الموازنة.


واستطاع الأردن جذب عدد قليل من الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو استثمارات القطاع الخاص قياسا بالناتج المحلي الإجمالي بالمقارنة مع دول أخرى في المنطقة- مما يهدر مصدرا محتملا لتحقيق مكاسب الإنتاجية، والديناميكية، والتمويل الخارجي للاقتصاد.


كما كان لجائحة كوفيد 19 آثار شديدة على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، والتي توفر 52 % من الوظائف في القطاع الخاص في البلاد، بما في ذلك انخفاض الطلب، وتقلص العرض، والتشديد على الشروط الائتمانية، وانخفاض حجم الاستثمار.

وبين التقرير أن أبرز المعيقات التي تواجه القطاع الخاص، ارتفاع تكاليف الأعمال، وعدم القدرة على توقع السياسات والمخاطر الاستثمارية، التقسيم المفرط لسوق العمل، والعيوب المتعلقة بالمنافسة السوقية.


ما يزال سوق العمل يتسم بالتقسيم الشديد عبر ثلاثة تقسيمات رئيسية: القطاع العام/الخاص، والقطاع المنظم/غير المنظم، والعمال المحليون/الوافدون، ويشكل التفاوت بين الجنسين هاجسا رئيسيا متشابكا، حيث كان أقل من 15 % النساء الأردنيات في البلاد ضمن القوى العاملة في العام 2019 مقارنة مع 34 % من مجموع السكان، وهو ما يشكل واحداً من أدنى المعدلات في العالم.


وأشارت دراسات حديثة إلى أن محدودية حرية التنقل بين الوظائف، وقلة وسائل النقل العام الآمنة والكافية، ومحدودية خدمات رعاية أطفال جيدة بأسعار معقولة، وتدني مستويات الشمول المالي، والقوانين والتفضيلات الاجتماعية للرجال أدت إلى تولي الرجال للوظائف القليلة المتاحة.


ويعمل أكثر من ثلث الأردنيين في القطاع غير المنظم، ويعمل ثلثا هؤلاء في شركات متناهية الصغر (أقل من 10 موظفين). ويعيش العديد من العاملين في القطاع غير المنظم في أسر فقيرة أو على حافة الفقر؛ ويعتبر نحو نصف العاملين في أفقر 20 % من الأسر في القطاع غير المنظم.

كما يعمل قرابة 90 % من اللاجئين العاملين في القطاع غير المنظم وهم من بين الأفراد الأشد فقرا في البلاد.


وقال التقرير إنّ الأردن كان من بين أوائل دول العالم على صعيد قيادة نموذج ريادي يرتكز على التنمية في الاستجابة للاجئين.

حيث تضمن هذا النموذج تركيزا مدمجا على الاستجابة لآثار أزمة اللجوء السوري مع القيام أيضا بتسريع التقدم التنموي في الأردن، وتعزيز وصول اللاجئين إلى فرص العمل والخدمات.


وخلال فترة تنفيذ إطار الشراكة الإستراتيجية، قام الأردن بمبادرات تقدمية، مثل منح تصاريح العمل للاجئين السوريين في قطاعات مثل الزراعة، والإنشاءات، وتجارة التجزئة، والصناعات التحويلية؛ ووفر الوصول المجاني إلى المدارس والإعفاء من الوثائق المطلوبة للالتحاق؛ وشمول اللاجئين في الخطط الوطنية المتعلقة بالوقاية والاستجابة والتطعيم ضد "كورونا".


وقامت الحكومة بتحديث خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية 2020 -2022 العام 2021 لشمول الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة كوفيد 19 وشمول المجالات ذات الأولوية، بما في ذلك الأمن الغذائي، والمأوى، والتعليم، والمياه والصرف الصحي، والحماية الاجتماعية، وسبل كسب الرزق.


وأكد التقرير أن معدلات الفقر والهشاشة ستزيد بسبب آثار الجائحة والنزاع السوري، ومحدودية المشاركة الشعبية في عمليات اتخاذ القرار تقويض العقد الا جتماعي في الأردن.


ومنذ 2015، تراجع الأردن 15 مرتبة على المؤشر العالمي حول الفساد والذي تنشره سنويا منظمة الشفافية الدولية، من المرتبة 45 إلى المرتبة 60 في العام 2020.

وكان علامة الأردن على مؤشر البيانات المفتوحة 53 (حيث احتل المرتبة82 من أصل 187 دولة)، وحقق الأردن 28 % فقط على صعيد التعبير والمساءلة في مؤشرات الحوكمة العالمية للعام 2020.


وفي العام 2021، قالت مؤسسة فريدوم هاوس "أن المجتمع الأردني لم يعد حرا"، بعد أن كانت تعتبره في السابق "حرا جزئيا"، حيث يعود ذلك بشكل رئيسي إلى القيود الجديدة على حرية التجمع، وعوامل مثل قلة التحضيرات أثناء أزمة كوفيد 19 والتي أضرت بجودة الانتخابات النيابية حيث كانت نسبة الإقبال على التصويت في الانتخابات النيابية بتاريخ 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020 الأقل خلال عقد، حيث وصلت إلى 29.9 % فقط ).


ووفقا للتقرير تم إحراز تقدم ملحوظ نحو تحقيق نتائج إطار الشراكة الاستراتيجية (2017-2022) الذي كان قد وضع سابقا، حيث أن 83 % من المؤشرات تم تحقيقها أو تجاوزها أو على المسار الصحيح. وفيما يخص النسبة المتبقية الـ (17 %)، تم تحقيق مؤشر واحد بشكل جزئي فقط بسبب إغلاق المشروع ، وسيتم حذف 3 مؤشرات لأن المشاريع المرتبطة بالمؤشرات قد تم حذفها أو إعادة هيكلتها.