"التنميط" بعيدا عن تقييم المحتوى.. هل هو "إجحاف" بحق مستخدمي منصات التواصل؟

Untitled-1
Untitled-1

منى أبو حمور

عمان- امتلاك ليلى (اسم مستعار)، حسابا على موقع "تيك توك" كان سببا في عدم إتمام خطوبتها بعد أن عرف الشخص الذي تقدم لخطبتها أنها تستخدم هذا الموقع ولديها عدد من المتابعين.

اضافة اعلان


النظرة النمطية التي يمتلكها أفراد بالمجتمع بسبب المحتوى الجدلي لهذا التطبيق، كان صدمة كبيرة لليلى، حينما وصلها أن الشخص الذي تقدم لخطبتها قد شكل وجهة نظره عنها بناء على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، بالرغم من أنها تقدم محتوى جيدا.


ولكنه، كما تقول ليلى، كغيره من الرجال، يعتقدون أن كل من يستخدم هذه المواقع متشابهون بكل شيء، لذا كوّنوا أفكارا مسبقة تشكلت بسبب الاستخدام السلبي من قبل البعض، من دون النظر إلى أن كل إنسان يستخدم تطبيقا معينا يقدم محتوى يتشابه مع فكره ومنطقه وطريقته بالتعاطي مع الأشياء.


"النظرة المجتمعية السائدة لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي و التنميط للأسف تظلم كثيرين وتلحق بهم وصمة اجتماعية في غير مكانها"، مستهجنة (ليلى) كيف يمكن بناء سمعة الشخص أو تقييم فكره فقط لأنه يستخدم إحدى منصات مواقع التواصل من دون حتى تقييم المحتوى الذي يقدمه.


لحق كثيرين من مستخدمي المواقع التواصل الاجتماعي انتقادات عديدة، خصوصا ممن هم في عمر متقدم، وهذا ما حصل مع حسن المصري (69 عاما) بعد أن قام بإنشاء حسابات جديدة له على مواقع التواصل الاجتماعي.


"بتفكر حالك صغير.. بعد ما شاب ودوه على الكتّاب.. مش حلوة لعمرك"، صفات سمعها المصري ممن حوله الذين يرون أن مواقع التواصل الاجتماعي للشباب والمراهقين، والمتقدمين في العمر لا يجوز أن يستخدموها، كل ذلك فقط لأن المجتمع حكم على أنها حكرٌ على فئة معينة.


الكثير من الصفات السلبية والأحكام المعممة يطلقها بعضهم على مستخدمي مواقع التواصل من دون الأخذ بعين الاعتبار المحتوى الذي يقدمه صاحب هذا الحساب، أو الطريقة والغرض من الاستخدام بعيدا عن الأحكام المطلقة، ضاربين بالأثر النفسي لهذا "التنميط" الشائع عرض الحائط.


لعل أهم الظواهر التي نشأت ورافقت وسائل التواصل الاجتماعي خاصة في السنوات الأخيرة هو توجه الجميع لاستخدامها، بحسب أخصائي علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع بغض النظر عن الفئة العمرية، مبينا أن هنالك من يتعرض للتنمر والتهكم، تحديدا لمن يستخدم تطبيق "التيك توك والسناب شات"، ومن هم من أصحاب الفئة العمرية المتقدمة.


وينوه جريبيع الفكرة السائدة عند أفراد المجتمع أن استخدام "التيك توك" مقتصر على الأطفال والفتيات تحديدا لغاية 25 عاما على سبيل المثال، وإذا كان هناك ممن هم أكبر عمرا يملكون حسابات عليها، يتم النظر إليهم نظرة دونية وفي كثير من الأحيان تطلق عليهم أحكام سلبية.


ويلفت جريبيع أن المجتمع حدد معايير معينة لكل فئة عمرية، وبالتالي توجد تصرفات مقبولة اجتماعيا في عمر الشباب ولكن ما بعد ذلك غير مقبولة، إذ أصبح المجتمع هو الذي يحدد معايير السلوكيات ويحكم عليه، تحديدا باللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي، وتنمط المستخدمين بأوصاف ليست موضوعية، حتى وإن كان ما يقدمونه محتوى إيجابيا وهادفا.


إلى ذلك، فإن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل دائم أصبح ظاهرة سلبية من وجهة نظر جزء من أبناء المجتمع؛ تستدعي التوقف عندها، تحديدا حينما يتم وصم فئات معينة ممن يستخدمونها بالجهل وعدم الوعي. وبحسب تقرير التواصل الاجتماعي في الأردن فإن عدد الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت في الأردن يصل إلى حوالي 8 ملايين شخص.


2.7 مليون شخص يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي وذلك العدد نسبته 25 % من عدد السكان.


ويبلغ استخدام الأردنيين للإنترنت بنسبة تصل لثماني ساعات يومياً، وفي هذا التقرير سنتعرف معا على إحصائيات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن.


في الأردن هناك 5 ملايين و700 ألف حساب على الفيسبوك، و675 ألفا على التويتر، ومليون حساب على سناب شات وتطبيق "لينكد إن" مليون مستخدم، بينما يصل عدد الأشخاص الذين لديهم حسابات على موقع إنستغرام لمليون مستخدم.


أخصائي علم النفس التربوي الدكتور موسى مطارنه يشير بدوره إلى أن هذا التنميط ناجم عن عدم قدرة المجتمع باستيعاب الرأي الآخر، رغم أن كل منصة تحمل إيجابيات وأيضا سلبيات، والمعطيات الثقافية تختلف وتتغير من شخص إلى آخر.


ويشير مطارنة إلى أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يقدمون محتويات مهمة وجادة على مواقع التواصل الاجتماعي وممكن الاستفادة منها كثيرا، مثل التيك توك والسناب شات، كما أن البعض كالإعلاميين وأصحاب المحتويات الهادفة يستخدمون كافة أنواع مواقع التواصل الاجتماعي وهذا حقهم الطبيعي لايصال رسائلهم.


"بغض النظر عن الناس التي تقدم محتوى لا يلقى رواجا او تقبلا من المجتمع فهذه قضية فكرية"، لافتا إلى أنه لا بد من تقبل الآخر وابتعاد الشخص عما لا يروق له من دون الإساءة أو التعميم و تنميط من يستخدم هذه المواقع.


الإنسان الذي يطلق التعميم أو ينمط مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بأشكالها المختلفة، فقط لوجود بعض من يقدمون محتوى غير مقبول، هو إنسان سلبي كما يقول مطارنة وغير قادر على مواكبة التطور والتغيير. ويشير إلى أهمية احترام آراء الآخرين وتقبلهم، بعيدا عن الهمز واللمز وإلحاق الصفات السلبية بمستخدمي هذه الوسائل.


التنميط أو إصدار صفات معممة ومطلقة على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، "تفكير مجحف"، ويتسبب بأضرار نفسية لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب أخصائي علم النفس الدكتور أحمد الغزو. ويلعب مدى التأثر النفسي لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بهذه النظرة النمطية بحسب نظرة الشخص لذاته وإلى هذا النقد الموجه له، حيث تزداد سوءا إذا شعر الشخص الذي أطلق عليه الحكم بعدم الإنصاف وأثر ذلك على ثقته بنفسه.