ريشة العتوم ترصد المشاهد الطبيعية وتمزجها بتناغم مع الحياة البشرية

1714827455888262900
جانب من لوحات التشكيلي منذر العتوم- (من المصدر)

يعتمد الفنان التشكيلي الأستاذ في كلية الفنون الجميلة- قسم الفنون التشكيلية في جامعة اليرموك الدكتور منذر العتوم في أعماله الفنية، على مناخات متعددة تراوحت ما بين الواقعية في بداية تجربته الفنية، والتعبيرية وصولاً إلى التعبيرية التجريدية.

اضافة اعلان


بدأ شغفه بالفن التشكيلي في مراحل مبكرة من حياته المدرسية التي كانت الأقرب إلى التجارب والدراسات الفنية وفق ما أكده في حديثه لـ "الغد"، مشيراً إلى أنه صقل موهبته الفنية عندما التحق بكلية الفنون الجميلة في جامعة اليرموك العام 1990، حيث تعلم الفن التشكيلي ومجالاته المختلفة على يدي أساتذة الفن في قسم الفنون التشكيلية آنذاك، كان معظمهم من الدول العربية والأجنبية.


في ذلك الوقت، كان العتوم يميل إلى مجال الرسم والتصوير، حيث قام بتنفيذ العديد من الأعمال الفنية والجدارية، ونظراً لتحقيق طموحه في تطوير تعليم الفن في الأردن، عزم على إكمال دراساته العليا في التخصص، فتوجه إلى روسيا لدراسة مرحلتي الماجستير والدكتوراه، حيث تعرف هناك إلى العديد من الفنانين واحتك بتجاربهم الفنية المتنوعة، مما ساعد على تعميق وصقل موهبته الإبداعية التي تجلت انعكاساتها على إبداعاته الفنية في السنوات الأخيرة.


ويلاحظ المتتبع لأعمال العتوم، أنه ثمة تناغما ما بين إبداعاته ومواهبه الفنية المسلحة بالخبرة، حيث عمل بعد تخرجه وعودته إلى الوطن في التدريس في العديد من الكليات والجامعات داخل الأردن وخارجه، مما أكسبه خبرات متنوعة جديدة حسب قوله: "درست المواد النظرية والعملية مثل، مواد الرسم والتصوير في جميع مستوياتها من التأسيسية إلى المتقدمة، وتاريخ الفن والتربية الفنية، أسعى جاهداً إلى معرفة استراتيجيات تعليم الرسم بشكل خاص والفن التشكيلي بشكل عام، من خلال العمل على تأسيس مرجعية قوية لتدريس الفن التشكيلي في المدارس والجامعات.


وبحكم عمله أكاديمياً أستاذا في جامعة اليرموك، استطاع العتوم، العمل على تطوير مهاراته وكفاءاته من حيث التدريس والبحث العلمي والإنتاج الفني والتميز بها، وهي بطبيعة الحال تعود إلى قدرات وإمكانيات عالية، فمن المعروف والمتداول، أن أساتذة الفن يأخذون منحى التنظير؛ لكن بالنسبة للعتوم، إضافة إلى تدريسه الرسم والتصوير وإنتاجه الإبداعي الغزير، فإنه باحث على مستوى الوطن العربي، فهو مؤلف للعديد من الكتب في الفنون والتربية الفنية، وله أكثر من أربعبين بحثاً محكماً في مجلات علمية محكمة في هذا المجال، ورئيساً لتحرير المجلة الأردنية للفنون ومحكم للعديد من المجلات وعضو تحرير لأكثر من مجلة في مجال الفنون.


والمتتبع لأعمال ومعارض العتوم سواء الشخصية أو الجماعية، يجد عامل الخبرة حاضراً بقوة في فنه المتأرجح بين الواقعية والتجريدية.


وفي تجربته الأخيرة لمعرضه الشخصي المعنون بـ"تجليات الطبيعة"، يشير العتوم إلى أن هناك تنوعاً ما بين طبيعة موضوعاته التي تقترب من تناول القضايا الاجتماعية، لكنها أقرب إلى تناول المشهد الطبيعي الذي يسيطر على تأملاته ورصد ما في الطبيعة من مواقف، وربطها أحياناً بالطبيعة البشرية، كما هو الحال في معرضه الرابع المعنون بـ"آفاق النفس"، الذي أثر على توجهات العديد من الفنانين الشباب في طريقة تناول الطبيعة موضوعا.


ويتبنى العتوم، فلسفة تدريسية تقوم بالأساس على إيجاد الجو الأكاديمي الحضاري الآمن من خلال، توفير بيئة تعليمية مناسبة، يمكن أن تتمثل في أهمية ترك الأثر الإيجابي في نفوس الطلبة، وتقدير ظروفهم والتعاون معهم على حل مشكلاتهم الأكاديمية، استخدام التعزيز، وتشجيع جميع الطلبة كل حسب إمكانياته، والسعي إلى تنمية شخصية الطلبة بجوانبها المختلفة، مع التركيز على الجوانب النفسية والمهارية، وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة في العملية التعليمية التعلمية، وربط الفن بواقع الحياة قدر الإمكان، وزرع القيم والمبادئ الأكاديمية، والعمل بموضوعية وتحقيق العدالة، إضافة إلى استخدام استراتيجيات تدريسية حديثة ومتنوعة.

 

وبحسبه، إن هذه المبادئ وغيرها، تساعد الكثير من الطلبة على تطوير مهاراتهم وصقل خبراتهم ونقل مستواهم من مرحلة إلى أخرى، كما تساعد على تكوين ثقافة بصرية شاملة تبدأ باختبار العالم الواقعي الملموس والقضايا والمواضيع الاجتماعية، التي تبدأ بالاعتماد على أسس العمل الأكاديمي وصولا إلى البحث والتجريب، لتمكين القدرات البصرية وصقلها في مراحل متقدمة بالاعتماد على التنوع ما بين المدارس الفنية الحديثة والمعاصرة، وصولا إلى بناء خط فني خاص يعتمد على الرؤية الشخصية، وهذا بطبيعة الحال يساهم في إعدادهم مستقبلا لسوق العمل وبتنافسية عالية.


ويرى العتوم، أن الإبداع الفني الذي يقوم به الفنان يشتمل على إدراك واسع لما يحيط به، والفن عبارة عن رسالة يختلف محتواها بحسب مرسلها وطبيعة متلقيها، فالعمل الفني عبارة فكرة ولغة بصرية، تكون على شكل صور بصرية تحتاج إلى فك شيفرتها، كما يعد العمل الفني، وسيلة اتصالية غير لفظية لها دور أساسي في عملية الاتصال مع المتلقي، وتقدم معلومات قد لا تتاح من خلال الاتصال اللفظي بمفرده، ويمكن بهذا الوصف رؤية العمل الفني وتأمله وفهم رسالته.


وهذا يتطلب من المتلقي، فك هذه الرموز التي تحتاج بطبيعة الحال إلى ثقافة بصرية يمكن تطويرها وتحسينها من خلال، متابعة ومشاهدة أعمال الفنانين باستمرار، مضيفاً من خلال خبرته الشخصية، أن المجتمع الأردني مجتمع "ذواق" ويحب الفن وممارسته واقتنائه.


ويذكر أن العتوم من مواليد الأردن العام 1972، وعمل في الجامعات السعودية حتى العام 2010، وألقى العديد من المحاضرات النظرية والعملية ونفذ الورش التدريبية في مجال الفنون التشكيلية في الرسم والتصوير، والتربية الفنية، وتاريخ الفن والتجريب بالخامات لأبناء المجتمع المحلي داخل الأردن وخارجه.


وشارك في العديد من الملتقيات الفنية، والمعارض الفنية المشتركة في الأردن وروسيا البيضاء وبولندا والسعودية، وأقام خمسة معارض شخصية، الأول: العام 1997 في مدينة منيسك بعنوان "الحنين"، والثاني في خاينوفكا بولندا العام 2003 بعنوان "الطريق"، والثالث في الأردن العام 2018 بعنوان "تراتيل"، والرابع في الأردن العام 2021 بعنوان آفاق النفس"، والخامس في الأردن العام 2022 بعنوان " تجليات الطبيعة" 


كما أنه حكم للعديد من الأعمال الفنية والمسابقات المختلفة، للعديد من المؤسسات الوطنية والإقليمية، وعمل عضوا في الإشراف على مناهج الفنون في الأردن، وهو عضو رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين.

 

اقرأ أيضاً: 

"رؤى 32" يحتضن 31 عملا فنيا للتشكيلي منذر العتوم

"آفاق النفس" للعتوم.. 31 عملا فنيا مشغولة بخصوصية التجربة والخبرة