التجربة المصرية

باستثناء الأهلي والزمالك والإسماعيلي والاتحاد السكندري، فإن غالبية أندية الدوري المصري تتبع إما لشركات أو جهات رسمية، فهناك أندية تحمل اسم اتحاد الشرطة والإنتاج الحربي وحرس الحدود وطلائع الجيش والداخلية وبتروجيت وغزل المحلة ومصر المقاصة والمقاولون العرب وإنبي، وغيرها من الأندية التي تتمتع برعاية كاملة ودعم مرتبط باسم ووجود الجهة التي تمثلها، مما رفع درجة الاستقرار في أروقتها وعزز تواجدها بين فرق النخبة في الدوري، بل وأسهم إلى حد كبير في إعادة توزيع القوى بين فرق الدوري، التي اقتصر التنافس فيها على الأهلي والزمالك وأحيانا الاسماعيلي إلى وقت قريب.اضافة اعلان
لو نظرنا إلى جدول الترتيب الحالي للدوري المصري، نلاحظ أن الأهلي يتصدره بفارق نقطة واحدة فقط عن حرس الحدود، الذي يتقدم بنقطتين على مصر المقاصة واتحاد الشرطة، فيما يحل الزمالك العريق في المركز الخامس، والاسماعيلي بالمركز السابع، وفي الأمس القريب، كان فريق إنبي الذي يحمل اسم الشركة الهندسية للصناعات البترولية والكيماوية يتفوق على كل من “المقاولون” والأهلي والزمالك ويحقق بطولة كأس مصر للمرة الثانية في تاريخه رغم حداثة حضوره بين الكبار.
أغنت أندية الشركات والجهات الرسمية الكرة المصرية، ودعمتها بالكفاءات التدريبية والمواهب الشابة التي وجدت الفرق التي ترعاها وتأخذ بيدها نحو النجومية، كما عززت من قدرة المنتخب المصري الذي  يضم حاليا توليفة متكاملة من لاعبي هذه الأندية، وبات تمثيل كل من الأهلي والزمالك اقل حضورا على القائمة التي كانت تتقاسم لاعبي الفريقين بشكل مستمر، وكل ذلك إلى جانب تدعيم البنى التحتية من خلال إنشاء ملاعب متقدمة ومدن رياضية حديثة خففت عن كاهل الدولة ووسعت من قاعدة الممارسة على مختلف الصعد.
التجربة المصرية تعد ثرية ورائدة في هذا المجال، وهي تحاكي تجارب اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول التي وجدت في الشركات الوطنية ضالتها بتحقيق الدعم للتحول نحو الاحتراف، وهو ما نفتقده هنا في الأردن، رغم وجود عدد من الهيئات والمؤسسات والشركات القادرة على القيام بهذا الدور، وبعث الحياة في كرة القدم النادوية التي وصلت إلى حال صعب، خاصة ونحن نضع أقدامنا على طريق الاحتراف ومتطلباته الكبيرة التي لا يمكن للدولة أن توفيها ونحن نعيش ضائقة مالية صعبة، فتجربتنا الحالية لا تتعدى شركات تدعم وترعى بشكل موسمي، وتبتعد عن التخطيط طويل المدى، وتبحث عن فوائد مرحلية، ولا يتم التجديد في الغالب بعدم الحصول على النتائج السريعة المترتبة على هذا الدعم.
أتمنى على اتحاد الكرة دراسة الفكرة بشكل جاد، والقيام بزيارات إلى عدد من المؤسسات المرشحة لتبني فرق رياضية أو تأسيس أندية جديدة تضيف لبنات إلى ما هو موجود، وترفع من أعمدة الإنجاز، وتسهم بتدعيم القدرات الإدارية والفنية وتعيد رسم خريطة المنافسة، مما يحقق الإيجابيات التي نأملها ونتمناها جميعا.

[email protected]