تقرير الفقر: مزيد من الاستنتاجات!

استجابة لدعوة دائرة الإحصاءات العامة جمهور الباحثين للتوسع في تحليل تقرير الفقر، نستكمل اليوم ما بدأناه الأسبوع الماضي من استعراض للاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من التقرير المذكور.

اضافة اعلان

أولاً: تبعا لنتائج التقرير فقد تراجع معدل الفقر من %14.2 إلى %13.0 خلال الفترة 2002-2006 في حين ارتفع هذا المعدل من %13.0 إلى %13.3 خلال الفترة 2006-2008، رغم تعرض الاقتصاد الوطني لصدمات حادة خلال الفترة الأولى في أعقاب الحرب على العراق. وعليه يمكننا القول إن السياسات والإجراءات الحكومية خلال الفترة الأولى كانت داعمة للفقراء أكثر من تلك التي طبقت خلال الفترة الثانية!

ثانياً: قدّر التقريرعدد الذين يعانون من الفقرالمدقع بحوالي 15000 نسمة، أو ما نسبته %2 من عدد الفقراء. وعلى الرغم من تواضع هذا الرقم، فإن على الحكومة تحديد أماكن تواجد هؤلاء واتخاذ إجراءات سريعة لمساعدتهم، لأن الفقر المدقع يعني عدم تمكن الفرد من تأمين الاحتياجات الغذائية الأساسية التي تمكنه من ممارسة نشاطاته اليومية والبقاء على قيد الحياة، ناهيك عن عدم القدرة على تأمين احتياجات السكن والتعليم وغيرها من السلع والخدمات!

ثالثاً: بلغت نسبة من تقل أعمارهم عن 15 عاما لدى الشريحة الأفقر حوالي %48. ويعني ذلك انعدام قدرة هذه الشريحة على توفير التعليم لأبنائها بنوعية تماثل ما تقدمه الشريحة الأغنى، هذا إذا استطاع أبناء الشريحة الأفقر إكمال تعليمهم الثانوي إبتداءً! وغني عن القول إن استمرار هذا الحال سيجعل الشريحة الأولى تدور في حلقة مفرغة من الفقر، كما يؤثر ذلك على تكافؤ الفرص بين أبناء الشريحتين! وهذا يمثل وجهاً آخر لازدواجية التنمية، حيث يحصل أبناء الأغنياء على الفرص الأفضل والمواقع القيادية، في القطاعين العام والخاص، في حين ينضم أبناء الفقراء إلى طابور العاطلين عن العمل، أو يحصلون على وظائف عادية في أحسن الأحوال!

رابعاً: جاءت مجموعات السكن والنقل و"الوقود والإنارة" في صدارة السلع والخدمات التي تستحوذ على النصيب الأكبر من إنفاق الشريحة الأفقر، بنسبة بلغت %20 و %7 و %6 على الترتيب. وهذا يعني أن استمرار ارتفاع أسعار وأجور المساكن، إلى جانب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، من شأنه أن يؤدي إلى ازدياد نسبة الفقر في المستقبل. وفي الوقت الذي نتفهم فيه رفع الدعم عن المشتقات النفطية للحد من التشوهات الاقتصادية وتقليص الأعباء على الموازنة، فإننا ندعو إلى مراجعة قانون المالكين والمستأجرين بحيث لا يكون منحازا ضد الفقراء.

خامسا: في الوقت الذي أسهمت فيه تحويلات صندوق المعونة الوطنية، التي وصلت إلى 74 مليون دينار عام 2008، في تخفيض نسبة الفقر بمقدار 0.6 نقطة مئوية، فقد قدر التقرير فجوة الفقر، أو الإنفاق اللازم للقضاء على الفقر في ذلك العام، بحوالي 101 مليون دينار. وبالتالي يمكن القول بأن تحويلات الصندوق لا تسهم بالضرورة في الحد من مشكلة الفقر بقدر ما تسهم في نقل المستفيدين من معوناته من حالة الفقر المدقع الى حالة الفقر المطلق، إلى جانب تقليص التفاوت في درجات الفقر بين الفقراء أنفسهم.

سادسا: رافـــــق ارتفاع نسبة الفــــقر بين عــــامي 2006 و2008 زيادة في إنفاق الشريحة الأفقر على مجموعتي "التبغ والسجائر" و"الشاي والقهوة" بنسبة %9 و %16! ويعكس ذلك إما تشوّه النمط الاستهلاكي لدى الفقراء أو وجود ارتباط طردي بين نسبة الفقر ومستوى "الكَيف المشروع" اجتماعيا لدى الأردنيين، أو كليهما!