في النمو الإقتصادي!

حسب البيانات الأولية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، فقد بلغ معدل النمو الاقتصادي، بالأسعار الثابتة، في عام 2009 ما نسبته 2.8% مقابل 7.8% في عام 2008، الأمر الذي يشير الى حدَة التباطؤ الذي عانى منه الاقتصاد الوطني في العام الماضي.

اضافة اعلان

أما بالأسعار الجارية، فقد سجَل معدل النمو في عام 2009 ما نسبته 8.0% مقارنة مع 24.9% في العام الذي سبقه، ما يعني أن معدل التضخم، حسب مُخفّض الناتج المحلي، قد بلغ حوالي 5.2% في العام الماضي، علماً بأن هذا المؤشر، طبقا للرقم القياسي لأسعار المستهلك، قد سجَل انكماشاً نسبته 0.7% في العام المذكور. وهذه مفارقة تستحق الوقوف عندها في ضوء المعلومات التي كانت تؤكد أن التضخم المستورد يشكّل أكثر مما نسبته  50% من التغير في المستوى العام للأسعار!

وعودة الى معدل النمو بالأسعار الثابتة، فإننا نجد أن مساهمة قطاعات "النقل والاتصالات" و"منتجي الخدمات الحكومية" والإنشاءات قد بلغت ما مقداره 1.1 و0.9 و0.7 نقطة مئوية، على الترتيب. وبذلك تكون هذه القطاعات قد ساهمت بحوالي 96% من إجمالي النمو! في الوقت  الذي أسهم فيه قطاع التعدين وبند "صافي الضرائب على المنتجات" بانكماش الناتج المحلي بحوالي 36%، إثر تراجعهما بنسبة 28.6% و 2.9%، على التوالي. ويعكس ذلك تراجع الطلب العالمي على كل من الفوسفات والبوتاس، إلى جانب انخفاض حصيلة الضرائب نتيجة تراجع أرباح الشركات وقيمة المستوردات وتباطؤ قطاع العقار.  

ومن الجدير ذكره أن القطاعات الثلاثة الدافعة للنمو في العام السابق قد كانت هي ذاتها التي قادت النمو عام 2008، حيث كانت المساهمة المطلقة للأول والثالث منها متقاربة جداً في العامين المذكورين، في حين قفزت مساهمة قطاع "منتجي الخدمات الحكومية" من 0.5 الى 0.9 نقطة مئوية في عام 2009 نتيجة نمو بند الرواتب والأجور في العام الماضي.

إلى جانب ذلك، فقد أظهرت البيانات تباطؤاً حاداً في قطاعي "الصناعات التحويلية" و"خدمات المال والتأمين"، لينموا بما نسبته 2.4% و0.7% مقابل ما نسبته 6.1% و8.3% في عام 2008، على التوالي. ويعزى ذلك إلى تراجع الطلب المحلي والخارجي على منتجات قطاع الصناعة التحويلية، وتأثَُر قطاع المصارف بأداء الاقتصاد وحالة عدم التيقَُن التي سادت في العام الماضي، بشكل عام، إضافة إلى عجز بعض الشركات الكبرى عن الوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك ما دفع البنوك الى اتباع سياسات إئتمانية متحفظة وأدى الى تراجع طفيف في مستوى التسهيلات الإئتمانية، عند استثناء المرابحات الدولية.

وحول مشهد النمو الاقتصادي في العام الحالي، فلا يتوقع أن يبقى قطاعا "منتجي الخدمات الحكومية" والإنشاءات بين مجموعة القطاعات الدافعة للنمو في ظل السياسة المالية الانكماشية، من جهة، والتباطؤ الذي يعانيه قطاع العقار، من جهة أخرى. إلى جانب ذلك، فإن التوقعات تشير إلى إمكانية استمرار التباطؤ في أداء قطاعي "الصناعات التحويلية" و"المال والتأمين" نتيجة انخفاض ربحية الشركات، وتباطؤ الاستثمارات، وتقلص هامش أسعار الفائدة. فما الذي سيقود النمو في عام 2010؟ وماذا سيكون مستوى هذا النمو؟ أسئلة تبقى برسم الإجابة المستقبلية. 

[email protected]