نحو آلية مؤسسية لانتقاء موظفـي الفئات العلـيا

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن "وجبات" الإحالات على التقاعد والتعيينات الجديدة بين موظفي الفئات العليا. وقد نال الحكومة ما نالها من سهام الانتقاد والاتهامات بتصفية الحسابات أو تقديم الترضيات! وربما تكون  تلك الاتهامات محض افتراء، ولكن الطريقة التي تمت بها عملية الإحالات والتعيينات ساعدت على انتشارها وربما تصديقها. ولتلافي ذلك فقد شكلت الحكومة لجنة لانتقاء موظفي الفئات العليا، ولكن يبدو أن هذه اللجنة لم تنفذ المهام التي نيطت بها حتى الآن!

اضافة اعلان

ومن الجدير ذكره أن تشكيل "لجان الانتقاء" قد بدأت في عهد حكومة السيد فيصل الفايز واستمرت في عهد سلفه الدكتورعدنان بدران. وقد لعبت هذه اللجان حينها دوراً في تعيين العديد من الأمناء والمديرين العامين، أذكر منهم على سبيل المثال أمين عام وزارة التخطيط، وأمين عام وزارة الاتصالات، وأمين عام وزارة التعليم العالي، ومديرعام دائرة الأحوال المدنية والجوازات.

ولكن اللجنة المذكورة غابت أو غيبت، في بعض الفترات، من قبل الحكومات اللاحقة، لتعود، ولكن من دون فعالية حتى الآن، في عهد الحكومة الحالية. ونعتقد أن اللجنة قد تسهم، إلى حد ما، في تحقيق العدالة من خلال إتاحة الفرصة لأكبرعدد من المؤهلين للمنافسة على الوظيفة ذاتها. وعلى الرغم من أن اللجنة ليست معصومة عن الخطأ فإنها تعمل على استثناء غير المؤهلين لشغل الوظائف العليا، حيث تدرس السير الذاتية للمرشحين وتقابلهم وتطرح الأسئلة عليهم. ولا يجرؤ الوزير المعني على الدفاع عن الضعفاء منهم، سواء من حيث الخبرة أو المؤهلات أو القدرات الشخصية. ولا يعني ذلك مطلقاً أن من تم تعيينهم مؤخراً لم يكونوا أهلاً لذلك. 

ومن هنا فإننا ندعو إلى مأسسة تشكيل هذه اللجنة لتصبح لجنة دائمة بغض النظر عن الحكومات، التي تذهب وتجيء. بحيث يتم تشكيلها برئاسة وزير تطوير القطاع العام وعضوية الوزير المعني، ووزير العدل، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس ديوان الخدمة المدنية. ونقترح أن يتم تحديد مهام هذه اللجنة وآلية عملها من خلال مدونة سلوك تنشرعلى الملأ.

 ولغاية تحقيق الاستقرار الوظيفي فإننا نقترح أن يتم تعيين موظفي الفئات العليا بعقود لا تقل مدتها عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن خمس، على أن تكون قابلة للتجديد مرة واحدة. بحيث لا يمكن تغيير الموظف خلال فترة العقد إلا في حالات استثنائية يجب أن تحدد مسبقا، كالفساد وارتكاب الجنح المخلة بالشرف وما شاكلها. وعند ذلك يعرف الموظف، وغيره، الساعة التي سيغادر موقعه فيها من دون أن تطاوله الألسن ومن دون أن تطاول الحكومة سهام الانتقاد.

وفي حالة اتخاذ قرار بعدم التجديد للموظف بعد انتهاء فترة العقد، فإننا نقترح أن يتم إشعاره بذلك قبل فترة لا تقل عن ثلاثة أشهر، على أن يتم خلال هذه الفترة الانتقالية اختيارالموظف الجديد ليتسنى له استلام الملفات التي يجري العمل على تنفيذها، وتكوين معرفة كافية عن نشاطات الوزارة أو المؤسسة التي سيعمل فيها لضمان انتقال سلس ومؤسسي للمهام من موظف إلى آخر.

[email protected]