بعد عمليتين متزامنتين.. هل يعيد "داعش" تنظيم صفوفه؟

عائلات سورية تفر من المواجهات بين القوات الكردية و"داعش" في الحسكة أول من أمس -(ا ف ب)
عائلات سورية تفر من المواجهات بين القوات الكردية و"داعش" في الحسكة أول من أمس -(ا ف ب)

موفق كمال

عمان - اعتبر خبراء في التنظيمات الإرهابية أن تنفيذ تنظيم داعش الإرهابي لعمليتين عسكريتين متزامنتين الخميس الماضي، الاولى على سجن الحسكة والسيطرة عليه، والأخرى استهدفت ثكنات عسكرية في محافظة ديالى، هو تطور خطير على تنامي قوة هذا التنظيم في كل من العراق وسورية.

اضافة اعلان


ورأوا أن هناك عدة عوامل ساعدت تنظيم داعش في استعادة بناء قدراته في هاتين الدولتين، من بينها النزاع السياسي وعدم الاستقرار الأمني فيهما، وهو ما شجعه على استهداف منشآت عسكرية تنطوي على صعوبة، وليست أهدافا مدنية سهلة.


وفي هذا الصدد، أوضح خبير التنظيمات الإرهابية حسن أبو هنية، ان عملية سجن الحسكة التي جرت الخميس الماضي ما تزال تداعيتها مستمرة، وتوضح أن هناك تناميا لتنظيم داعش في كل من سورية والعراق.


ويضيف أبو هنية: "تظهر هذه الهجمات الكبيرة والمعقدة، والتي تحتاج إلى تكتيك عسكري في الهجوم والانسحاب وإحكام السيطرة، والتي تزامنت مع هجوم على ثكنات عسكرية عراقية في منطقة ديالى شمال بغداد، وأسفرت عن مقتل 11 جنديا من بينهم ضباط في الجيش العراقي، تظهر أن تنفيذ أكثر من عملية في آن واحد، يبدد ما ذكره بعض الخبراء العام 2019 بأن التنظيم انتهى ولن تقوم له قائمة.


ويزيد: "كما تشير إلى أن المواجهات مع التنظيم من خلال قوات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، لن تنتهي، على الرغم من إضعافه وهدم خلافته، فضلا عن أن الأحداث الأخيرة تؤكد أن التنظيم استعاد بعض قوته وبدأ بتنفيذ عمليات عسكرية على أكثر من جبهة، بعد أن استكمل إعادة هيكلته والعمل كمنظمة، وليس كخلافة".


ويتابع: "على طرف مقابل، تثبت هذه الأحداث أن قوات البلدين، سورية والعراق، لا تتمتع بالقدرات الكافية للقضاء على "داعش"، وان التنظيم عاد ليشكل خطرا، سواء في مراكزه الرئيسية في البلدين، أو في الدول المجاورة كالأردن والسعودية".


ويقول أبو هنية إن استعادة داعش بعض قوته، يعني أن هناك تراجعا في أداء قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بقيادة واشنطن، خاصة بعد إنهاء القوات الأميركية من وجودها في العراق واقتصاره على الاستشارة والتدريب.


ويؤيده في ذلك، الباحث في شؤون مكافحة الإرهاب العميد المتقاعد الدكتور سعود الشرفات، الذي يرى أن هناك تصعيدا من تنظيم داعش الإرهابي منذ بداية العام الحالي، وتعتبر عمليته الأخيرة الثانية في سورية، إذ كانت العملية الأولى مطلع الشهر الحالي ضد الجيش السوري، وقتل فيها عدد من أفراده.


ويتابع الشرفات: "أما العملية الثانية فاستهدفت سجن الغويران في الحسكة، المعروف بسجن الصناعة، والذي يخضع لإدارة قوات سورية الديمقراطية(قسد) تحت إشراف القوات الأميركية، حيث نفذت بالتزامن مع عملية عسكرية ضد ثكنات للجيش العراقي في ديالى".


ويضيف: "هذا يؤكد ان التنظيم استعاد قدراته العسكرية، كونه استطاع تنفيذ عمليتين في أكثر من مكان في الوقت ذاته وتحقيق أهدافه بسهولة، علما أن الأهداف العسكرية دائما تعتبر أهدافا صعبة، ولذا فهم لم يستهدفوا أهدافا مدنية رخوة، كدور العبادة والتجمعات التجارية.


ويتابع: "إن عمليات داعش في سورية والعراق ذات دلالات، اهمها أن تنظيم داعش استطاع استغلال ضعف الدولة وفشلها في كل من سورية والعراق، لاسيما في قدرتهما على السيطرة الأمنية والعسكرية في بلادهما، في ظل استمرار التناحر السياسي والطائفي في العراق، والصراع المسلح في سورية، وانسحاب القوات الأميركية من العراق ووقف المتابعة الحثيثة لقوات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، ما فتح المجال لتنظيم داعش للحركة لإعادة تنظيم نفسه".


ويشير إلى أن الأمر الخطير في هذه الأحداث أن داعش استعاد قدرته على الحركة، وتنفيذ عمليات متزامنة، مشيرا إلى أن تنفيذ عمليتين معا في دولتين بينهما حدود برية، يعني ان قدرات داعش باتت تفوق قدرات بمقومات عسكرية وجيش نظامي.


ويشير إلى أن تنظيم داعش سبق أن هاجم سجن الحسكة الذي يضم 3 آلاف معتقل، من بينهم ما يزيد على 300 نزيل من داعش، لافتا إلى أن التنظيم يسيطر في الوقت الحالي على السجن، فيما سبق عملية السيطرة هجوم وانفجارات نفذها داعش في مكان مجاور من السجن، بقصد تضليل القوات التي تحرسه، وإشغالها بأمر الانفجار على حساب الحراسة، وفي الاثناء قام التنظيم بتنفيذ العملية التي انتهت بمقتل 20 جنديا من قوات سورية الديمقراطية، و16 مقاتلا من داعش.


وحسب الشرفات، فإن التفكير بتحرير سجن الحسكة، تستوجب حشد مزيد من القوات المدربة لتتمكن من هزيمة مقاتلي داعش.


ويرجح، ان الهدف من تحرير داعش لعناصرها في سجن الحسكة، هو لغايات التوجه الى سجن (الهول) الذي يبعد مسافة ساعة ونصف الساعة عن سجن الحسكة، ومحاولة مساعدة معتقلي داعش على الفرار والتوجه الى الحدود العراقية السورية التي ربما تكون معقلا جديدا للتنظيم في جبال حمرين.


وعن الخطر المحتمل الذي يواجه الدول المحيطة من تنامي قوة تنظيم داعش، يقول اللواء المتقاعد محمود ارديسات، إن الأردن قادر على حماية حدوده لمنع خطر هذا التنظيم، لافتا إلى أن تطور داعش في عملياته العسكرية الأخيرة، وتحديدا سجن الحسكة، هو تطور مقلق على الساحتين السورية والعراقية، وكذلك على الساحة الاقليمية.


وقال ارديسات إنه عقب الجهد الذي بذل خلال السنوات السابقة لكسر شوكة داعش وهدم دولته المزعومة، فوجئنا مرة أخرى بظهور قوته، ما يدل أن هناك مناطق ما تزال رخوة على الساحتين السورية والعراقية، واللتين ما تزالان تضمان بؤرا يمكن ان ينطلق منهما داعش لتنفيذ عملياته في المحيط، وهو ما يستدعي من الأردن ومن أي بلد في المنطقة زيادة الحرص والانتباه لمواجهة خطر الإرهاب، وتشديد الإجراءات لمواجهة أي أعمال قد ينفذها داعش قرب الحدود الأردنية.


وأضاف هناك إخفاقات في الجانب الكردي المسيطر على منطقة الحسكة، وفي الوقت ذاته هناك ضعف في سيطرة الدولة السورية، إذ إن تعدد اللاعبين السياسيين والعسكريين، يمنح داعش فرصة استغلال هذا الضعف، وتوجيه ضربات عسكرية.

إقرأ المزيد :