كوريا تدرس تفاصيل "الناقل الوطني"

السفير الكوري جي وان لي يؤكد دعم بلاده لجهود الأردن لتحقيق السلام في المنطقة على أساس حل الدولتين
السفير الكوري جي وان لي يؤكد دعم بلاده لجهود الأردن لتحقيق السلام في المنطقة على أساس حل الدولتين

إيمان الفارس

عمان - قال سفير جمهورية كوريا الجنوبية في المملكة جي وان لي، إن حكومة بلاده تعهدت بتقديم 13.8 مليون دولار لمساعدة اللاجئين السوريين في الأردن والدول المجاورة، مبينا انه سيجري توفير المبلغ عبر المنظمات الدولية.

اضافة اعلان


وبين السفير لي في مقابلة خاصة بـ"الغد"، أن الأردن يمتلك موارد بشرية محترفة، لافتا إلى أن تكنولوجيا المستقبل، ستكون أحد مجالات التعاون بين البلدين في المرحلة المقبلة، مشيرا لوجود تشابه بين كوريا والأردن، بشأن قلة الموارد الطبيعية وزخم الموارد البشرية. واكد أهمية الاستثمار في رأس المال البشري.


وفي سياق المياه، بين لي أن حكومة بلاده تشارك الأردن مخاوفه بشأن النقص الخطر في الموارد المائية، وان بلاده تستكشف السبل الممكنة للمشاركة في مشروع الناقل الوطني، بينما تدرس حاليا تفاصيل المشروع، بما فيها آلية التنفيذ بطريقة منفتحة.


وأشار إلى أن العمل جار حاليا على تنفيذ مشروعين لإعادة تأهيل شبكات المياه في الكرك وجرش عبر الوكالة الكورية للتعاون الدولي (KOICA)، وتصل تكلفة كل مشروع إلى نحو 10 ملايين دولار.


وفيما يلي نص الحوار مع السفير لي:

• كيف تقيّمون العلاقات الأردنية- الكورية المشتركة اليوم، وتطورها وسط ما يشهده العالم من تحديات وأزمات سياسية واقتصادية وصحية؟

  • يصادف هذا العام، الذكرى الـ60 للعلاقات الدبلوماسية بين كوريا والأردن، بحيث فتح البلدان الباب في الـ26 تموز (يوليو) 1962 لتأسيس هذه العلاقات، وكانا صديقين حميمين.
    وعندما وصلت إلى عمّان قبل ثلاث سنوات، وجدت أن ثلث السيارات على الطريق الأردني من صناعة شركتي "هيونداي" أو "كيا" الكوريتين، ونصف ما يحمله الأردنيون من هواتف نقالة من صنع كوريا. كما أن رجال أعمال كوريين، وجودا أن الأردن بوابة لمنطقة المشرق العربي، فاستمروا في أعمالهم معها.

• هلّا حدثتنا عن مجريات تطور العلاقات الثنائية المشتركة في السنوات الـ60 الماضية، توازيا وأمثلة لما قدمته الحكومة الكورية لدعم الأردن في مجالات معينة كالبحث والطاقة؟

  • خلال هذه السنوات، طور البلدان علاقتهما على نطاق أوسع في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. وذلك مثل تقديم كوريا قرضا ميسرا لبناء مفاعل البحث والتدريب الأردني (JRTR) من العام 2010 الى 2016، وهي الحالة الأولى لبناء مفاعل نووي في الأردن، ويقع في إربد. وثانيًا، طورت كوريا والأردن التعاون في مجال الطاقة، وساهمت شركات الكهرباء الكورية في إمداد الكهرباء بأربع محطات طاقة، اثنتين فيها مواد كيميائية، واثنتين بمصادر متجددة. وتغطي الكهرباء التي تولدها الشركات الكورية 20 % من استهلاك الأردن، وتعاونت الدولتان بإدارة الموارد المائية أيضا، كما شاركت الشركات الكورية بإنشاء مرافق الصرف الصحي في ناعور. وكذلك فإن العديد من محتويات الثقافة الكورية، مثل K-pop و K-Drama و K-film، على شفاه الأردنيين كل يوم.

• وكيف تنظرون إلى مجالات التعاون على صعيد السياحة والصناعة؟

  • عندما وصلت إلى عمّان في العام 2019، كنت سعيدا برؤية نحو 25 ألف سائح كوري يزورون الأردن. وانعكاسا لذلك، سيتعمق التعاون بين البلدين بشكل أوسع هذا العام.
    وستعقد السفارة الكورية لدى الأردن، ندوة حول الثورة الصناعية الرابعة للوقوف على مجالات التعاون، سيما وأن الأردن، يمتلك موارد بشرية محترفة، وأعتقد بأن تكنولوجيا المستقبل ستكون أحد مجالات تعاوننا.

• هل نلحظ اليوم نوعا جديدا من التعاون الكوري- الأردني؛ أبرزه مساهمة الحكومة الكورية بدعم الأردن في الاستجابة للأزمة السورية، والمتدفقة نحو المساعدات الغذائية؟

  • في مؤتمر المانحين الدولي في بروكسل الشهر الماضي، تعهدت الحكومة الكورية بتقديم 13.8 مليون دولار لمساعدة اللاجئين السوريين، سيتم توفيرها عبر المنظمات الدولية، كالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، و"يونيسف"، وبرنامج الأغذية العالمي، والمنظمة الدولية للهجرة، بحيث سيخصص جزء منه للاجئين السوريين في الأردن، وتركز المساعدة على توفير الاحتياجات الأساسية، كالغذاء والتعليم والصحة، وستواصل الحكومة الكورية العمل مع المنظمات الدولية لمساعدة اللاجئين السوريين.

• ما حجم المساعدات الكورية المقدمة للجانب الأردني للعام 2022؟ هل لكم أن تشرحوا مجالات هذا الدعم من النواحي الاقتصادية والصحية والمائية والبيئية؟

  • منذ العام 1991، واصلت الحكومة الكورية التعاون الإنمائي مع نظيرتها الأردنية. وبلغ الحجم الإجمالي نحو 350 مليون دولار، وقدم الثلث (1/3) عبر المنح وتقديم الثلثين (2/3) عبر القروض الميسرة.
    وركزت الحكومة الكورية على تطوير الصحة والتعليم المهني وإدارة الموارد المائية. إن تاريخنا في التعاون الإنمائي، ليس طويلا ولكنه مليء بقصص النجاح.
    كما قدم نصف إجمالي المساعدة الإنمائية الرسمية للحكومة الكورية (ODA) للأردن كشكل من أشكال المنح، ونحو نصف الإجمالي خصص لتطوير قطاع التعليم، ويشمل التعليم والتدريب التقني والمهني (TVET) في الأردن. وكانت الإدارة العامة وقطاع الصحة أيضا، من المجالات ذات الأولوية لتعاوننا في تقديم المنح.
    وتنفذ الوكالة الكورية للتعاون الدولي حاليا، مشاريع إعادة تأهيل الشبكات في جرش والكرك بالتعاون مع وزارة المياه والري، كما نقوم بتنفيذ مشاريع تعليمية.
السفير الكوري خلال حديثه للزميلة إيمان الفارس أمس - (تصوير: ساهر قدارة)

• ما رؤية الجانب الكوري بخصوص الاستثمار في الموارد البشرية بالأردن؟

  • هناك تشابه بين كوريا والأردن. ليس لدينا موارد طبيعية كافية، ولكن لدينا موارد بشرية. ونعلم مدى أهمية الاستثمار في رأس المال البشري. في العام 2007، أنشأت (KOICA) ووزارة العمل الأردنية، المعهد الأردني الكوري للتكنولوجيا (JOKOTI) واستثمرت 8.3 مليون دولار لبناء المنشأة، وتقديم 5 دورات رئيسية لـ300 متدرب سنويا.
    وحتى الآن، تخرج 2500 متدرب من (JOKOTI)، ووجد 70 % منهم وظائف في الصناعات الأردنية. وتولي (KOICA) أهمية للاستدامة في مشاريع المساعدة، بحيث جرى الانتهاء من مشروع (KOICA) الرسمي، وواصلت الوكالة دعم رفع مستوى الدورات التدريبية، بإيفاد خبراء تقنيين كوريين وتطوير دورات جديدة، لتعزيز قدرة متدربي المشروع، والتعامل مع الطلب المتغير في سوق العمل.
    وكمثال، جرى تطوير دورة في صيانة السيارات لتعليم المهارات المحدثة في السيارات الهجينة والكهربائية، وافتتحت دورات في مجال التكنولوجيا والاتصالات عبر الهاتف المحمول، بالتعاون مع زين لتلبية المتطلبات المتغيرة في سوق العمل.
    وأخيرا، في مجال الإدارة العامة، قدمت (KOICA) الرقمنة لتحسين الكفاءة، كتقديمها نظام المشتريات الإلكترونية لسلطات المشتريات الأردنية، المسمى (JONEPS) أي نظام المشتريات الإلكترونية الأردني، بقيمة 9 ملايين دولار من العام 2014 وحتى 2020.
    وتحول نظام المشتريات المجزأ لأكثر من 100 وكالة عامة أردنية، إلى مشتريات إلكترونية واحدة نافذة، تجعل من الممكن توفير الوقت والميزانية. والآن، فإن (KOICA) تزود الحكومة الأردنية ببرامج بناء القدرات، لتدريب المسؤولين الحكوميين ليتمكنوا من الاستفادة الكاملة من نظام المشتريات الإلكترونية المعمول به.

• وماذا عن مجال دعم التعليم؟
أنشأت (KOICA) ثلاث مدارس للطلاب المحرومين في اربد والمفرق والزرقاء بميزانية قدرها 11 مليون دولار. وفي المتوسط، تقدم الحكومة الكورية 15 مليون دولار كمنح سنويا. وفي العام 2021؛ بلغ الحجم الإجمالي لبرامج المنح والمساعدات الإنسانية المقدمة من الحكومة الكورية 20 مليون دولار.

• يهتم الجانب الكوري بدعم جوانب مشاريع البناء والطاقة والمصانع في الأردن، وهو يقود للتساؤل عما إذا كانت الحكومة الكورية، تعتزم دعم المشروع الأضخم مائيا وماليا على مستوى الأردن، مشروع تحلية المياه في العقبة، وسط تقديم عدة دول وجهات مانحة تعهدات مالية للوصول إليه مؤخرا؟

  • تشارك الحكومة الكورية مخاوفها بشأن النقص الخطر في الموارد المائية التي يواجهها الأردن، وتستكشف السبل الممكنة للمشاركة في هذا المشروع، أثناء تنفيذ مشروع إدارة الموارد المائية، فيما تدرس حاليا تفاصيله بما فيها آلية التنفيذ بطريقة منفتحة.

• في هذا السياق، تهتم الحكومة الكورية بدعم الجانب المائي للأردن، بخاصة في ضوء تقييمها لوضعه المائي الحرج. فما حجم الدعم بهذا الصدد؟ وهل توجد تخصيصات مالية إضافية في سياق تأمين الأموال اللازمة لمصادر المياه الجديدة أو مشاريع الصرف الصحي؟

  • فيما يتعلق بقطاع المياه، يجري حاليا تنفيذ مشروعين لإعادة تأهيل شبكات المياه في الكرك وجرش من (KOICA). ويصل مبلغ كل مشروع إلى نحو 10 ملايين دولار. ونظرا لوجود اختلافات بين البلدين من حيث القواعد والأنظمة، فعند الموافقة على مثل هذا المشروع الضخم وتنفيذه كمشروع تحلية العقبة- عمان، من الضروري فحص التفاصيل أولاً؛ لأنه يتعين علينا الالتزام بأنظمتنا.
    وساهمت الحكومة الكورية في مجال إدارة المياه، بما يتجاوز الـ170 مليون دولار، وهو ما يمثل أكثر من نصف إجمالي تعاوننا الإنمائي مع الأردن.
    • وفيما يتعلق بالصناعات الكورية وقوة وجودها في الأردن، كيف تجدون حال السوق اليوم، المرتبط بالصناعات الكورية، وعقب التعافي من جائحة كورونا؟ وما حجم ميزان التبادل التجاري بين الاردن وكوريا اليوم؟
  • يسعدني تعافي الأردن من كوفيد- 19. وفي هذا السياق، استعاد حجم التجارة المستوى السابق بطريقة مرضية. وبلغ حجمها بين البلدين نحو 780 مليون دولار في العام الماضي. كما تجاوزت صادرات الأردن إلى كوريا 100 مليون دولار لأول مرة في العام الماضي.

• كيف تقيّمون دور المملكة الأردنية الهاشمية بتعزيز الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط، في ظل الأزمات المحيطة؟ بخاصة إحياء الحل السلمي للقضية الفلسطينية؟

  • تدعم الحكومة الكورية جهود جلالة الملك عبد الله الثاني لتحقيق السلام والاستقرار على أساس حل الدولتين، من خلال حوار حقيقي بين الأطراف المعنية. كما تقدر الحكومة الكورية عاليا، الدور الريادي والجهود الكبيرة التي يقوم بها جلالته في عملية السلام ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف في المنطقة وخارجها.
    وفي هذا السياق، تدعم الحكومة الكورية بالكامل مبادرة العقبة، وستستمر في المشاركة بنشاط فيها. كما تثني الحكومة الكورية على جهود المملكة المتواصلة في مواجهة أزمة اللاجئين السوريين، حتى في ظل وجود صعوبات داخلية وخارجية. وستلتزم الحكومة الكورية بشدة تجاه الأردن في هذا السياق.

• وصلتنا معلومات بأن مدينة بوسان الكورية، قد تكون المستضيفة لأعمال معرض إكسبو العالمي للعام 2030.. هل لكم أن تحيطونا علما بالتفاصيل؟

  • تأمل الحكومة الكورية بإقامة معرض إكسبو العالمي في بوسان في العام 2030. وفي أواخر العام 2023، سيجري تحديد المدينة المضيفة من مكتب المعرض الدولي (BIE).
    وبوسان هي ثاني أكبر مدينة في كوريا، وهي مدينة رمزية من نواح كثيرة. أولا، بوسان هي رمز للتحول من بلدة فقيرة للاجئي الحرب الكورية والجبهة الأخيرة ضد النظام الشيوعي الى مدينة متطورة بالتكنولوجيا. وثانيا، بوسان، هي محور النقل الذي يربط بين منطقتي المحيطين الهندي والهادئ وأوراسيا، وتمتلك ثاني أكبر ميناء للشحن العابر في العالم.
    وثالثا، تمتلك بوسان خبرات متعددة في إقامة الفعاليات الدولية. وعقدت العديد من الأحداث الدولية كالألعاب الآسيوية (2002)، ومؤتمر التنمية العالمي (2011). وبالنظر لهذه العناصر، فإن بوسان هي المرشح الأكثر تأهيلا لعقد معرض إكسبو 2030.

• وماذا بخصوص الأنشطة الثقافية للسفارة الكورية لدى الأردن في العام 2022؟

  • في الشهر الماضي، أقامت السفارة معرضا فنيا مشتركا، دعت إليه فنانين كوريين وأردنيين في صالة رأس العين. وستقيم السفارة في الـ26 تموز (يوليو)، حدثا مشتركا للتايكواندو بدعوة الفريقين الكوري والأردني.
    أما في أوائل آب (أغسطس)، فستزور فرقة فتيان كيبوب للمشاركة في مهرجان جرش الثقافي. ومنذ العام الماضي، دعت الحكومة الأردنية الفريق الثقافي الكوري للمهرجان. في النصف الثاني من هذا العام، ستقيم السفارة أيام الأفلام الكورية، ومسابقة الطعام الكوري، وورشة عمل حول التعاون التعليمي.

إقرأ المزيد :