لماذا تسرع؟ شباب يغريهم وهم القوة وغواية الطريق.. فيواجهون الموت

حادث سير على الطريق الصحراوي - (أرشيفية)
حادث سير على الطريق الصحراوي - (أرشيفية)
طلال غنيمات عمان - فيما يؤكد تقرير رسمي أن فئة الشباب هي الأكثر تضررا من الحوادث المرورية، بنسبة 47.5 %، يعزو مختصون سبب السرعات الجنونية على الشوارع إلى ما أسموه "ثقافة المغالبة" السائدة، وتدفع سائقين إلى جعل الشوارع أشبه بميدان للسباق. وفي هذا الصدد، يروي الشاب أسامة بكثير من الندم قصة تعرضه لحادث سير على طريق المطار قبل نحو عامين، بسبب قيادته المركبة بسرعة عالية وصلت إلى 200 كم في الساعة، ما أدى إلى إصابته بشلل في قدمه اليمنى. ويقول أسامة لـ"الغد" إن خلو الشارع من المركبات وقيادته مركبة حديثة ذات دفع رباعي أغراه بالقيادة بسرعة عالية، قبل أن يحدث خلل أدى إلى فقدانه السيطرة على المركبة التي انقلبت بشكل مرعب في الشارع. ويبدي الشاب أسامة ندمه الشديد على ما سماها "لحظة الطيش" التي عاشها وادت إلى عجزه عن الحركة بشكل طبيعي، ناصحا الجميع، خصوصا جيل الشباب، بتجنب القيادة المتهورة، والالتزام بالسرعات المقررة على الشوارع حتى لا يقع ما لا تحمد عقباه. بدورها، تؤكد إدارة الدوريات الخارجية أنه، وبالرغم من حملات التوعية المرورية المكثفة فيما يتعلق بالمخالفات الخطرة، إلا أن موضوع السرعات العالية "ما يزال يؤرقها في مواجهة مثل هذه التصرفات والحد منها". وتضيف: "للأسف يتم رصد العديد من مخالفات السرعات الجنونية على طرقنا الخارجية، من خلال كاميرات المراقبة الآلية، ويتم اتخاذ الإجراء القانوني من قبلنا". وبشكل شبه يومي، ترصد كاميرات المراقبة مخالفات قيادة بسرعات عالية لا سيما على الطرق الخارجية، وتقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة بحق مرتكبيها، فيما تواظب "الدوريات الخارجية" على نشر مثل هذه المخالفات كنوع من رسائل التوعية لنبذ مثل هذه التصرفات الخارجة على مبادئ حفظ النفس وايذاء الآخرين. وتتطرق بهذا الخصوص الى عدم تسجيل أي حادث مروري أو ضبط لأي مخالفة خطرة على الطرق الخارجية خلال 24 ساعة ماضية، مشيدة بوعي المواطن، ومتمنيا ان يكون هذا الأمر " مبشرا نحو انتهاء الظاهرة". من جهته، يؤكد عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين لـ"الغد"، أن "السلوك الاجتماعي الظاهري في الشوارع، والذي يتسبب بارتفاع معدلات الحوادث في الأردن يعود إلى ثقافة المغالبة المتجذرة، لا ثقافة النظام العام أو التسامح، كما أن عقلية الفوز على الآخر بغض النظر عن الطريقة أو الخطورة ما زالت تسيطر على سلوكيات أفراد المجتمع، انطلاقا من الأسرة وليس انتهاء في الشارع العام". وأضاف محادين، أن ارتفاع نسب التعليم لدى مجتمع شاب، وارتفاع نسب الحوادث في الوقت ذاته، يعدان "إحدى المفارقات المؤلمة والفريدة في المجتمع الأردني من المنظور العلمي، ما يدل على أن الشهادات العلمية مجرد أوراق، ونادرا ما تنعكس مفاهيم التنشئة السليمة على سلوكات الأفراد". وقال إن "المنظومة التربوية للشخصية الأردنية تُركز على الضبط الخارجي المرئي، المتمثل بالقوانين والأنظمة والتشريعات، التي تطبق بوجود رجال السير، وفي غيابهم، فيما يعده بعضهم تجاوز الآخرين فروسية على النظام العام". من جهته، قال مسؤول سابق في إدارة السير المركزية طلب عدم ذكر اسمه، إن الحوادث التي تسببها السرعات العالية عادة ما تكون أخطر وأكثر ضررا وإيلاما من غيرها، مشيرا إلى ان السبب الرئيسي الذي يدفع الشباب للقيادة بهذه الطريقة هو "الاستهتار سواء بأرواحهم أو أرواح غيرهم". وأضاف أن كاميرات المراقبة المخصصة لرصد السرعات ساهمت الى حد جيد بالتخفيف من ظاهرة السرعة العالية، لكنها وحدها لا تكفي لإنهاء الظاهرة، مشددا على ضرورة تكثيف التوعية وبطرق ووسائل متعددة تكون مقنعة للأجيال الصاعدة. أما التقرير الإحصائي للعام 2020 الذي أصدره المعهد المروري في مديرية الأمن العام، فأظهر أن الفئة العمرية بين 18 إلى 35 سنة، هي "الأكثر تضررا من الحوادث المرورية، وهي تشكل 47.5 % من مجموع جرحى ووفيات الحوادث المرورية". كما بين التقرير أن هذه الفئة، "سجلت أكبر عدد من الوفيات بنسبة 31.6 % من مجموع الوفيات الكلي، بينما سجلت فئة الأطفال ممن تقل أعمارهم عن 18 عاما، أكثر عدد من الإصابات البليغة، وبنسبة 34.2 % من مجموع الإصابات البليغة الناتجة عن الحوادث المرورية". كما سجلت الفئة ذاتها أكبر عدد من الإصابات المتوسطة بنسبة 43.3 %، وأكبر عدد من الإصابات البسيطة بنسبة 52.3 %. وأظهر التقرير أن فئة الذكور من هذه الفئة، هم الأكبر عددا من الجرحى جراء الحوادث المرورية بنسبة 49.8 %، كما سجلت إناث هذه الفئة أكبر عدد من الجرح بنسبة 42.7 %. وسجل ذكور هذه الفئة أكبر عدد من الإصابات البليغة بنسبة 35.4 %، في حين أن أكبر نسبة من الإصابات البليغة للإناث كانت ضمن الفئة العمرية 17 فما دون بواقع 39.3 %. وأشار التقرير إلى أن ذكور هذه الفئة سجلوا أكبر عدد من الإصابات البسيطة بنسبة 54.3 %، كما سجلت أكبر عدد من إصابات الإناث البسيطة بنسبة 46.1 %. واستنادا إلى التقرير السنوي للحوادث المرورية في الأردن للعام 2020 الصادر عن المديرية، فإن الحوادث المرورية تسببت بـ461 وفاة العام 2020 مقابل 643 وفاة في العام 2019، وبانخفاض 28.3 %، وشكل المشاة 35.5 % من الوفيات وعددهم 164، والسائقون 28.5 % بعدد 131 وفاة، والركاب 36 % بعدد 166 وفاة من كلا الجنسين في العام 2020.اضافة اعلان