وفاة "الطفل المتبنى" تجدد دعوات تفعيل التبليغ عن العنف

رسم تعبيري لطفل يتعرض للتعنيف - (أرشيفية)
رسم تعبيري لطفل يتعرض للتعنيف - (أرشيفية)

نادين النمري

عمان - ما تزال التحقيقات مستمرة في قضية وفاة طفل (7 أعوام)، فيما يكشف تقرير للطب الشرعي ان سبب الوفاة، حروق ناجمة عن تعرضه لمياه ساخنة، في وقت وجهت فيه تهمة القتل العمد لوالديه بالتبني، ليوقفا أسبوعين على ذمة التحقيق.اضافة اعلان
ووفق مصدر امني، فـ"للطفل ثلاثة أشقاء آخرين، جميعهم يحملون جنسيات اجنبية، تبناهم الزوجان في الخارج، ضمن ظروف غير معروفة بعد لجهات التحقيق، في حين لم يمض على اقامتهم في الاردن سوى أعوام قليلة".
ووفقا للمصدر "لا وجود لأي ملفات سابقة لأي من افراد العائلة واطفالها في المؤسسات المعنية بحماية الأطفال، ولم يرد اي شكاوى سابقة او بلاغات بشأن العائلة للجهات المعنية"، في حين حول الاطفال الأربعة حاليا، لدار رعاية تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية بأمر قضائي.
ولغاية الآن، لم تعرف دوافع إقدام الزوجين على تعنيف الطفل المتوفى، بينما ظهرت آثار عنف على شقيق له، يعاني حاليا من نزيف معدة.
مقربون من الزوجين، تواصلت "الغد" معهم، أبدوا صدمتهم بهذه الواقعة، مؤكدين ان العلاقة بين الزوجين والاطفال، كانت تسودها مشاعر الود والمحبة.
وكان الطفل المتوفى، نقل إلى مستشفى بعد ادعاء أنه "أصيب في حادث سقوط داخل حوض استحمام، جراء فتحه صنبور مياه حارة عن طريق الخطأ"، لكن وجود آثار كدمات سابقة على جسده "قادت لتحويل القضية من حادث الى شبهة جنائية بالقتل".
وحول عدم وجود ملف سابق للأطفال برغم عيشهم مع اسرة بديلة، اوضحت المصادر، بأن الزوجين تبنيا الاطفال خارج البلاد، وليس ضمن برنامج الاحتضان لوزارة التنمية الاجتماعية، لذا غابت المعلومات حول الاسرة، خصوصا وان الاطفال والزوجة من جنسية اجنبية، والاب يحمل جنسيتين اردنية واخرى اجنبية والاطفال تم تبنيهم في دولة اجنبية بعد وفاة والديهما.
الامين العام للمجلس الوطني لشؤون الاسرة الدكتور محمد مقدادي قال إن "هذه الحادثة، تضاف الى حالات اخرى لأطفال قضوا نتيجة عنف اسري".
وبين أنه "في حال كان الطفل متبنى أو بيولوجيا للأسرة، فمن المهم التركيز على إشكالية نعاني منها منذ فترة طويلة، تتبلور بضعف التبليغ عن حالات العنف ضد الأطفال والأسر، خصوصا مع ما يشاع عن ان الجيران كانوا على علم بوقوع عنف على اطفال هذه الأسرة".
وبين أن "قانون الحماية من العنف، افرد مادة خاصة للتبليغ عن العنف الاسري، وألزم مقدمي الخدمات والمواطنين بالتبليغ، وشدد على أن التبليغ إلزامي في الحالات الواقعة على الأطفال وفاقدي الاهلية".
ولفت الى ان القانون، يوفر حماية للمبلغين، بحيث لا تكشف هويتهم، ويجري التحفظ عليهم، داعيا المواطنين للتبليغ عن اي حالة، يشكون بأنها تتصل بعنف اسري او على الطفل.
وأوضح "أن تقارير الطب الشرعي بشأن جرائم قتل الأطفال والأسر، تبين وجود إصابات وضربات سابقة على أجساد الاطفال، ما يعني إمكانية الوقاية منها في حال بلغ شهود كالجيران او الاقارب عنها.
ولفت مقدادي الى جانب شديد الاهمية، يتعلق بمتابعة قضايا العنف ضد الأطفال والاسر، يتمحور حول خدمات الصحة والتأهيل النفسيين للناجين والمعنفين، مبينا ان عدم توفير هذه الخدمات سيؤدي لاستمرار المشكلة، وبالتالي فهناك حاجة لتعزيز المؤسسات بأخصائيين نفسانيين وخدمات تأهيل.
المديرة التنفيذية لمجموعة القانون لحقوق الانسان "ميزان" ايفا ابو حلاوة، تقترح تشكيل فرق تقص خاصة بالأطفال المحتمل تعرضهم للخطر، ولهم ملفات سابقة، وتحديدا في الجائحة، فالأطفال نتيجة لإجراءات الوقاية من فيروس كورونا والتعلم عن بعد، لم يعودوا على اتصال بمقدمي الخدمات التعليمية والاجتماعية.
وبينت أبو حلاوة أنه في حالات العنف ضد الاطفال، يجري غالبا التقدم بشكوى في حال كانت هناك خصومة بين الزوجين، بحيث يشتكي احدهم على آخر، لكن في الحالات التي يكون فيها الزوجان على وفاق، لا يجري التبليغ عن العنف.
وفي حالة الاطفال المتبنين أو المحتضنين من الخارج، تؤكد ابو حلاوة، اهمية التنسيق بين سفارات وقنصليات الدول المعنية، لضمان متابعة الاطفال، والتأكد من ضمان تحقيق مصلحتهم الفضلى.
وشددت على عدم تخفيف العقوبات في الجرائم الواقعة على الاطفال، او شمولها بالعفو، بالإضافة الى توفير ضمانات لتشجيع الشهود على التبليغ، ووضع مصلحة الضحايا، بخاصة الأطفال؛ محل رعاية وأولوية واحترام اختياراتهم والاستماع لآرائهم.
مستشار الطب الشرعي والخبير بحقوق الطفل والوقاية من العنف الدكتور هاني جهشان، بين ان الرعاية الاجتماعية البديلة، نظام لإيداع الأطفال فاقدي السند الاسري، وبينهم المتعرضون للإهمال والعنف، في مؤسسات رعاية اجتماعية، أو في اسر بديلة، بإشراف مباشر من الجهة الحكومية المسؤولة عن الرعاية الاجتماعية.
ولفت الى أن الاشراف الحكومي، يشمل بمرجعية التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية الخاصة بالطفل، ضمان توفير احتياجات الطفل الأساسية، في مراحل نموه وتطوره جسديا وصحيا ونفسيا وإدراكيا وعاطفيا، وفي التعليم والسلامة والحماية من العنف.
وأضاف جهشان أن الرعاية الاجتماعية البديلة، ترتبط بعوامل خطورة وعواقب تنعكس سلبا على الأطفال، وهذه حقيقة مؤلمة مرتبطة بفجوات تشريعية، وتحديات إدارية ومالية، وعقبات اجتماعية عديدة، وهي أكثر وضوحا في المؤسسات الاجتماعية، مقارنة بالأسر البديلة.
ولفت الى أنه يتوقع من هذه الأسر، توفير بيئة اسرية نموذجية طبيعية، لكن وللأسف، ففي الواقع ان عديدا منها فشلت.
وحول أسباب حالات العنف في الاسر البديلة، كغياب معايير اختيار الاسر على أساس علمي، وفشل الرقابة والمتابعة والدعم المالي والاجتماعي لها، وتواريها في المجتمع او السفر للخارج، وضعف برامج الوقاية والاكتشاف المبكر للإساءة، يصبح أطفال تلك الاسر، معرضين للعنف والإهمال، مقارنة بأقرانهم في المجتمع، وقد يصل الامر الى عنف مؤد للموت.
وبينت دراسات عالمية بأن 11 % من أطفال تلك الاسر، فشلت الخدمات الاجتماعية بتتبع مواقعهم، وهم معرضون لعنف جسدي وعاطفي وإهمال، ثمانية اضعاف ما يتعرض له اقرانهم في الأسر الطبيعية.
وشدد جهشان على اهمية برامج الوقاية الأولية، وقبل دخول الطفل الى خدمات المؤسسات الاجتماعية أو لنظام الأسر البديلة، لتشمل التوعية والحفاظ على الحقوق وتوفير خدمات الاكتشاف المبكر ومنع تفاقم العنف، وتوفير برامج تضمن تهيؤ بيئة حمائية تقيهم من العنف والإهمال.
كما أكد أهمية تنفيذ برامج استجابة للعنف عقب حصوله في مؤسسات الرعاية والأسر البديلة، ينفذها متخصصون نفسانيون واجتماعيون، تضمن آليات للاكتشاف المبكر والتبليغ لجهات الحماية الاجتماعية، وتكثيف الزيارات المنزلية للاسر البديلة، بخاصة ذات المؤشرات لوجود عوامل خطورة لحدوث عنف وإهمال وبرامج تأهيل، تتيح عودة الأطفال لأسرهم الطبيعية البيولوجية قدر الإمكان.
وبين جهشان ان رعاية وحماية الأطفال المعرضين لمخاطر العنف والإهمال في بيئات الهجرة وتنقل الاسر بين الدول، ان كان في اسر طبيعية او بديلة، يتطلب تعاونا امميا، لكن ذلك ما يزال متعثرا في الدول النامية، مقارنة بالغربية، وهو تعاون يتوقع بأن يشمل التواصل العاجل بين مؤسسات حماية الطفل في الدول التي ينتقل منها وإليها الطفل واسرته، بطريقة قانونية مؤسسية، ولا يكتفى بمبادرات التواصل بمبادرات فردية.
وقال إن الحاجة لحماية الطفل دوليا، غير محصور فقط بمخاطر العنف والإهمال بأطفال تلك الأسر البديلة او الطبيعة التي تهاجر او تسافر لدولة أخرى، بل يتوقع بأن يمتد لحماية الأطفال من العنف والاستغلال والوقاية من الاتجار بهم واستغلاهم في تجارة الجنس والتصوير الإباحي والمخدرات، بخاصة في المجتمعات التي تتعرض لحروب وهجرات وكوارث طبيعية وأوبئة، وحمايتهم من الاستقواء عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، مبينا أن المبادرات الدولية، متعثرة في توفير الحماية للطفل بين الدول.