أما الطفيلة فلا بواكي لها!


"يا الله الغيث يا ربي.. تسقي زرعنا الغربي.. تسقي زريع أخو عشبه.. اللي للكرم حربي.. يا الله الغيث يا دايم.. تسقي زريعنا النايم.. تسقي زريع أخو عشبه.. اللي للكرم دايم.." بهذه الأهازيج الشعبية كان يتغنى أهلنا، عندما ينحسر المطر.

اضافة اعلان

لكن بعد أن  تأتي رحمات السماء وتنفرج الأسارير، وما إن ينزل المطر، حتى نبدأ نسمع في كل مكان، من الرمثا شمالا وحتى العقبة جنوبا، أن الأمطار التي هطلت كشفت عن عيوب الطرق وعن عيوب الصيانة فيها.

بالطبع الحال في مختلف مناطق الأردن لا تختلف كثيرا عن بعضها، وما يكتب عن الطفيلة يسري بالضرورة على اربد والرمثا والمفرق ومخيم جرش، وذلك كله يعكس بصورة عامة عدم الاستعداد المسبق لفصل الشتاء، بغض النظر عن كمية الأمطار التي تهطل، لكن هنالك مناطق ومحافظات لها صوتها وحضورها، ونسمع من يتحدث عن مشكلاتها، وهنالك محافظات أفضل ما يمكن أن تحصل عليه تقرير لمندوبها عن تلك المشكلات، في صفحة المحافظات!

يشير تقرير "الغد" عن أوضاع الطرق في الطفيلة إلى أن عبّارات التصريف في استيعاب كميات الأمطار المتساقطة، عملت على اتخاذ أخاديد ومجار في جسم الإسفلت، لم يصمد طويلا أمامها.

المفارقة لا تكمن هنا، بل في تصريحات محافظ الطفيلة، سليم الرواحنة، عندما داهمت مياه الأمطار عددا من المنازل، إذ ألقى مسؤولية الحل على اتخاذ المواطنين الإجراءات الاحترازية الكفيلة بمنع المياه من الوصول إلى منازلهم. إذ كشف أن بعض الجدران الاستنادية تهدمت بفعل الأمطار، فيما فضحت الأمطار ضرورة إقامة جدران في عدد من المناطق، لمنع وصول المياه إلى المناطق التي تقع أسفل منها.

ونتساءل مع المحافظ، ومع كل المسؤولين: هل مجرد "شتوة" تكشف عن عيب البناء لتلك الجدران؟ وهل ننتظر دوماً حدوث الكوارث حتى ندفع ثمن تلك الأخطاء إن لم نقل الفساد؟! وهل هنالك ضرورة لـ"اللجان الفنية، التي سوف تقوم بتقييم الأوضاع"، أليس الأمر كله مرتبطاً بوجود معايير فنية ورسمية ومراقبة وتدقيق في عمل الطرق والجدران ومفردات البنية التحتية الأساسية كافة، التي تمثل الحدّ الأدنى من حق المواطن على الدولة؟!

والشيء بالشيء يذكر فقد قامت أمانة العاصمة خلال الأيام الماضية برفع رواتب الصف الأول من موظفيها بالآلاف من الدنانير، بالإضافة إلى الحوافز الأخرى التي يتمتعون بها. الحجة التي تدافع بها الأمانة أمام منتقدي هذا القرار بأن هؤلاء الموظفين قد اكتسبوا خبرات كبيرة تستدعي تقديم هذه الأموال من جيوب دافعي الضرائب لهم حتى لا يتركوا العمل فيها ويذهبوا إلى قطاعات أخرى، فهل انعكست تلك الخطوة على واقع عمان وبنيتها التحتية، وهل لمس المواطن ذلك، حتى يقتنع فعلاً باستثنائية هؤلاء المديرين وكفاءاتهم الفائقة والرواتب الهائلة التي يتقاضونها؟!

بعد ذلك، لا بأس أن نعود إلى "موازنة" بلدية الطفيلة الكبرى! لنكتشف أنّ القضية لا تستحق كل هذا الحديث!

ليس أمام أهالي الطفيلة سوى اتخاذ التدابير الذاتية اللازمة لمواجهة تداعيات الأمطار والسيول وفشل البنية التحتية، طالما أنّ الطفيلة لا بواكي لها في عمان!