اختصاصيون: استخدام الأطفال في التهديد بالانتحار‘‘جريمة‘‘

(mct)
(mct)

مجد جابر

عمان- أثارت الحادثتان الأخيرتان اللتان تم تداولهما، واحدة لرجل قام بالتهديد وفتح اسطوانة الغاز على إخوته الصغار احتجاجا على رفع الأسعار وبأنه لا يملك المال لإطعامهم، والثانية لمواطن وولديه هدد بالانتحار عن سطح بناية قرب الدوار السابع بسبب فصله من عمله؛ الكثير من الانتقاد ورفض ما يقوم به آباء باستخدام الأطفال ذريعة لهم ولتهديداتهم وإيصال صوتهم.اضافة اعلان
تلك الحادثتان وغيرهما من حوادث مشابهة حدثت في سنوات سابقة، والتي استخدم فيها الأطفال للتهديد بالانتحار؛ واجهت استياء وغضب الكثيرين، كون استخدام الأبناء في مثل هذا المواقف أمرا مرفوضا تماماً، ومهما كانت الظروف فهذا لا يبرر وضع الأبناء بمثل هذا الاختبار القاسي لما سيعود عليهم من آثار نفسية واجتماعية سلبية من النواحي كافة حاضرا ومستقبلا.
اختصاصيون اعتبروا أن مثل هذه التصرفات "إجرامية"، وأن استخدام الأطفال لا يمكن اعتباره سوى طريقة ضغط واستعراض من قبل الفاعل لا أكثر، وأن الشخص الذي يقوم بهذا الفعل ينبغي محاسبته.
ويذهب الاستشاري التربوي وخبير التخطيط، الدكتور عايش النوايسة، إلى أنه ونظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي سادت المجتمع وعدم إيجاد مخرج للأزمات التي يعاني منها الأفراد؛ سادت مشاعر الإحباط الناتجة عن الفشل المتكرر في مواقف متعددة أو متتالية.
الى ذلك، عدم قدرة الشخص على فعل ما يريده والتأقلم مع الواقع الجديد في تلبية الرغبات والحاجات النفسية والاجتماعية، ما جعل هذا الأمر يأخذ منحى خطيرا جداً في الأيام الأخيرة.
ويلفت النوايسة الى أنه وبأكثر من حادثة أو محاولة انتحار واحتجاج، تم استخدام الأطفال في الترويج ولفت الانتباه، وظهروا مرتجفين خوفاً، وهذا يشكل انعكاسا كبيرا وخطيرا في العنف ضد الأطفال ويمهد لتوفير بيئة غير سليمة ولا آمنة لنموهم.
ويعتبر النوايسة أن الأخطر من ذلك على المجتمع بشكل عام، وعلى الأطفال بشكل خاص هذه النمذجة، بمعنى أن يصبح كل من يريد أن يعبر عن فشله وإحباطه، يستخدم الأطفال في التعبير عن ذلك، وهذا ينعكس على سلوكهم في البيت والمدرسة والشارع ومع الأصدقاء، فيلجؤون لاستخدام العنف بدلا من التفكير في التعبير عن الحاجات والاهتمامات والميول، مبينا أن الدراسات التحليلية الحديثة أكدت أن فلسفة الوقاية من هذا العنف تقوم على مبدأ المسؤولية الشخصية والمجتمعية في آن واحد.
ويعتبر النوايسة أن للمجتمع دوراً في غاية الأهمية في التقليل من العنف، لا يقل أهمية عن الإجراءات الرسمية، وذلك من خلال الوعي بأن الطفل يجب أن ينمو في بيئة إيجابية تسمح له بالنمو الانفعالي والجسمي والاجتماعي والعاطفي بدون الترويج لفكر سلبي ناتج عن ظروف اقتصادية يستخدم الأطفال وسيلة ضغط.
ومن وجهة نظر علم النفس، يرى الاختصاصي النفسي، الدكتور موسى مطارنة، أن استخدام الأطفال وإقحامهم في مثل هذه الأمور ينم عن سلوك جرمي، لأن الإنسان السوي الطبيعي لا يقوم بمثل هذه التصرفات.
ويعتبر مطارنة، أن الإنسان الذي يهدد بأطفاله "مجرم بحقهم ويملك بداخله عمقا انحرافيا"، مبيناً أن هذا العمل خارج على الإنسانية ولا بد من وجود روادع.
ويشير مطارنة الى أن هذا الطفل تم زرع ذكرى سيئة بداخله وإحساس بالظلم والألم، لافتاً الى أنه سيكبر بشخصية غير منضبطة وردات فعل غير متوقعة، وحالة من عدم التوازن النفسي، فمهما كانت مبررات الشخص لا يجوز أن يسقط ضعفه على أطفاله، كما أن آثار هذه الجريمة مدمرة على الأسرة والأبناء وينشئ أبناء لديهم مشكلات نفسية واضطرابات.
الناطق الإعلامي بمديرية الأمن العام، المقدم عامر السرطاوي، يعتبر أن هذا التصرفات غير مقبولة على الإطلاق ويعاقب عليها القانون، بحيث يُعد إقحام الأطفال بتلك الطريقة انتهاكا لحقوقهم، وتهديداً وتعريض حياتهم للخطر، ولا بد من اتخاذ الإجراءات القانونية لكل من يستخدم هذا الأسلوب، وذلك من خلال إحالتهم الى المحكمة ومن ثم تحويلهم الى الحاكم الإداري.
وفي ذلك، يذهب اختصاصي الاجتماع وعلم الجريمة، الدكتور حسين محادين، الى أن سمات النفس الاجتماعية التي يتسم بها القائمون على مثل هذه العمليات الجرمية والمتضمنة استخدام الأطفال ذريعة ومادة لهم، يمارسون نوعاً من الرسالة التي تخالف القانون من حيث المبدأ لكنها أيضاً تمثل ما هو ضروري دراسته وتحليله.
ويشير محادين الى أن المجتمع بدأ يعاني من فجوة جيلية واسعة بين كبار السن والأبناء، وبما أن الأطفال والنساء يمثلان شريكين مستهدفين من قبل المنظمات الدولية والمؤسسات الوطنية؛ يقوم مرتكبو هذه الجرائم بتوظيف هذا الحس العالمي والأكثر تأثيراً على المجتمعات الوطنية من حيث حقوق الإنسان وضرورة توفير سبل العيش لهذا الحق الإنساني.
وبالتالي، نجد أن هؤلاء الذين يقومون بهذه الأعمال إنما يستثمرون كل أدوات الضغط لخلق حالة من الرفض الجمعي لسياسات معينة أو لأسباب وظيفية أو احتجاجا على رفع الأسعار وارتفاع نسب البطالة، وغيرها من الأسباب، وبالتالي فإن توظيفهم لهذه الأدوات يجعلهم يسارعون في زيادة منسوب الضغط على الحكومات، وبصورة تستثمر دور الإعلام بنشرها، وتسلط الضوء عليهم.