"الزراعات الشجرية".. تحول واضح وخبراء يصفونها بـ"إستراتيجية"

figuur-i
figuur-i

عبدالله الربيحات

عمان - بدأت مؤشرات التحول من الزراعات الحقلية الموسمية إلى الزراعات الشجرية، تظهر بشكل واضح في المناطق الغورية والشفا غورية، حيث بدأ عدد من المزارعين، الذين يملكون مساحات مناسبة من الأراضي ومصادر مياه كافية، بالتوجه لإقامة مشاريع زراعية شجرية بدلا من الاعتماد على الزراعة الحقلية الموسمية.اضافة اعلان
ويُطلق خبراء زراعيون على الزراعات الشجرية بـ"الاستراتيجية"، حيث يعتبر المناخ الغوري والشفا غوري، ملائما لزراعة مثل هذه الأشجار، مؤكدين أن هناك مزارعين بدأوا فعلا بالانتقال إلى هذه الزراعة، فيما تبدوا البدايات "مشجعة، وجيدة، وستؤتي ثمارها قريبا".
ويقولون إن الزراعات الحقلية "أصبحت لا تجدي نفعا، حيث إن زراعة النخيل والليمون أصبحت حاليا فرصة ذهبية لتحقيق ربح أكيد على المدى البعيد"، مشيرين إلى أن "عملية زراعة الأغوار بالأشجار المثمرة سيحول المنطقة إلى منطقة اقتصادية مهمة".
وتطرق هؤلاء الخبراء إلى أن العقبة الرئيسة، التي تقف حائلا في طريق زراعة الأشجار هي شح المياه".
وكانت الزراعات الشجرية، كالحمضيات وأشجار النخيل في مناطق الأغوار، منتشرة على نطاق ضيق، حيث يقتصر زراعتها على مزارعين عددهم قليل، نظرا لتوجه الأغلبية من المزارعين إلى الزراعات الحقلية الموسمية.
إلى ذلك، يقول مدير عام اتحاد المزارعين محمود العوران إن عددا من المزارعين بدأوا ينتقولون من الزراعات الحقلية الموسمية إلى زراعات أطلق عليها "استراتيجية"، يحتاجها السوق المحلي والعربي وكذلك الدولي، معتبرا أن عوامل تسويق الإنتاج هي الحافز الرئيس وراء هذا التوجه.
ويضيف أن هذا التوجه الزراعي يعكس تغييرا في النمط الزراعي بمنطقة الأغوار، من مزارع يعتمد على الخضراوات والمحاصيل الفصلية، كمصدر رزق أساسي، إلى مزارع يعتمد على الشجرة والمحصول ثابت الإنتاج.
ويشير إلى أن العديد من المزارعين يعتبرون أن من أكثر الأشجار ملاءمة للمناخ الغوري هي أشجار النخيل والحمضيات.
ويؤكد العوران أن البدايات التي يقوم بها المزارعون مشجعة وجيدة وستؤتي ثمارها قريبا، فالأغوار عبارة عن دفيئة زراعية طبيعية، لكنها كبيرة جدا ويجب استغلال هذه الميزة المناخية والاستفادة من خبرات المزارعين.
ويرى أن كل الدراسات تشير إلى أن السوق المحلية والإقليمية والدولية بحاجة إلى ثمار من أنواع معينة من النخيل والحمضيات، موضحا أن هذه الأنواع من الأشجار تجود بإنتاجها في المناطق الغورية حيث البيئة والمناخ المناسبين.
ويقول العوران إن الزراعات الحقلية الفصلية "أصبحت بدون جدوى"، حيث أن مرد التوجه نحو زراعة الأشجار جاء كنتيجة الخط البياني السلبي الذي حكم به المسار الزراعي وتأثر الوضع المعيشي لمزارعي الأغوار نتيجة عدة عوامل من أهمها: ارتفاع مستلزمات الإنتاج، وما ترتب عليها من إغلاق الأسواق أمام المنتج الزراعي المحلي.
من جهته، يبين المهندس الزراعي ابراهيم الزغول أن الزراعات الحقلية "أصبحت لا تجدي نفعا، حيث إن زراعة النخيل والليمون أصبحت حاليا فرصة ذهبية لتحقيق ربح أكيد على المدى البعيد، يفوق الأرباح غير المضمونة التي تأتي كل عام من الزراعات الحقلية، بسبب موجات صقيع أو حرارة مرتفعة أو عواصف، أو توقف تصدير بالتزامن مع كثرة الإنتاج.
ويشير إلى أن الدراسات والخبرات لعملية الإنتاج الزراعي البستاني، "أثبتت بما يقطع الشك باليقين أن عملية زراعة الأغوار بالأشجار المثمرة سيحول المنطقة إلى بؤرة اقتصادية مهمة"، مبينا "أن العقبة الرئيسة التي تقف حائلا في طريق زراعة الأشجار هي شح المياه، والذي يعتبر خطر حقيقي يهدد القطاع الزراعي الغوري في ظل انعدام مصادر مائية دائمة، فضلا عن ارتفاع مدخلات الإنتاج الزراعي".
بدوره، يوضح مساعد الأمين العام للثروة النباتية بوزارة الزراعة، عزت العجالين، أن حماية المنتج الزراعي المحلي والتركيز على الزراعات النوعية والاستراتيجية ذات القيمة المضافة يقع في سلم أولويات الوزارة، والتي تأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية لدعم هذا القطاع.
ويقول إن العمل جار حاليا على إعداد قاعدة بيانات للقطاع الزراعي في المملكة، بهدف تنظيم عملية اللإتاج الزراعي، وتقديم النصح للمزارعين للتوجه نحو زراعة محاصيل استراتيجية، وضمان عدم حدوث فائض في إنتاج بعض الأصناف، بما ينعكس إيجابا على عمليات التسويق.
ويضيف العجالين أن العمل جار أيضًا لتنظيم آلية بيع المنتجات الزراعية في الأسواق المركزية للتخلص من تعدد الحلقات التسويقية، وبما يضمن أحقية المزارع بأسعار مناسبة لمنتجاته تضمن استمرارية الإنتاج للقطاع، الذي أثبت خلال جائحة فيروس كورونا المستجد أهميته في ضمان الأمن الغذائي باعتباره من المحركات الرئيسة للاقتصاد، داعيا المزارعين إلى التعاون مع تلك الجهود عبر اتباع وسائل التدريج لمنتجاتهم.
ويشير إلى أن الوزارة تقدم الدعم المباشر وغير المباشر للمزارعين، حيث يكون الدعم المباشر من خلال شراء القمح والشعير من المزارعين، فيما يكون الدعم غير المباشر من خلال تقديم الإرشاد الزراعي وتوجيه المزارعين نحو الزراعات الاستراتيجية، التي لا تغطي حاجة المملكة من إنتاجها مثل مادة "الليمون".