أثر تحويلات المغتربين على النمو الاقتصادي

د.رعد محمود التل- تشير تحويلات المغتربين إلى الأموال والتدفقات النقدية التي يرسلها العاملون في الخارج (المغتربون) إلى بلدانهم الأصلية، وتكتسب تلك التدفقات النقدية أهمية كبيرة عند تحليل تأثيرها على النمو الاقتصادي بمرور الوقت. العديد من الدراسات تشير بأن تلك التحويلات يمكن أن تسهم بشكل إيجابي في النمو الاقتصادي من خلال زيادة الاستثمار والاستهلاك في البلدان المستقبلة لتلك التدفقات النقدية. ويرجع ذلك إلى أن تدفقات التحويلات تزيد من تراكم رأس المال وتزود الأسر بدخل إضافي يمكنهم استخدامه للاستثمار في الأعمال التجارية أو التعليم أو الإسكان. عند تحليل بيانات العديد من البلدان ذات الدخول المتفاوتة لمعرفة أثر تحويلات المغتربين عليها اقتصادياً، توصلت العديد من الدراسات إلى أن تلك التحويلات أثرها أيجابي ومهم على النمو الاقتصادي، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.كما أن العلاقة بين التحويلات والعوامل الاقتصادية الأخرى مثل التجارة والاستثمار الأجنبي والمساعدات أظهرت أثراً معنوياً وإيجابياً. فالعلاقة التكاملية مع هذه العوامل يمكن أن تساعد في تعزيز النمو الاقتصادي بشكل أكبر وأن تزيد من تسارعه! مع الأخذ بعين الاعتبار أن تدفقات حوالات العاملين في الخارج حساسة لصدمات أسعار النفط وعدم الاستقرار السياسي في البلدان المضيفة، مما يؤدي إلى تحركات جماعية للعاملين في تلك الدول باتجاه بلدانهم. فيمكن “للاستخدام المنتج” لتحويلات العاملين المغتربين بطرق متنوعة أن يخدم فكرة تعزيز النمو الاقتصادي أكثر وذلك من خلال: إدارة التحويلات (على سبيل المثال من قبل البنوك)، تمديد الائتمان الاستثماري المسموح به من خلال زيادة سيولة البنوك من ودائع التحويلات، الاستثمار في رأس المال البشري على شكل إنفاق على عناصر استهلاك معينة (مثل التعليم والصحة) كل ذلك سيسهم بنمو الاستثمار نتيجة للتأثيرات المضاعفة للإنفاق على الاستهلاك. في الأردن يقدر عدد العاملين المغتربين بحوالي مليون عامل أغلبهم مستقرين في دول الخريج العربي. حيث تعتبر حوالات العاملين في الخارج أحد المصادر الأربعة المهمة في تغذية الاحتياطيات الأجنبية، بالإضافة الى الاستثمار الأجنبي المباشر والدخل المتأتي من القطاع السياحي والإيرادات المتحققة من الصادرات المحلية. وتشير الأرقام الى ارتفاع قيمة حوالات الأردنيين العاملين في الخارج في العام 2022 بنسبة 1.5 بالمئة عن العام 2021، لتصل الى ما يقارب 2.44 مليار دينار (3.45 مليارات دولار) حسب البنك المركزي. لكنها قيمة أقل من المستويات المتحققة في العام 2019 والتي سجلت أرقام تحويلات الأردنيين ما يقارب 3.7 مليار دولار في ذلك العام. الدور الإيجابي لتحويلات العاملين بالخارج وانعكاسه على معدل النمو الاقتصادي وعلى التنمية الاقتصادية بشكل عام، يفرض على صانعي السياسات الاقتصادية في الأردن التركيز على هذا المصدر المهم وعلى محدداته أيضاً، والذي يعتبر تخفيض تكاليف المعاملات والتحويلات المالية وسعر الفائدة المنافس وتعزيز الشمول المالي لمتلقي التحويلات أحد أهم تلك المحددات! المقال السابق للكاتب الاقتصاد الوطني بين النمو والديناضافة اعلان