التوعية والتثقيف وإبعاد الخوف.. كيف تساعد بطمأنة رافضي "لقاح كورونا"؟

Untitled-1
Untitled-1
تغريد السعايدة عمان- على الرغم من الدعوة التي أطلقتها الحكومة للمواطنين للمسارعة في التسجيل للحصول على لقاح كورونا، ضمن منصة خاصة بذلك، ما تزال نسبة كبيرة من المواطنين يقفون في "خانة الخوف والرهبة من الإقبال على التسجيل وحجز مطعوم خاص بهم" لأسباب متعددة. الخوف من الآثار الجانبية للمطعوم، والتشكيك بصحته، وترقب ظهور سلالات جديدة أو اكتشاف لقاح أكثر أماناً من الحالي المطروح في الأسواق العالمية، أو حتى عدم الوعي بأهمية المطعوم للتخلص من الوباء، جميعها أسباب ومبررات يطرحها الكثيرون في الجلسات اليومية للعائلات والأصدقاء، ما أدى إلى ظهور حالة من التخبط في أخذ القرار المناسب لدى الافراد. تعالت الأصوات وكثرت التحليلات حول هذا اللقاح وأهميته في الحرب التي يقودها العالم بكل اطيافه للتخلص من وباء كورونا، ولكن الأمر الذي بدا أكثر رعباً هو تأثر الكثير من المجتمعات بالافكار السلبية وآراء غير متخصصين ولا يملكون معلومات واضحة أو حقيقية تحد من قبول المطعوم والإقبال على التسجيل للحصول عليه للسيطرة والتخلص من هذا الوباء. هذه التحليلات تحتاج في المقابل وفق مختصين، إلى "توعية وتطمين وتثقيف بأهمية أن يكون المواطن العادي جزءًا من هذه المعركة ضد المرض"، ولكن التوعية والتثقيف وعدم التخويف يجب أن تأتي من الجهات الرسمية والطبية المسؤولة عن متابعة تطورات الوباء، كما يؤكد ذلك استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية وخبير الأوبئة الدكتور محمد الطراونة. محلياً، الأردن كانت قد أعلنت عن وصول أول دفعة من لقاح "سينوفارم" الصيني المضاد لفيروس كورونا إلى البلاد، وهي الدفعة الأولى التي سيتم من خلالها إعطاء المطعوم لمن لهم الأولوية، ومن كان قد تقدم بطلب الحصول على اللقاح، على التوالي، وهو أول دفعة من لقاح "سينوفارم" الصيني الإماراتي المضاد لفيروس كورونا، وتعد اول شحنة لقاحات مضادة للفيروس تصل المملكة بعد اجازة استخدامه عالميا. وزير الصحة نذير عبيدات كان قد صرح لوسائل الإعلام أن "برنامج التطعيم ضد فيروس كورونا يستند للدليل الوطني للتطعيم ضد كورونا، ويراعي الأولويات المتبعة عالميا، التي تستهدف الفئات الأكثر تأثرا، والمتمثلة بكبار السن ممن يعانون أمراضا مزمنة، والفئات الأكثر تعرضا للفيروس، والمتمثلة بالكوادر الطبية والصحية"، وستبدأ حملة التطعيم فيما يقارب 74 مركزا صحياً رئيسياً وفرعياً مزوداً بكل الخدمات الطبية واللوجستية التي تجعل تجربة تلقي اللقاح آمنة. الطراونة أكد في حديثه لـ "الغد" أن الخطاب والتصريح الرسمي في هذا الشأن ينبغي أن يكون توعويا بحتا، وان يكون هناك مساحة حرية للحصول على اللقاح، ولكن في الوقت ذاته الاستمرار في العمل على بث التوعية من خلال عدة وسائل تصل إلى الجميع، فاللقاح هو مستحضر بيولوجي يحتاج إلى ثقة الطرف الآخر للحصول عليه واستمرار عملية العلاج والتحصين ضد المرض. ويدعو الطراونة إلى أن يكون هناك تطمين وبث الطمأنينة بين الناس، حيث الكثير من الأخبار العالمية أو التصريحات المحلية، كانت سبباً في التردد والخوف الظاهر على المواطنين، وهذا يبدو من خلال الأعداد القليلة المتواضعة التي أقبلت على التسجيل في المنصة الخاصة بطلب اللقاح، لذا من الأهمية بمكان أن يكون الشخص الذي يقدم تلك التطمينات والمعلومات التوعوية على قدر كافٍ من القدرة على توجيه الخطاب للمجتمع الذي بات ينتظر اللحظة التي يتخلص بها من الوباء، وما اللقاح إلا تلك الخطوة الأولى للخلاص، ولكن هو أمر مستحدث وجديد على المجتمع وبحاجة إلى طريقة مناسبة لإقناع الأفراد به. ويشدد الطراونة على أن يكون الخطاب "طبيا توعويا مبسطا وشفافا فيه كل المعلومات المطلوبة، ويشرح التسلسل الذي مرّ به العالم والعلماء في المختبرات حتى وصل اللقاح إلى الدول بهذه السرعة، حيث كان للتطور التكنولوجي والطبي الأثر الكبير في السرعة التي لاحظناها في تحضير اللقاح، وهذا قد يكون ردا واضحا على الأشخاص الذين شككوا في قدرة اللقاح على العلاج بسبب السرعة التي تم إنتاجها فيه، فالعلم والطب يتطوران في السرعة ذاتها وبالتوازي معها. أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي يؤكد أن السبب الرئيس لوصول المجتمع إلى هذه الدرجة من التشكيك في فائدة اللقاح للتخلص من وباء كورونا، وعدم الإقبال عليه أو انتظار نتائج تجارب الآخرين قد يكون من أسبابه الأخبار غير الموثقة والفيديوهات والإشاعات التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي عن المطعوم من مختلف دول العالم، وانتشار الأخبار السلبية. وهذا الأمر، أدى إلى أن المجتمع بأكمله يشعر بالخوف وقد يفضل بعضهم الإصابة بالمرض على ان يحصل على المطعوم، أو مواجهة كورونا باتباع الطرائق الوقائية من المرض، ولا يضطر أحدهم للجوء إلى اللقاح، كما أنه وللأسف الشديد هناك فقدان ثقة بين الرسالة الحكومية والمواطن، ولهذا السبب كان هناك عدم قناعة برسائلها وتوجيهاتها. ومن الأسباب التي تعتبر من مبررات المجتمع لرفض اللقاح أو عدم تقبله هو اختلاف اللقاحات عن بعضها من ناحية درجة القوة والتأثير، وهذا التعدد ساهم بابتعاد المجتمعات بأفراده عن التسجيل، واندفاعهم إلى الطرائق الأخرى للحماية، وهنا تظهر الأهمية الكبيرة للتوعية المجتمعية التي يجب ان يقدمها أشخاص محايدون من القطاع الخاص ويتحدثوا برسائل توعية مصدقه بطريقة تتناسب وطبيعة المجتمع. المستشار البروفيسور الدكتور وليد أبوحمور استشاري الأمراض السارية والتحكم والسيطرة بالأمراض الوبائية، بين في تصريح سابق لـ"الغد"، أن الحل الوحيد للتحكم بالأمراض السارية هو وجود لقاح لإيجاد مناعة القطيع وهي أفضل طريقة لمواجهة أي وباء أو جائحة. ولم يغفل القائمون على اللقاح، بحسب أبوحمور، أي جانب من جوانب الأمان والسلامة الصحية لمستخدميه، إلا أن إنتاج المرحلة الأولى لهذا اللقاح بعد ستة أشهر من الجائحة أثار الجدل على مستوى العالم. ويقول "ما يدور من إشاعات عن عدم صحة اللقاح بسبب سرعة تصنيعه بأنه غير آمن، غير صحيح"، فقد خضع لقاح "كوفيد 19" للعديد من التجارب وحصل على الاعتماد من الجهات المتخصصة، وبالتالي تم اعتماده من قبل منظمة الصحة العالمية. ويؤكد أبوحمور أهمية أخذ اللقاح حتى يتمكن المجتمع من أخذ مناعة القطيع في هذا الفيروس تحديدا وطريقة انتشاره السريعة، لافتا إلى أن أي مجتمع يحتاج إلى إصابة 60 - 70 % من السكان حتى يصل إلى مناعة القطيع وهذا أمر مكلف جدا، ويرهق القطاع الصحي والاقتصادي مقارنة باستخدام اللقاح. وينصح أبوحمور الجميع بالالتزام بالاجراءات الصحية والاستمرار بالتباعد الجسدي وارتداء الكمامة إلى حين توفر المطعوم لكل الناس وتطبيق العزل المنزلي الفعال.اضافة اعلان