بعض الأفكار الممنوعة عن تفجير الماراثون

أميركيون يتدافعون مبتعدين عن موقع تفجيرات بوسطن مؤخراً - (أرشيفية)
أميركيون يتدافعون مبتعدين عن موقع تفجيرات بوسطن مؤخراً - (أرشيفية)

كن كليبنشتاين*
 (كاونتربنتش) 21/4/2013
ترجمة عبد الرحمن الحسيني
الاستخدام الوحشي لتفجير ماراثون بوسطن قنبلة ثانية، مصممة لإيذاء الذين يأتون لمساعدة الجرحى في التفجير الأول، ذكرني بشريط "القتل الجمعي" الذي صور طائرات عمودية عسكرية أميركية تطلق النار أولاً على مجموعة من الرجال غير المسلحين في أغلبهم (بمن فيهم صحفيان من وكالة رويترز)، ثم تقتل رجلين أعزلين بعد خروجهما من العربة المقلة في محاولة لمساعدة الجرحى. وعلى نحو مستغرب، لم نشاهد أي شيء في الصحافة يتحدث عن بطولة الرجلين التي كلفتهما حياتهما. كما لم أقرأ شيئاً عن البطولة قيد العرض في بوسطن. وسأترك للقارئ تخمين المقصود.اضافة اعلان
فيما يكيل الساسة الثناء على السلوك الملائكي في تنفيذ القانون، تتجنب وسائل الإعلام الرئيسية ذكر أي تحليل منتقد لاستجابة الشرطة. وتمكن رؤية تجسيد ذلك في حالة الطالب السعودي الذي بعد أن أصيب بفعل الانفجار، قام شخص مدني بإيقافه، ثم تم اعتقاله على قاعدة أنه "تصرف بشكل مريب". وأوردت شبكة (سي بي اس) التلفزيونية الأميركية هذا الزعم بأمانة، من دون أي تعليق أو شرح لماهية هذا "التصرف المريب". ومن جهتها، ذهبت صحيفة النيويورك بوست أبعد من ذلك، فوصفت الطالب السعودي بأنه "مشكوك فيه". ووصفت (سي أن أن) مشتبها فيه بأنه "ذكر حنطي البشرة". وقد أفرج مكتب التحقيقات الفيدرالي (الأف بي آي) عن الطالب السعودي بعد أن داهم شقته السكنية واستجوبه، واتهامه بالتصرف على نحو مريب لم يكن ليتم من دون تدخلات المكتب.
من جهته، وصف أوباما التفجير بأنه "بلا منطق"، ولذلك لن يكون هناك داع لإعمال العقل بحثاً عن السبب الممكن لحدوثه. من وجهة نظر أناس مثل أوباما، توصف هذه التطورات بأنها "إوزات سوداء"، باستخدام مصطلح المعتذرين في قطاع التمويل -ما يعني أنهم لا يمكن التنبؤ بهذه الأحداث غريزياً. ولذلك، من الأفضل لنا اعتياد هذا النوع من الأشياء. عليك أن لا تعير اهتماماً لحقيقة أن هذه الانهيارات المالية "الإوزات السوداء" التي نحث على القبول بها كحتمية، إنما جاءت في جزئها الأكبر بعد نزع القيود عن القطاع المالي.
وهكذا، وعلى نحو موازٍ، يجب على المرء أن لا يعير اهتماماً لحقيقة أن الهجمات الإرهابية قد زادت سبعة أضعاف في أعقاب غزو العراق، كما وجدت دراسة لمعهد بروكينغز (بالكاد يشكل فرعاً يسارياً). وسواء كان التفجير في بوسطن قد نفذ من جانب مجموعة تتفرع من الشرق الأوسط أم غير ذلك، وإذا كنا جادين في إنهاء هجمات مثل هذه، ليجب علينا أن ندرس مسبباتها التي تعتبر الإمبريالية الأميركية إحداها بالتأكيد.
مع أنه لا يجب استغراب حقيقة أن السلطة ستقاوم بشدة أي محاولة لإجراء بحث منتقد للامبريالية الأميركية، وكذلك تصرفات الشرطة. وهاتان، بالطبع، وسيلتان من وسائل السلطة. وعندما قال أوباما: "في أيام مثل هذه ليس هناك جمهوريون أو ديمقراطيون"، فقد كان محقاً تماماً، لأن أي تحليل للأبعاد السياسية لهذه الأزمات يجب أن يسحب من أجندة كلا الحزبين.
في حال صدور واحد من هذه التحليلات، فإن اللوم سيكون كارثياً على المؤسسة السياسية. ولك افتراض أنه قد سمح للجمهور بأن يعلم، مثلاً، عن رسالة مدير وكالة المخابرات الأميركية جورج تينيت السابق للجنة المخابرات في مجلس الشيوخ الأميركي، والتي يشرح فيها أن غزو العراق سيفضي إلى زيادة احتمال الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة. أو إذا تحول خطاب الاتجاه السائد إلى وكالة المخابرات البريطانية "أم آي 5" وتقييم مديرها بأثر رجعي الذي اعتبر أن غزو العراق قد أفضى بالفعل إلى "زيادة كبيرة في التهديد الإرهابي الموجه لبريطانيا"، وسيخرج الناس إلى الشوارع في الوقت الذي يصلون فيه إلى الجزء الذي قال فيه مسؤول (أم آي 5): "لقد أعطينا لأسامة بن لادن مبرراً لجهاده العراقي".
إن تشعب البحث الذي يخوض في حقائق خطيرة مثل هذه (بدلاً من لون القبعة التي كان يرتديها المشتبه فيه الأخير، أو كيف لم يعبأ عداء لا يهزم بالهجوم واستمر في العدو حتى نهاية السباق)، سينطوي على الكثير من التهديد الموجه للمؤسسة السياسية بحيث لا يمكن تحمله.
لكن، وبدلاً من ذلك، فإن الراغبين في إجراء بحث جاد حول الإرهاب سيشعرون بالخزي لعدم وجود عواقب كونهم لم يحترموا الضحايا، وكيف سيكون هناك وقت لهذه المباحثات لاحقاً -عندما يكون الاهتمام عندهم قد مات.



*كاتب يعيش في ماديسون بولاية ويسكونسن، حيث يحرر الأعداد اليسارية في الموقع الإلكتروني "وايتروزدوت اورغ".
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Some Forbidden Thoughts on Marathon Bombing