خطة التوسع الاستيطاني الجديدة تضع إسرائيل في موقف الدفاع

عمال ينشئون منازل جديدة للمستوطنين في مستوطنة جيلو قرب القدس - (أرشيفية)
عمال ينشئون منازل جديدة للمستوطنين في مستوطنة جيلو قرب القدس - (أرشيفية)

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني
غيل يارون - (ديرشبيغل) 29/9/2011
لم يصدر حلفاء إسرائيل رد فعل إيجابياً على الأنباء التي تحدثت عن نيتها إنشاء 1100 وحدة سكنية جديدة في القدس الشرقية. والآن، يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التخفيف من أهمية هذا التطور الذي يظهر أن إسرائيل وشركاءها الدوليين ليسوا على وفاق.اضافة اعلان
مع اقتراب رأس السنة العبرية الجديدة "روش هشنه"، كان يجب أن يعود البيروقراطيون كافة أصلاً إلى منازلهم. وفي إسرائيل، تعد الاحتفالات برأس السنة الجديدة واحدة من أهم العطلات، حيث تهرع الزوجات المتحمسات إلى الأسواق المركزية من أجل الانتظار في طوابير غير منتهية لشراء الحاجيات. ويستمر تخزين المؤن حتى آخر لحظة قبل أن تدخل إسرائيل في غيبوبة العطلة التي تستمر ثلاثة أيام.
لكن المسؤولين كانوا مستمرين بالعمل بعد ظهر يوم الأربعاء الأخير من العام اليهودي، تحت ضغط كبير في مكتب رئيس الوزراء نتنياهو، في محاولة لنزع فتيل الضجة العالمية التي قامت بسبب خطط البناء التي تم وضعها لإقامة مستوطنة جديدة في القدس. وقال مستشار رفيع مكلف بتنظيم جولات للصحفيين الأجانب: "إن رئيس الوزراء قلق بشأن الكيفية التي سيتم من خلالها تسويق قرار بناء المزيد من الوحدات الإسكانية الاستيطانية حول العالم".
وقال المستشار إنه يتم لهذه الغاية استخدام القنوات الدبلوماسية، بغية "الشرح للعالم بأن إسرائيل لا تدمر بذلك عملية السلام". وقال إن البناء في القدس لا يتناقض "مع رغبتنا في استمرار المفاوضات من أجل السلام عموماً". وما تزال استراتيجية بنيامين نتنياهو في تفسير الأشياء -استناداً إلى الإصرار باستمرار على أن إسرائيل لا ترتكب أخطاء- تبين مدى البعد الذي تتناقض فيه وجهات نظر إسرائيل مع وجهات نظر بقية العالم.
رسائل مختلطة
في الشهر الماضي وحسب، وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، استخدم نتنياهو كل النقاط والبطاقات كافة في جهد يرمي إلى تقديم نفسه كرجل دولة محب للسلام. وقد دعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى استئناف المفاوضات فوراً، بينما أكد للجميع أنه مستعد لتقديم "تنازلات مؤلمة".
وبعد أيام قليلة فقط، تبنت اللجنة الرباعية الدولية الخاصة بالشرق الأوسط -والتي تضم الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا- دعوة نتنياهو، وطالبت بعبارات مغلفة بمصطلحات دبلوماسية مخففة، بوقف جديد لإنشاء المستوطنات في المناطق الواقعة على الجانب الآخر من "الخط الأخضر" الذي حدد خط وقف إطلاق النار بين الأردن وإسرائيل قبل حرب الأيام الستة في العام 1967. ونظراً إلى أن الفلسطينيين يعتبرون كل شيء تبنيه إسرائيل إلى الشرق من الخط الأخضر غير قانوني، فإن السلطة الفلسطينية تطالب بوقف تلك الإنشاءات كشرط مسبق لاستئناف أي مفاوضات سلام مباشرة.
وتهدف مبادرة الرباعية الجديدة إلى جلب الإسرائيليين والفلسطينيين ثانية إلى طاولة المفاوضات. بل لقد بدا، لفترة وجيزة، وكأن نتنياهو قد يخفف من موقفه ويدرس وقف إنشاء المستوطنات -رغم حقيقة أن الإقدام على مثل هذه الخطوة يمكن أن يفضي إلى انهيار ائتلاف حكومته اليميني، حتى أصدر مجلسه الوزاري رد فعل إيجابياً على توصية الرباعية.
لكن المفاجأة المذهلة وقعت بعيد ذلك: فقد أعلنت وزارة الداخلية الإسرائيلية أنه تم منح الإذن لبناء 1100 وحدة سكنية جديدة في جيلو؛ المستوطنة الإسرائيلية التي تقع في القدس الشرقية، على الجانب الآخر من الخط الأخضر.
وفي الحال، سارعت السلطة الفلسطينية إلى إدانة الإجراء. ووصف كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات القرار بأنه "صفعة موجهة لكل الجهود الدولية الرامية إلى حماية الفرص المتلاشية للسلام في المنطقة"، مضيفاً أنها ترقى إلى "1100 لا لاستئناف مفاوضات السلام".
تعريفات مختلفة
لا يستطيع سوى قلة من الإسرائيليين فهم هذا التأرجح والتذبذب. فمن وجهة نظرهم، يرون أن القدس الشرقية تستحق منزلة خاصة، وأن الوحدات السكنية اليهودية حول المدينة ليست مستوطنات، وإنما بناء في أجزاء من عاصمتهم الأبدية.
وفي الحقيقة، وفي كلمته أمام الأمم المتحدة، كان نتنياهو يتحدث من القلب عندما ساق مقارنة بين قرار الأمم المتحدة وصف القدس وحائط المبكى، أقدس المقدسات اليهودية، باعتبار أنها "المناطق الفلسطينية المحتلة" وبكلماته، لتقرير "ما إذا كانت الشمس تغرب في الغرب أو تشرق من الغرب".
وكان مارك ريغيف الناطق بلسان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد اتصل مع ديرشبيغل قبل قليل من بداية العطلة. وأصر على أن جيلو "ليست مستوطنة"، مشيراً إلى أنها لا تبعد سوى "أقل من عشر دقائق بالسيارة عن وسط المدينة".
كما قال ريغيف أيضاً إن كل مخططات اتفاق السلام المتوخى قد استشرفت أن تكون جيلو تابعة لدولة إسرائيل. وقال: "وعليه، فإن البناء هناك لا يتناقض ولو في أقل القليل مع استراتيجيتنا للنضال من أجل السلام، وأن نكون مستعدين لتقديم تنازلات كبيرة".
ومن جهته، قال نتنياهو عن البناء المخطط له في مقابلة مع صحيفة ذا جيروساليم بوست الإسرائيلية الناطقة بالإنجليزية، والتي كانت قد أجرتها معه في العطلة: "لا أعتقد بأن ثمة شيئاً جديداً". وأضاف: "نحن نخطط في القدس ونحن نبني في القدس. إنها مرحلة. وهي الطريقة نفسها التي ما فتئت الحكومات الإسرائيلية تنفذها لأعوام منذ نهاية حرب العام 1967".
خيبة أمل واغتراب
في الأثناء، لا يتوافر الدبلوماسيون الأجانب سوى على النزر اليسير من التفهم لهذه التفسيرات. فقد أعلنت الولايات المتحدة، شأنها شأن الاتحاد الأوروبي، أنهما "يشعران بخيبة أمل معمقة" بسبب الإنشاءات. ولم تكن هذه هي المرة الأولى في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة، والتي تجعل فيها سلطات الإنشاءات والبناء في القدس نتنياهو يبدو في وضع سيئ.
مثلاً، في آذار (مارس) من العام 2010، ألحقت تلك السلطات به الخزي خلال زيارة لنائب الرئيس الأميركي جو بايدن. وقد أعلنت إسرائيل في حينه عن إنشاء 1600 وحدة إسكان في القسم الشرقي من المدينة في الوقت الذي كان فيه بايدن يزور عباس. وقد استشاط بايدن غضباً، وتوترت العلاقات بين البلدين على نحو كبير.
ومن جهتهم، يبذل الدبلوماسيون الألمان جهوداً حثيثة لإطلاق المفاوضات مجدداً. ولأشهر، ما يزالون يشتكون للصحفيين سراً من أن نتنياهو لا يخاطبهم على نحو كاف "حتى يدافعوا بشكل أفضل عن موقف القدس لدى الاتحاد الأوروبي".
وثمة أيضاً مصادر من داخل المستشارية الألمانية، تقول إن هناك خيبة أمل متنامية وشعوراً بالاغتراب داخل المستشارية. ومع أن نتنياهو لا يجد أي شيء محرم في بناء هذه المستوطنات الجديدة، فإن المصادر تقول إن قرار بنائها ربما يفضي فحسب إلى زيادة التباعد بين إسرائيل وحلفائها.


*نشر هذا التحقيق تحت عنوان: Planned Housing Units Put Israel on defensive

[email protected]