"داعش"؟ طائفة الموت هذه ليست دولة.. وهي بالتأكيد ليست إسلامية

مسيحيون مصريون أسرهم "داعش" في ليبيا وقتلهم بوحشية – (أرشيفية)
مسيحيون مصريون أسرهم "داعش" في ليبيا وقتلهم بوحشية – (أرشيفية)

بوريس جونسون – (الغارديان)

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

28/6/2015
إذا كنا نريد إلحاق الهزيمة بأعدائنا، فعلينا أولاً أن نعرف من هم. يجب أن نعرف ماذا نسميهم. يجب أن نستقر على اسم على الأقل -على مصطلح يمكن أن نتفق عليه جميعاً. والمشكلة مع القتال ضد الإرهاب الإسلاموي هي أننا ننضال باستمرار مع اللغة، وبتعرف ما هو جائز وما يمكن أن يكون قوله معقولاً.اضافة اعلان
عندما يطلق رجل الرصاص على سياح أبرياء على شاطئ، أو عندما يقوم رجل بقطع رأس رئيسه في العمل ويثبت رأسه على السور، أو عندما يفجر رجل نفسه في مسجد في الكويت –وعندما تقوم نفس المنظمة المثيرة للاشتمئزاز بـ"ادعاء" المسؤولية مباشرة عن هذه الاعتداءات الثلاثة- فإن من الواضح تماماً أننا نتعامل مع نفس ذلك الشكل المخصوص من الشر. إنه الإرهاب.
ولكن، ما هي أهداف الإرهاب؟ هل هي دينية؟ هل هي سياسية؟ هل هي مزيج سُمّي من الاثنين؟ وماذا بالضبط هي علاقة ذلك مع الإسلام؟ ثمة الكثير من المسلمين المتبصرين الذي يحاولون الآن –لأسباب مفهومة- فك ارتباط دينهم وقطعه عن أي صلة بالعنف من هذا النوع.
في الآونة الأخيرة أطلق الرجل الممتاز، رحمن شيشتي، النائب عن منطقة جيلينغهام، حملة لتغيير الطريقة التي نتحدث بها عن "الدولة الإسلامية في العراق وسورية". وهو يشير إلى أن استخدام عبارة "الدولة الإسلامية" هو في حد ذاته استسلام لهؤلاء القتلة الساديين والكريهين. إنهم في الحقيقة لا يديرون دولة، كما أن العصابة التي تشكلها منظمتهم ليست إسلامية –إنها طائفة موت نرجسية فحسب.
النقطة التي يريد إيضاحها رحمن هي أنك إذا دعوتهم "الدولة الإسلامية"، فإنك تلعب بذلك على طريقتهم؛ إنك تمجد سلوكهم الإجرامي البربري وتضفي عليه نوعاً من الكرامة؛ إنك تعطيهم دفعة دعائية لا يستحقونها، خاصة في عيون بعض المسلمين الشباب القابلين للتأثر. ويريد رحمن منا جميعاً أن نسقط هذه الشروط، لصالح استخدام أسماء مهينة أكثر، مثل "داعش" أو "فايش"، وتستحق فكرته سماعاً على نطاق أوسع.
لكن هناك آخرين ممن سيذهبون عندئذٍ أبعد بكثير، فيزيلون أي إحالة إلى كلمات "مسلم" أو "إسلام" من مناقشة هذا النوع من الإرهاب –وهنا أخشى أنني لن أوافق. إنني أستطيع أن أفهم جيداً لماذا يشعر الكثير من المسلمين على هذا النحو. ومهما يكن ما نفكر فيه على أنه "حقيقة" أي دين، فإن هناك المليارات من الناس الذين يشكل لهم الإيمان شيئاً جميلاً: عزاءً، مصدر إلهام –وجزءاً من هويتهم.
ثمة مئات الملايين من المسلمين الذين تشكل لهم كلمة "إسلامي" تعبيراً عن قمة المديح والإطراء. وهم يمتعضون من الربط المستمر بين "الإسلام" و"الإرهاب"، كما لو ان أحدهما منذور ليلد الآخر. إنهم لا يحبون حتى مفهوم "التطرف الإسلامي"، بما أنه يبدو وكأنه يتضمن استمرارية لسلسة بين المعتقد الإسلامي والسلوك: من ليبرالي إلى متسامح إلى محافظ إلى رجعي إلى إرهابي.
تقوم فكرة هؤلاء على أن العنف الإرهابي هو شأن غريب عن الإسلام، وهو السبب في أنهم يجادلون بقوة بأن علينا إسقاط كل الإحالات إلى "إرهابيين مسلمين" أو "إرهابيين إسلاميين". ويقولون أن أي استخدام لكلمة إسلام أو مسلم في مثل هذا السياق هو سلوك عدواني وجارح في واقع الأمر، وهو أمر مهين يساعد في تغريب نفس الناس الذين نحتاج إلى كسبهم.
لخص لي صديق مسلم الأمر، فقال: "إنكم لن تتحدثوا عن إرهابيين مسيحيين، هل تفعلون؟" وهناك بعض الحقيقة في هذا. إننا لا نتحدث عن "إرهاب مسيحي"، حتى لو كان ذلك في سياق العنف الطائفي بين الكاثوليك والبروتستانت في أيرلندا الشمالية. لماذا نريد أن نبدو وكأننا نصِم ديناً كاملاً بنسبته إلى أقلية عنيفة؟
حسناً، أخشى أن هناك سببين عريضين في أن بعضاً من مثل هذا الربط يتعذر فصمه. الأول هو فكرة بسيطة في اللغة، والحاجة إلى استخدام مصطلحات يمكن أن يفهمها أي شخص حقاً. ومن الصعب جداً إزالة كل إحالة إلى "إسلام" أو "مسلم" من مناقشة مثل هذا النوع من الإرهاب، لأن علينا تحديد ما نتحدث عنه في واقع الأمر. ويتبين أنها ليست هناك كلمة عملية لوصف الإرهاب المستلهم إسلامياً، والتي لا تكون بطريقة ما ضارة وثقيلة على الآذان المسلمة على الأقل.
إنك لا تستطيع أن تقول "سلفي"، لأن هناك الكثير من السلفيين المسالمين والملتزمين بالقانون. وأنت لا تستطيع أن تقول "جهادي"، لأن الجهاد –فكرة النضال- هي مفهوم مركزي في الإسلام، والذي لا يتضمن العنف بالضرورة؛ وفي الحقيقة، يمكنك أن تكون منخرطاً في جهاد ضد نقاط ضعفك الأخلاقية الخاصة. والكلمة الوحيدة التي يبدو أنها تحظى بالدعم العام بين القادة المسلمين هي "الخوارج" –التي تعني الهراطقة- والتي ليست -إذا قلنا ذلك بعبارة ملطفة- كلمة قيد التداول العام بين الجمهور البريطاني.
إننا لا نستطيع أن نسمي ذلك "إرهاباً" فقط، كما اقترح البعض، لأننا نحتاج إلى تمييزه عن أي نوع آخر من الإرهاب –سواء كانوا إرهابيي حقوق الحيوان أو ماركسيي الدرب المضيء. إننا نحتاج إلى أن نتحدث بوضوح، وأن نسمي الأشياء بأسمائها. إننا لا نستطيع مراقبة وحظر استخدام كلمتي "مسلم" أو "إسلامي".
سوف يفضي ذلك فقط إلى السماح للكثيرين بالإفلات من معضلتهم. إننا إذا ما أنكرنا الصلة بين الإرهاب والدين، فإننا نقول بذلك بأنها ليست هناك مشكلة في أي من تلك المساجد؛ بأنها ليست هناك نصوص دينية قابلة لتحريفها أو إساءة تأويلها؛ أنه ليس هناك قادة دينيون يحرضون الكراهية ضد الغرب، وليس هناك إفساد للعقيدة الدينية لخدمة أغراض سياسية.
إننا إذا قمنا بتطهير مفرداتنا من أي إحالة إلى ارتباطات دينية مخصوصة للمشكلة، فإننا لا نكون بصدد تجاهل مزاهم الإرهابيين أنفسهم فحسب (وهو ما قد يكون معقولاً)، وإنما سنتجاهل الحقيقة العملاقة المتمثلة في وجود صراع جار الآن من أجل مستقبل الإسلام، وتخمين كيف يمكن أن يتكيف مع القرن الحادي والعشرين. ويشكل الإرهاب الذي نراه عبر العالم الإسلامي في جزء منه مظهراً لذلك النضال، وتعبيراً عن الفشل المزمن للكثير من التفكير المسلم في التمييز بين السياسة والدين.
إن الصراع يدور حول السلطة، بطبيعة الحال، أكثر مما يتعلق بالروحانية –لكن ذلك لا يعني أن بوسعنا تجاهل قوة البعد الديني. إنه لا يهم كثيراً أي كلمة هي التي نتوافق عليها، مع المجتمعات المسلمة، لوصف أيديولوجية الإرهاب هذه: –إسلاموية؟ فاشية إسلامية؟- لكننا نحتاج إلى الاستقرار على شيء بسرعة، ثم الانضمام معاً للقضاء على هذه الظاهرة. إذا كنا نريد أن نهزمهم، فإن علينا جميعاً معرفة اسمهم على الأقل.
[email protected]
*نشر هذا المقال تحت عنوان:Islamic State? This death cult is not a state and it’s certainly not Islamic