منتدون: التعامل مع إيران من منظور مذهبي فخ إسرائيلي يغرق المنطقة بالحروب

رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات يتحدث خلال ندوة العلاقات العربية الإقليمية أمس - (من المصدر)
رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات يتحدث خلال ندوة العلاقات العربية الإقليمية أمس - (من المصدر)

عمان -الغد- حذر منتدون من خطورة التعامل العربي مع إيران من منظور مذهبي، معتبرين أن هذا المنظور هو "بمثابة فخ صهيوني- غربي" لإغراق المنطقة بالنزاعات والحروب، فيما رأوا أن "الأزمات العربية مع كل من إيران وتركيا تستنزف قواها ومقدراتها (...)، وقد آن الأوان لوضع حدّ لهذه الصراعات".  اضافة اعلان
جاء ذلك خلال افتتاح ندوة العلاقات العربية الإقليمية الواقع والآفاق أمس، التي ينظمها مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان، بمشاركة أكثر من 80 شخصية أكاديمية وسياسية من الأردن و6 دول عربية.
 وأكّد رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، خلال الجلسة الافتتاحية، على ضرورة أن يستثمر العرب كلّ فرصة في علاقاتهم الإقليمية يمكن أن تصبّ في مصلحة قضية فلسطين والحقوق الوطنية الثابتة لشعبها، باعتبار أنها هي البوصلة.
وأضاف عبيدات أنّ على الدول العربية "دعم صمود الشعب الفلسطيني في أرضه وعدم التواطؤ مع إسرائيل في محاصرة قطاع غزة، وممارسة الضغوط على الشعب الفلسطيني للتنازل عن حقوقه"، مؤكداً أنّ الشعب الفلسطيني مصمّم على تحرير أرضه والتمسك بحقوقه الوطنية الثابتة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
ودعا إلى الحوار والتعاون مع تركيا لما تشكّله من دولة إقليمية أساسية وترتبط مع العالم العربي بالحدود والمياه، ممّا يؤسّس لمشاريع تنموية مشتركة تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، مضيفاً أن التعامل مع تركيا يجب أن يأخذ في الاعتبار الوضع الجيوسياسي وموازين القوى والمصالح في المنطقة، وذلك دون أن "نحمل التاريخ على ظهورنا" على حدّ وصفه.
وحذّر من التعامل مع إيران من المنظور المذهبي، معتبراً أنّ هذا الخيار "يمثل فخّاً نصبته الدوائر الصهيونية للعرب والمسلمين، لإشغال المنطقة بحرب عبثية لا تُعلم نتائجها"، معتبرا أن العلاقة مع إيران "تمثّل حالة معقدة في ظلّ تدخلّها في العراق وانحيازها للنظام السوري ضد شعبه"، في حين اعتبر أنّ "القرار في سورية أصبح قراراً روسيا".
وأكّد أن الدول العربية "فقدت المبادرة منذ البداية، ولم تكن تمتلك مشروعاً لمواجهة المشروع الايراني في الإقليم، وعليها تبني استراتيجية جديدة للتعامل مع الحالة الإيرانية، والعمل على تقليل الخسائر في مختلف الجبهات"، معتبراً أنّ "وقف الحرب في اليمن بداية الخروج من المأزق العربي".
بدوره، قال مدير مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد، إنّ الندوة تأتي بعد مرور عام على انعقاد ندوة العلاقات العربية الدولية التي أثمرت عن تقديم مبادرة متميزة لتطوير وتفعيل هذه العلاقات وصلت إلى جميع صنّاع القرار في العالم العربي.
وشدّد على أنّ العلاقات العربية الإقليمية تواجه اليوم تحديّات كبيرة وحسّاسة، من أبرزها التحدّي الإسرائيلي، كما تتعرض منظومة التفكير العربي للتمزيق، والتشتت بحثاً عن مصالح ضيّقة لبعض النخب الحاكمة، وأحزابها أحياناً أخرى، ما يؤثر تأثيراً بليغاً على مكانة العرب ودورهم في التحوّلات الجارية في منطقتهم، ناهيك عن التحوّلات العالمية وسياسات النظام الدولي بمختلف دوله تجاه المنطقة.
وخلص إلى أنّ "الأزمات العربية مع كل من إيران وتركيا تستنزف قواها ومقدراتها، ولا تزال تسحب من رصيد القوّة لكلّ أطرافها، وقد آن الأوان لوضع حدّ لهذه الصراعات"، موضحاً أنه "ثبت بالتاريخ والتجربة حتى اليوم أنّ النزاعات العربية الداخلية غير ذات جدوى".
كما خلص إلى أنّ "وقف الصراعات الدامية في كلّ من سورية والعراق واليمن وليبيا سيشكل مدخلا مهما لنوع من التفكير الجماعيّ المشترك، حيث يمكن فتح الآفاق لمسارات أخرى متعددة تنقل العلاقات العربية- الإقليمية إلى موقع متقدم وفعال في حماية الأمن القومي العربي بكل أبعاده".
من جانبه، قال وزير الخارجية الأسبق كامل أبو جابر إن "قضية فلسطين هي قضية العرب والمسلمين الأولى"، مضيفاً أن إسرائيل تواصل عدوانها واضطهاد الشعب الفلسطيني وسط صمت رسميّ في ظلّ غياب مشروع عربي حقيقي لمواجهة المشاريع التي تتلاعب بالمنطقة.
ورأى أبو جابر أن "القوى الإقليمية تتفاوض على مصير العالم العربي الذي يكتفي بالمراقبة والاحتجاج"، محمّلاً الأنظمة العربية مسؤولية ما وصلت إليه هذه الدول، وأنّ الفجوة تزداد اتساعاً بين صناع القرار وبين الشعوب.
وتساءل عن "آليات معالجة العلاقة مع إيران في ظلّ استمرارها في سياسة التمدّد، وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط وباب المندب، إضافةً إلى ضرورة معالجة العلاقات مع تركيا، وبحث المصالح المشتركة معها".
وبحثت الجلسة الأولى واقع العلاقات العربية– التركية وآفاقها، وترأسها الوزير الأسبق محمد خير مامسر، حيث قدم الباحث في العلاقات الدولية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في قطر عماد قدورة، ورقة ركّز فيها على التحول المهم الذي تشهده السياسة التركية حاليًا في المنطقة العربية، والمتمثل "باللجوء لسياسة القوة، وذلك بعد تضرّر دورها الإقليمي وتزايد فاعلية أطراف دولية وإقليمية أخرى، وذلك من أجل تصحيح ميزان القوى، ومواجهة التهديدات الإقليمية المتصاعدة".
فيما تناولت الأستاذة المساعدة في جامعة قسنطينة 2 بالجزائر، الدكتورة سامية غربي، العلاقات العربية- التركية في مجال الطاقة والاستثمار، وتحدثت حول حالة الجزائر كنموذج لهذه العلاقات، مشيرة إلى أن "حجم الاستثمارات التركية في الجزائر بلغ عام 2016 نحو 12.2 مليار دولار، فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 4 مليارات دولار".
وأوصت دراسة غربي بتعزيز العلاقات الاقتصادية بين كلّ من الجزائر وتركيا، وأهمها، المجال الزراعي والتصنيع الغذائي ومشروعات استصلاح الأراضي الزراعية. وأشارت إلى إمكانية التعاون في المشاريع الهندسية والصناعية والتجارية والسياحية.
وفيما يتعلق بالعلاقات العربية– التركية والصراع العربي الإسرائيلي، تحدث الباحث الفلسطيني في الشؤون التركية الدكتور سعيد الحاج حول عدة متغيرات قائمة حالياً أو محتملة مستقبلاً، ويمكن أن تفتح آفاقاً لدور تركي أكثر نشاطاً وتأثيراً في القضية الفلسطينية ولصالحها، مثل اتجاه بوصلة سياستها الخارجية نحو الشرق (روسيا والصين وإيران) بالتوازي مع توتر علاقاتها مع حلفائها الغربيين.
وخلص إلى أن قرار السياسة الخارجية التركية "سيمتلك قوة وسرعة أكبر في تحرره أكثر من ضغوط المحور الغربي الذي احتكر التأثير عليه لعقود عديدة، سيما لصالح علاقة متميزة بين تركيا وإسرائيل، مما يعني فتح آفاق ممكنة لدور تركي نشط وإيجابي في القضية الفلسطينية".
وبحثت الجلسة الرابعة العلاقات العربية– الإيرانية، حيث ترأس الندوة الوزير الأسبق صالح ارشيدات، وقدّم فيها أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة قطر د. محجوب الزويري، شرحا حول الأبعاد السياسية لهذه العلاقات.
وخلص الزويري إلى عدد من النتائج، من أبرزها أن إيران "تعدّ الملف السوري مدخلاً للتعامل مع ملفات المنطقة الأخرى، كما تعدّ أن موقفها الداعم للنظام السوري غير قابل للتفاوض، لأنها ترى في سقوط النظام تراجعاً لمجمل نفوذها في الإقليم، وخصوصاً في العراق ولبنان".
وأضاف: "بعد الاتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 حول الملف النووي الإيراني، تغيرت قراءة إيران للمشهد السوري، حيث أصبحت تطلق على وقوفها وراء النظام السوري بوصفه جزءاً من الحرب على الإرهاب العالمي".
وفي ورقة بعنوان الأبعاد العسكرية والأمنية في العلاقات العربية– الإيرانية (السعودية نموذجاً) للدكتور عبدالكريم كيبش، والباحثة حسنا عبد الحق من جامعة قسنطينة في الجزائر، وقدمها الدكتور خالد شنيكات، توقع الباحثان "مزيداً من التصعيد في الصراعات الحالية بين إيران والسعودية في الشرق الأوسط وفي سوق النفط".