هل ستصبح الساعات والنظارات والملابس بديلة للهواتف الذكية؟

ساعة ذكية -(ارشيفية)
ساعة ذكية -(ارشيفية)

إبراهيم المبيضين

عمان– بعد الطفرة والانتشار الواسع الذي شهدته الهواتف الذكية في ظل ما قدمته من خدمات لمئات ملايين المستخدمين حول العالم؛ بدأت البوصلة العالمية تسلك اتجاها جديدا صوب صناعة الأجهزة القابلة للارتداء أو ما يسمى بالإنجليزية بـ " Smart Wearable Device". اضافة اعلان
وبينما ينظر البعض بعين "الاستغراب" لهذه الصناعة؛ من المرجح ان تتوسع ظاهرة الأجهزة القابلة للارتداء خلال السنوات المقبلة لكن خبراء يرون أن انتشار هذه الظاهرة سيعتمد على قبول الناس للتعامل مع منتجات هذه الصناعة.
وتعتبر هذه التكنولوجيا وأجهزتها واحدة من التوجهات الحديثة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ؛وهو التوجّه الذي بدأت تتنافس في دائرته كبرى الشركات العالمية العاملة في مضمار الإنترنت وصناعة الهواتف الذكية.
ويؤكد خبراء أن هذه الاجهزة تصنّف ضمن التكنولوجيات التي تندرج تحت مفهوم "إنترنت الاشياء"، وهو المفهوم الذي حرّر مفهوم إرتباط الإنترنت بجهاز الحاسوب العادي أو الهاتف، ونقله الى أجهزة قابلة للارتداء كالساعات والاساور الذكية تجعل المستخدم على اتصال دائم بالإنترنت، وتقدّم له معلومات تفيده في حياته اليومية.
وببساطة تعبّر الأجهزة القابلة للإرتداء عن مجموعة من الاجهزة التي يلبسها المستخدم وتكون مزودة بمعالجات وذاكرة واتصال لاسلكي بالإنترنت، كما هو جهاز الحاسوب، وتقدم للمستخدم مجموعة من التطبيقات والخدمات تفيده في حياته اليومية لتكمل بها استخدامات الهاتف الذكي، او تقدم خدمات اضافية الى جانب ما يتيحه هذا الهاتف الذكي.
ويؤكد الخبراء كما تؤشر الدراسات العالمية الى طفرة وانتشار كبيرين ستشهدها هذه الصناعة خلال السنوات المقبلة، لتغير واقع استخدام الناس للإنترنت، ولتدخل مجالات وقطاعات متعددة على رأسها القطاع الصحي الذي يتوقع له ان يكون الأكثر استفادة من هذه الاجهزة والتقنيات الحديثة، التي قد يعتبرها البعض نوعا من الترف والموضة، أكثر منها اجهزة اساسية تستخدم بشكل يومي، فيما يؤكد آخرون ان ما سيحكم هذه الصناعة هو طبيعة استخدام الناس لها.
وستكون تكنولوجيا الأجهزة القابلة للارتداء محورا رئيسيا للنقاش والحوار ضمن جلسات منتدى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا " مينا 2014" والذي سينعقد يومي 12 و13 تشرين الثاني ( نوفمبر ) المقبل في مجمع الاعمال في عمان، حيث يحمل المنتدى العام الحالي عنوانا عريضا هو " التكنولوجيا المغيرة لحياة المجتمعات والناس".
وتضّم صناعة الأجهزة القابلة للإرتداء قائمة من المنتجات والأجهزة الذكية التي بدأت بعضها بالانتشار في جميع أسواق الاتصالات حول العالم، على رأسها الساعات الذكية مثل " ساعة سامسونج جالاكسي جيير"، وساعة " ابل" التي أطلقتها الشركة العالمية صاحبة " الايفون" خلال شهر ايلول ( سبتمبر) الماضي، حيث تقدم الساعات الذكية الكثير من المعلومات والتطبيقات للمستخدم مثل خدمات التنبيه والاشعار بالمكالمات والرسائل والبريد الإلكتروني الوارد، وتطبيقات صحية بقياس بعض المؤشرات الصحية للمستخدم، ومؤشرات ذات علاقة بحالته البدنية وفي مجال الرياضة، وغيرها من التطبيقات.
وكانت دراسة لمؤسسة " استراتيجي أناليتكس" قدّرت مبيعات الساعات الذكية حول العالم خلال العام الماضي بنحو 1.9 مليون وحدة، فيما تتوقع دراسات أخرى أن تتضاعف هذه المبيعات لتسجّل نحو 5 ملايين ساعة ذكية مع نهاية العام الحالي.
ومن الأجهزة القابلة للارتداء أيضا : النظارات الذكية ومن أشهرها " نظارة جوجل" الذكية التي تلبس كنظارة عادية ، ولكنها لا تحتوي عدسة وانما تحتوي بعض الاجزاء التي تحولها الى حاسب متنقل مثل المعالج والذاكرة والاتصال اللاسلكي، وهي تقوم على تقنية تعرف بـ "تقنية الواقع المضاف أو المعزز"، أي ربط الاشياء والاماكن المحيطة حولنا بعالم الحوسبة، لتظهر لنا مجموعة من المعلومات عن الجسم او المكان الذي ننظر اليه، فضلا عن تقديمها العديد من الاستخدامات والتطبيقات التي يقوم بها الهاتف الذكي.
ومن الأجهزة الذكية القابلة للإرتداء ايضا الأساور الإلكترونية، السماعات الذكية، الاحذية الذكية، وهي الأجهزة التي تقدّم للمستخدم مجموعة واسعة من التطبيقات والمعلومات تفيده في لرصد حالته الصحية والبدنية.
ولم تتوقف عجلة الابداع والابتكار للشركات العالمية التي بدأت تتنافس في هذا المجال عند حدود الاجهزة سابقة الذكر، ولكن ظهر ايضا ما يسمى بالمجوهرات والخواتم فائقة التقنية، والملابس الذكية ، التي تقوم وتركز على تقديم ورصد معلومات صحية تفيد المستخدم في حياته اليومية، حيث ان الملابس الذكية مثلا مزودة باجهزة استشعار، ولديها المقدرة على الاتصال بالإنترنت وتقديم معلومات صحية وبدنية تفيد المستخدم في حياته اليومية، فباستطاعة هذه الالبسة مراقبة صحة مرتديها من حيث معدل دقات القلب وضغط الدم وحرارة الجسم والعديد من المؤشرات الحيوية الأخرى.
ويرى رئيس جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات الأردنية " إنتاج" جواد جلال عباسي أن تكنولوجيا الاجهزة القابلة للارتداء بدات بالتطور والانتشار منذ سنوات قليلة كإمتداد لصناعة الهواتف الذكية، ويتوقع لها مزيد من الانتشار خلال المرحلة المقبلة وخصوصا مع تنافس كبرى الشركات العالمية المصنعة لهذه الاجهزة في إستحداث واضافة تطبيقات تحاكي الحياة اليومية للمستخدمين، ومع تراجع اسعار الاجهزة الإلكترونية والشرائح المستخدمة في تصنيع هذه الاجهزة.
وقال عباسي "هذه الاجهزة تعد واحدة من المفاهيم التي تندرج تحت مفهوم " إنترنت الأشياء" عندما ترتبط الاجهزة والآلات بشبكة الإنترنت وتقدم معلومات مفيدة للمستخدم في حياته اليومية ما يمكن ان يغيّر او يسهل او يحسّن في حياة الناس".
وأكد عباسي أن التطبيقات الصحية والقطاع الصحي ومؤشرات الحياة الرياضية للمستخدم، وغيرها من التطبيقات هي الأكثر ارتباطا مع الاجهزة القابلة للارتداء.
واظهرت دراسة حديثة لمؤسسة الابحاث " Juniper Research " إن مبيعات الأجهزة الذكية التي يمكن ارتداؤها، ستتجاوز 100 مليون جهاز بحلول العام 2017، وبأنّ حجم هذه السوق سيتجاوز  الـ 53 مليار دولار في العام 2019 ، حيث رجحت الدراسة ان يستحوذ  قطاع الرعاية الصحية على الجزء الأكبر من تطبيقات هذه الاجهزة.
وقدرت دراسة اخرى - صدرت في وقت سابق  - للمؤسسة الاستشارية العالمية "آي دي سي" أن تبلغ شحنات التقنيات الذكية 19 مليون وحدة عالمياً في العام 2014 وأن تتجاوز 100 مليون وحدة بحلول العام 2018.
وفي اطار تطور ونمو هذه الصناعة، دخل في دائرة المنافسة للاستحواذ على أكبر حصة من هذه السوق كبرى الشركات العالمية المصنعة للهواتف الذكية مثل " سامسونج" بساعتها الشهيرة " سامسونج جلاكسي جير" ، وشركة " ابل"، فيما اشتهرت " جوجل" بنظارتها الذكية، كما دخلت السباق في المنافسة على تطوير هذه الاجهزة شركات مثل " ال جي" التي تسعى لاطلاق ساعتها الذكية الشهر المقبل، و " مايكروسوفت" التي تسعى لاطلاق ساعتها قريبا، و " موتورولا" ، و" أتش تي سي" و" سوني"، كما دخل السباق شركات مصنعة للساعات مثل " سواتش"، وشركات مصنعة للملابس الرياضية وغيرها من الشركات الكبرى وحتى الناشئة والصغيرة.
ومن جهته؛ قال الخبير التقني عبد المجيد شملاوي ان "هذه التكنولوجيا الجديدة تلبي التفاعل والارتباط للمستخدمين بشبكة الانترنت، حيث بدات هذه الاجهزة بالتطور شيئا فشيئا لتوفر تطبيقات وخدمات مرتبطة او مكملة للهوافت الذكية".
ولفت إلى أن النظرة الى هذه الاجهزة وتقييمها على انها نوع من الترف والكماليات ما يزال مبكرا، حيث استرشد شملاوي بالتطور الذي حصل مع معظم تقنيات واجهزة الاتصالات ومنها الهواتف الذكية التي كان ايضا ينظر لها على انها كماليات في الماضي.
واشار شملاوي الى ان هذه الصناعة ستفتح ابوابا كثيرة امام مطوري التطبيقات والخدمات الخاصة بهذه الاجهزة، مؤكدا ان هذه الاجهزة وما يرتبط بها من خدمات ستكون منجم افكار للرياديين الذين يبتكرون ويسعون لتأسيس اعمالهم الخاص في قطاع تقنية المعلومات.
وتتنبأ شركة الأبحاث التسويقية " جارتنر" بتزايد اعداد التطبيقات المرتبطة بالاجهزة الذكية القابلة للارتداء، حيث تتوقع الشركة أن تشكل تطبيقات تلك النوعية من الأجهزة 50 % من اعداد التطبيقات المطوَّرة للأجهزة الذكية بحلول العام 2017.