"وادي شعيب" يستقطب الباحثين عن الدفء وسحر الطبيعة

مشاهد مختلفة من وادي شعيب - (الغد)
مشاهد مختلفة من وادي شعيب - (الغد)

تغريد السعايدة

عمان- على الرغم من الانحباس المطري الذي تعانيه المنطقة، إلا أن برودة الطقس التي تؤثر على الأجواء العامة تجعل المواطنين يلجأون إلى المناطق الأكثر دفئاً وأكثرها ربيعاً.

اضافة اعلان

ومن أكثر تلك المناطق استقطابا للزوار وادي شعيب وما يحويه من مناظر طبيعية وأشجار، ويزيدها بريقاً مرور "سيل وادي شعيب" من خلالها.

فعلى جنبات الطريق الفاصلة ما بين وادي السلط ومنطقة الأغوار تتجاذب العائلات المنتشرة في كل مكان أطراف الحديث في جلسات حميمية بالهواء الطلق، وصوت خرير المياه القادم من ذلك السيل الذي يصب في نهر الأردن.

تتمتع منطقة وادي شعيب الواقعة على مسافة لا تزيد على خمسة كيلومترات جنوب مدينة السلط، بالأجواء الربيعية الساحرة التي تتسم بوجود الخضرة على مدار العام تقريباً، إذ يساهم وجود السيل في ريّ جوانب الوادي، ما يجعلها خضراء بشكل مستمر.

كما أن الكثير من العائلات التي تقطن المنطقة تعتمد على مياه سيل وادي شعيب في ري مزروعاتها من الحمضيات التي تُباع على جوانب الطريق، مثل الليمون والبرتقال، والجريب فروت، وغيرها، ليكون هذا الوادي دائم الخضرة والحياة.

ففي هذه الأجواء، وخلال أشهر الربيع، تجتمع الكثير من العائلات في الوادي، نظراً لمساحته الشاسعة التي تتيح لهم ولأطفالهم المجال للعب والحركة بحرية، وهنا تقول منيرة أحمد، القادمة من منطقة صويلح، إنها قصدت وأسرتها هذا المكان، من أجل البحث عن أماكن دافئة، فيها الماء والخضرة، على حد تعبيرها.

وتقول منيرة إنها اتفقت مع إخوتها على المجيء إلى هذا المكان الفسيح الذي لا يكلفهم شيئا، إذ لا تستطيع العائلات الكبيرة الذهاب إلى الأماكن التي يحتاج دخولها مبالغ مالية لا يطيقونها.

 ولذلك فمنيرة تجد في وادي شعيب الذي يُقدر عدد المنابع المائية فيه بحوالي 666 عينا، موزعة على طول المنطقة الواصلة بين وادي شعيب والأغوار، مكاناً مناسباً ومريحا، لها ولإخوتها وعائلاتهم. 

ومما يتميز به وادي شعيب أيضاً هو تفتح الأزهار مبكراً، بالرغم من قلة المياه على الجبال، إذ تزدان جبال وادي شعيب بالبساط الأخضر الذي تزينه ألوان الورود بكافة أنواعها، إذ تبين المعلومات التي خُصصت للحديث عن منطقة وادي شعيب أن "الكثير من أنواع الزهور تنمو في المنطقة نظراً لأجوائها الملائمة"، بالإضافة إلى "الكثير من أنواع الأعشاب العلاجية النادرة التي قد لا توجد إلا في هذه المنطقة".

كما أن زوار المنطقة وتحديدا السيدات يتعمدن البحث بين الصخور المتناثرة عن الأعشاب التي تنفع في العلاج، أو لصناعة بعض أنواع مطيبات الطعام، وخاصة "المنسف"، إذ تقول أم جمال، القادمة من السلط، إنها تحرص في كل مرة تأتي فيها إلى وادي شعيب، في البحث عن بعض أنواع الأعشاب التي قد لا تتواجد إلا في هذا المكان. 

وتبين أم جمال أنه من خلال خبرتها في الأعشاب فإن منطقة وادي شعيب التي تمتاز بوجود مجرى مائي وأجواء حارة نوعاً ما، "تساهم في نمو الأعشاب التي تستخدم للعلاج في بعض الأوقات، مثل الجعدة، اللوف، البابونج"، وغيرها، بالإضافة إلى نوع معين من الأعشاب يستخدم في تحضير "بهارات المنسف".

ومن الأعشاب التي تشتهر بها منطقة وادي شعيب، البابونج والزعتر البلدي والميرمية، والنعناع بأنواعه المختلفة، والذي يستخدم كمهدئ للآلام، إضافة إلى نوع آخر من الأعشاب يسمى "الخوخ" المستخدم شعبيا في تحضير أنواع مختلفة من العلاجات الطبيعية، كما يوجد في المنطقة الكثير من الأعشاب الربيعية الحولية، والموسمية الأخرى.

وبالقرب من سيل وادي شعيب، جلست عائلة أبو نزار وبعض من أقاربها، إذ جاؤوا جميعاً من عمان، للتمتع بالأجواء الربيعية التي يفتقدونها في العاصمة. 

يقول أبو نزار الذي انشغل بالتحضير للشواء، أنه يحب الاستمتاع بالأجواء العائلية، خارج المنزل، في الهواء الطلق، ووجود الماء، ولذلك يتوجه خلال هذه الفترة إلى منطقة وادي الشعيب، ومن هناك يتابع رحلته في الأغوار قُبيل مغيب الشمس.

وبالقرب من الأشجار الكبيرة المعمرة الموجودة في الوادي جلست سيدات عائلة عمر النجار لإعداد طعام الغداء، إذ أحضرت السيدات كل ما يلزم لإعداد الغداء وتوابعه، بينما قام الأبناء بتجميع الأخشاب لإشعال النار، والاستعانة بالفحم الذي يُباع على الطريق المؤدي إلى وادي شعيب.

وتقول خولة إنها تستمتع بالأجواء المحيطة، فأصوات المياه تبعث على الراحة والهدوء، لذلك تتمنى على المسؤولين عن المنطقة زيادة الاهتمام بمرافقها ونظافتها، حفاظا على هذا المقصد السياحي الذي يرتاده كثير من القادمين من عدة محافظات، علما بأن سيل وادي شعيب يعتبر من الأماكن الجاذبة للزوار، وعليه يجب أن يكون موضع المزيد من العناية والاهتمام. 

ومما يزيد المكان جمالاً وروعة، وجود الأشجار المعمرة التي تقع على جانبي السيل، والتي يُقدر عمرها بحسب بعض المصادر بمئات السنين، إذ إنها قديمة جداً، وشديدة الارتفاع والصلابة، ومن أشهرها أشجار الكينا التي قد يزيد ارتفاع بعضها عن الثلاثين متراً.

بالإضافة إلى تناثر أشجار اللوز بأزهارها البيضاء، ووجود أشجار الدفلى التي يشتهر بها وادي شعيب. كما توجد أشجار الرتم، أو الرتام التي كان يستخدمها السكان سابقا في مواقدهم، لأن أخشابها تشتعل بسرعة، وتستمر في الاشتعال لفترات طويلة.

وفي ذات الوادي وبالقرب من مقام النبي شعيب توزعت الكثير من العائلات وتناثرت بأعداد كثيرة من أجل الاستمتاع بأجواء الطبيعة وجبالها المرتفعة، ولأداء الصلاة في مقام النبي شعيب الذي يُعد من أكثر المناطق السياحية الدينية شهرةً في الأردن.

ولذلك، تأتي الحاجة "جليلة" مع عائلات أبنائها من مدينة الزرقاء إلى وادي شعيب في هذا الوقت من السنة، وتظل تكرر زياراتها حتى بداية الصيف، من أجل الجلوس لساعات في أجواء "معتدلة"، ومن أجل الصلاة في مقام النبي شعيب، الذي تعتبره مكانا مباركا.

ومن المناظر المألوفة على جانبي طريق وادي شعيب وجود سائقي السيارات من المتنزهين الذين يأتون لغسل سياراتهم بمياه السيل، وهي الظاهرة التي يرى البعض أنها "غير مناسبة" سياحياً، لأن الطريق ضيق وحاد، لا يتسع لوقوف السيارات لغسلها ولمرور سيارات أخرى.

ونظراً للإقبال الشديد والمتزايد للزوار، فقد أقدم بعض الأشخاص على الاستثمار سياحياً في المنطقة، من خلال إنشاء "كشك" لبيع القهوة والمشروبات الساخنة، بالإضافة إلى آخرين افتتحوا بعض محال "الكوفي شوب" المتواضعة، فيما أقام آخرون محال لبيع الخضراوات والفواكه. كما أن هناك من حاول أن يستثمر حركة السياحة في تأجير ركوب الخيول أو الجمال التي يحبذها الزوار ولا سيما الأطفال.

ويشار إلى أن الحركة السياحية تزداد خلال الفترة الممتدة من أوائل شباط "فبراير" ولغاية بداية أيار "مايو" من كل عام، كونها الفترة التي تكون فيها الأجواء معتدلة وربيعية، وساحرة.

شاهد الفيديو على الرابط التالي:

 

[email protected]

tagreed_saidah@