آخر خرائط المنطقة

من كان يصف القوى والمشاريع الكبرى في المنطقة كان يضع إسرائيل وتركيا وإيران ثلاثة مشاريع كبرى ذات برامج وسعي لنفوذ بل ومضمون قومي أو ديني، وكان الحديث عن غياب المشروع العربي، هذا المشروع الذي ما يزال غائبا كتعبير عن الأمة.

اضافة اعلان


لكن خريطة الإقليم اليوم تغيرت بعض ملامحها، فالمشروع العربي ما يزال غائبا، بل إن الحالة العربية ما تزال جسدا متخما بالأزمات، هذه الأزمات طويلة الأمد التي يغيب أفق الحل فيها في سورية وفلسطين وأخرى في لبنان والعراق واليمن إلى ليبيا، هذه الأزمات هي التي تعطي لمثلث النفوذ الفارسي والتركي والإسرائيلي مساحات وفرصا لامتلاك أدوات ونفوذ.


الجديد اليوم في ظهور السعودية كقوة أكثر نشاطا وحضورا إقليميا، دولة كانت تملك النفط، لكنها اليوم تمتلك مشروعا للتنمية ورغبة في زيادة نفوذها السياسي إقليميا ودوليا وأن تنتقل من دولة نفطية إلى قوة إقليمية ذات دور في قضايا العالم، وهذا الأمر تسارع خلال العامين الأخيرين.


ومن يريد التحرك برشاقة ونحو أهداف يضعها، عليه إغلاق ملفات وتبريد أزمات، وهذا ما فعلته السعودية مع إيران مع مناكفة لأميركا بإعطاء الصين دور الوسيط، وهذا أدخل الأزمة اليمنية في حالة هدوء نسبي وإن كان الحل الكامل لم يأت بعد، وأيضا تفاهم ترك أثره على الملف السوري جزئيا، فالسعودية لم تكن تريد أن تحمل لواء حل المشكلات، بل التخلص مما يؤثر عليها من أزمات الإقليم.


وقبل إيران، كان التحسن في علاقات السعودية مع تركيا، واكتمل المثلث بتطبيع مرتقب بين السعودية وإسرائيل، وهذا يرسم خريطة بين القوى الفاعلة في الإقليم ذات الهويات.


الخريطة تقول إن علاقات قوية واستراتيجية تجمع تركيا وإسرائيل، وعلاقات ستكون جيدة بين إسرائيل والسعودية، وعلى الجانب الآخر هدوء وإيجابية بين إيران والسعودية وتركيا، وهذا الهدوء أو التعاون بين رباعي النفوذ يوفر لكل دولة منها فرصة خدمة مشروعها الإقليمي وإدارة ملفاتها الداخلية.


لا يزعج تركيا إلا الملف الكردي وشمال سورية والعراق، لكن بقية علاقاتها معقولة إلى ممتازة، وإيران تمارس معركة النفوذ مع إسرائيل، لكنها ليست معركة مبادئ ولا حقوق، فإيران لم تطلق طلقة على إسرائيل منذ أن جاء الخميني، ولا ترد على القصف الإسرائيلي لها في سورية المستمر منذ سنوات، ولم تفتح مع معسكر المقاومة معركة تحرير الجولان السوري ولا مزارع شبعا اللبنانية، لكن ما يشغل إيران محاولات لتوسيع النفوذ وفتح الأبواب أمامها في مصر والأردن.


أما السعودية، فواضح أنها معنية بنجاح رؤيتها الاقتصادية في الإقليم وإحداث التغيير الداخلي بشكل شامل، ولهذا ذهبت إلى تبريد جبهاتها الخارجية.


أما إسرائيل، فما يقلقها هو الحديث عن حقوق الفلسطينيين، وتريد إغلاق القضية الفلسطينية دون أن تعطي حقوقا للشعب الفلسطيني، ويزعجها الموقف الأردني الذي يدرك منهج عمل نتنياهو الذي يعمل لإبقاء القضية الفلسطينية في أي علاقة عربية مع إسرائيل، ولهذا فلدينا اليوم مفهوم للسلام، ولدى إسرائيل مفهوم مختلف يشاركها فيه جماعة صفقة القرن وأمثالها.


خريطة جديدة سياسيا ربما تؤدي لتغير إذا ما كان هناك صفقة لحل تتبناه إيران والدول الكبرى في سورية، لكن الثابت في الخريطة السياسة هو الموقف الأردني الذي يريد سلاما قاعدته حقوق الفلسطينيين على أرضهم، فالعكس هو تصفية القضية الفلسطينية وثمن كبير جدا يدفعه الأردن.


خريطة سياسية ستترك أثرا مباشرا في أوزان القضايا ومصالح دول الإقليم الأخرى.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا