الانتخابات البرلمانية وسيناريوهات المستقبل

كلما اقترب موعد انتخاب مجلس النواب، يعود الجدل كل مرة، هل ستجري الانتخابات، هل ستؤجل، والأسباب، والأعذار لا حصر لها، وبعض الذين ينظرون لذلك ينسبون الأمر لمرجعيات مهمة في الدولة، ويسهبون في شرح التفاصيل.

اضافة اعلان


من حيث المبدأ كنت، وما أزال داعما لتحديد موعد للانتخابات ثابت، ولا يتبدل، حتى نُنهي هذا النقاش الممجوج، فالانتخابات يجب أن تجري مهما كانت الأوضاع، وهو تثبيت لمؤسسية الدولة، وترسيخ لأركانها، وتوطيد لدعائم العمل الديموقراطي، سواء أعجبنا أداء البرلمان، أو لم يعجبنا، أو يقنعنا عملهم!


التواقيت لانتخاب مجلس النواب يبدأ من منتصف شهر آب/ أغسطس المقبل، والمعلومات الراشحة أن الدولة حسمت أمورها في الذهاب إلى الانتخابات دون تأجيل، أو إبطاء، وبقي حسم الموعد، هل تجرى في أغسطس ونضمن مشاركة قسم من الأردنيين في الخارج الذين يقضون إجازاتهم في البلاد، وتكون المدارس في عطلتها الصيفية، أم تُرحل لشهر أيلول/ سبتمبر؟ 


المواعيد مرتبطة بسياق، واستحقاق دستوري، وواقع الحال أن هذه الانتخابات ستكون فريدة لأنها أول تطبيق لقانون الانتخاب الجديد، الذي يتوقع أن يدفع الأحزاب إلى مقدمة المشهد.


العدوان على غزة الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي في صلب النقاش الدائر الآن، والسؤال إذا ما استمرت الحرب لوقت طويل من العام القادم، وإذا ما توسعت دائرتها، ودخلت إلى دائرة الاستهداف الإسرائيلي أطراف أخرى، مثل خوض معركة ضد لبنان، هل يمكن أن نجري الانتخابات؟ 

 

وفي ذات السيناريو تطرح قضية التهجير القسري للفلسطينيين، ويدخل على الخط قصة السلطة الفلسطينية التي ستكون ما بعد الحرب، واحتمالات جدية، وكبيرة لمرحلة ما بعد رئاسة محمود عباس «أبو مازن»، وعلاقتنا بالسلطة الجديدة، مهما كانت، وتداعيات ذلك على الأردن؟ 


في الداخل يُناقش تيار في الدولة، وعلى ضفافها فرضية أن الحرب التي تشن على حركة حماس زادت من شعبيتها في كل مكان، وفي المقدمة الأردن، واستطلاعات الرأي تؤكد ذلك، وهذا باعتقادهم سيصب لمصلحة جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها، وسينعكس حكما على التصويت في الانتخابات، ولن يستطيع أي حزب مجاراتهم، حتى لو توفرت له مظلات دعم، وحماية.


العلاقة بين الإخوان المسلمين في الأردن وحركة حماس كانت مشتبكة، وأكثر من وطيدة، حتى إن هناك تيارا كان قويا داخل الإخوان محسوب على حماس.


هذه المعادلة لم تعد كما كانت سابقا، وبعد أن أبعدت السلطة في الأردن قيادة حماس منذ سنوات طويلة إبان رئاسة عبدالرؤوف الروابدة، فإن حالة التداخل التنظيمي يمكن القول إنها ضعفت، أو انتهت، ويتحدث قادة حماس علنا، وفي جلساتهم إنه لا تربطهم أي علاقة بتنظيم الإخوان في الأردن، حتى ولو تعمد بعض قيادات الإخوان في الأردن السعي لتحويل مكاسب المقاومة في غزة لصالحهم، وحسابهم، عبر تصدر مشهد الاحتجاجات، والتظاهرات.


لا يمكن الحسم، والقطع أن إخوان الأردن لن يستفيدوا من صمود حماس في غزة، وما ستؤول له الحرب، فالثابت أن حماس لاعب أساسي، لا يمكن تجاهله مهما كانت نتائج العدوان، وما يسأل، ويستحق أن يدرس، حدود ما يمكن أن يحصده تيار الإخوان، وحلفائه بعد الحرب، وفي صناديق الاقتراع؟


الانتخابات المقبلة عنوانها الأبرز الأحزاب، ودورها، ومكانتها، وهل ستفرز أحزابا يمكن أن تشكل حزب الأغلبية في البرلمان، منفردة، ام بائتلافات، وتحالفات، وهذا يعني استتباعا أن هناك حكومة أغلبية برلمانية، وقد تنشأ على هامش المشهد معارضة برلمانية حزبية منظمة؟


الحراك الذي نطالعه أن هناك أحزابا تحاول بكل جهد أن تقدم نفسها على أنها حزب الدولة، وهي وريث الميكانيزمات القديمة للسلطة، برجالاتها، ونخبها، والصراع بين عدد قليل من الأحزاب على أنها الأحق بالتمثيل والرعاية الرسمية، والمعركة محتدمة ولم تُحسم، والمرجعيات ترى أن يترك الميدان ليحدد من الأقوى، وعندها تكون الكلمة الفصل، وربما يكون التوجه بتحالفهم نهاية المشوار.


لا يمكن الإنكار أن هناك محاولات جدية عند بعض الأحزاب على بناء مختلف، لا يتدثر برداء السلطة، وإن كان لا يُناكفها، أو يتصادم معها، ويريد أن يبني حزبا له رؤية تؤهله، وبناء جماهيري، ويحضر بقوة وسط الشباب، وله منظرين، وخلايا تفكير، ويعتقد ان مؤهل ليقود السلطة في المستقبل، وفي المرحلة القريبة يكون لاعبا لا يمكن تجاهله.


المخاض النهائي أن الانتخابات القادمة في مقدمة المشهد ستكون للأحزاب، وإن كانت الصورة القديمة للانتخابات ذات بعد عشائري، ومناطقي ستحضر بقوة، حتى لو لبست لبوسا حزبيا، والفرز بتوقعنا سيقود إلى 5 أو 6 أحزاب سيكون لها حضور بتفاوت في حصة المقاعد الحزبية، وستكون لها حصة أيضا في الأصوات الفردية في المناطق الانتخابية، وفي التفصيل حزبان توجهاتهما وسطية، وآخران ميولهما إسلامية أحدهما حزب جبهة العمل، وحزبان بتوجه ليبرالي، يساري مدني، وبعد الانتخابات تبدأ لعبة التحالفات والاستقطاب للقول نحن الأغلبية.


خلاصة القول؛ الانتخابات يجب أن تجري في موعدها، والرابح الأول هي الدولة الأردنية.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا