التحول الأخضر والطلب على المعادن

حمزة العلياني بإمكاننا أن ندفع عجلة التحول إلى الطاقة الخضراء كي يستفيد منها الجميع، ولكن ذلك شريطة أن نرتقي بالمعايير البيئية والاجتماعية. حيث من الممكن ان تتحول المنطقة لتصبح مركزاً رئيساً في التحول العالمي للطاقة المتجددة باستخدام التقنيات الذكية والقوى البشرية العالية، فالصناعات الاستخراجية تقدم فرصًا لا تقاوم على تحقيق ريع اقتصادي كبير، حيث يمكن أن تُترجم هذه الموارد إلى قوة جغرافية اقتصادية هائلة كما كان الحال بالنسبة للنفط. يتركز التعدين والمعالجة في عدد قليل من البلدان، حيث تسيطر الصين على 50-70 % من سلاسل الليثيوم والكوبالت، بالإضافة إلى ما يقرب من 90 % من معادن الأرض النادرة. وهو ما يعني أننا قد نواجه فجوة في البنية التحتية إذا استمرت التوترات السياسية الدولية في النمو. ونتيجة لذلك، يشهد العالم تحولا نحو إعادة توطين قدرات المعادن ومعالجتها حيث تحاول القوى الإقليمية جعل سلاسل التوريد المعدنية أكثر أمانا. إن قرارات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المتعلقة بتدوير المعادن “النادرة”، وتقليل الاعتماد على الصين، وكذلك إعلان الصين سنة 2016 إنشاء مخزون تجاري وطني من هذه المواد، وقبل ذلك خفض الصين صادراتها من العناصر النادرة، هي ترجمة للمواجهة الدائرة بين هذه القوى وفصول من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. يمرّ قطاع التعدين بتحوّل عميق، يأتي ذلك نتيجة للاستجابة السريعة لمشهد التحول الأخضر العالمي، إذ يتطلب التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة تأمين سلاسل إمداد موثوقة لمتطلبات إنشاء البنية التحتية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهذا يتطلب مدخلات جديدة من المواد الخام كالليثيوم والكوبالت والنحاس ومعادن الأرض النادرة، التي من المتوقع أن تواجه تحديات في جانب الإمداد في السنوات القادمة. إن أنظمة الطاقة الشمسية تحتوي على ما يقرب من 5.5 طن من النحاس لكل 1 ميغاواط، في حين تعتمد منشآت تخزين الكهرباء على ما بين 3 و4 أطنان من النحاس لكل ميغاواط، كما يمكن أن تحتوي مزرعة الرياح الواحدة على ما بين 4 و 15 مليون رطل من النحاس، ومن المتوقع أن يزيد الطلب على النحاس بأكثر من الضعف خصوصا مع جود تطبيقات جديدة في مجال الهيدروجين، بينما بالنسبة للعناصر الأرضية النادرة، يمكن أن ينمو بمعدل 3 إلى 7 أضعاف مقارنة بالمستويات الحالية. كذلك من المتوقع أن يؤدي نمو السيارات الكهربائية إلى ما بين 145 و230 مليونًا على مستوى العالم بحلول عام 2030- إلى جانب تخزين البطاريات، مما يؤدي لزيادة الطلب على الليثيوم أكثر من 40 مرة بحلول عام 2040، والكوبالت والنيكل، يمكن أن يزيد 20-25 مرة خلال الفترة نفسها، وبالمثل، يجري استخدام الألمنيوم في معظم تقنيات توليد الكهرباء والتخزين. ولتحقيق درجتين مئويتين، تشير التقديرات إلى أن هدف المناخ العالمي يتطلب نحو 6 ملايين طن من الألومنيوم سنويًا بحلول عام 2050. تشير تقديرات تقرير الاقتصاد المناخي الجديد إلى أنه إذا شرعنا في مسار النمو الأخضر عالميا، فإن عدد الوظائف الخضراء الجديدة سيفوق بشكل كبير الوظائف البنية القديمة التي ستنخفض- مكسب يتمثل في 65 مليون وظيفة إضافية للأنشطة منخفضة الكربون بحلول 2030، مقابل خسارة 28 مليون وظيفة في الأنشطة مرتفعة الكربون مثل الفحم وصناعة الوقود وإمدادات الكهرباء والغاز، وهذا يشمل أنظمة إيكولوجية تتمتع بالقدرة على الصمود، وكفاءة الموارد، ونظم الإدارة المتكاملة للأراضي، والزراعة المستدامة، وإنتاج الطاقة النظيفة بوصفها سياسات رئيسية للنمو الأخضر. يمكن للتعدين المراعي لتغير المناخ تطوير استخراج المعادن ومعالجتها بأساليب مستدامة من أجل تأمين الإمدادات المطلوبة لتقنيات الطاقة النظيفة من خلال تحسين المعايير المتعلقة بالبيئة، والمسائل الاجتماعية، والحوكمة، لتحفيز القطاع الخاص، ووضع إطار دولي شامل لتنسيق السياسات بين المنتجين والمستهلكين لجمع بيانات موثوقة وإجراء تقييمات لنقاط الضعف في سلسلة التوريد وتصويبها. المقال السابق للكاتب تعزيز رؤية المملكة لعام 2033 من خلال العلامات التجارية الوطنيةاضافة اعلان