التغير المناخي والوعي العربي

التغيرات المناخية
التغير المناخي

وفق العديد من المراكز المتخصصة مؤخرا، ومنها مرصد كوبرنيكوس لتغير المناخ التابع للاتحاد الأوروبي، فإن عامنا الحالي يشهد ارتفاعا غير مسبوق في معدلات درجات الحرارة، يؤهله لكسر الأرقام القياسية المسجلة، ليكون بذلك الأسخن في التاريخ البشري الحديث.

اضافة اعلان


فبحسب شبكة الجزيرة الإخبارية، "أوضح المرصد أن درجة الحرارة العالمية خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى أيلول (سبتمبر) هذا العام كانت أعلى بمقدار 1.4 درجة مئوية عن متوسط ما قبل عصر الصناعة في الفترة بين العامين 1850 و1900، أي قبل تأثير انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري على المناخ".


الأمر لم يعد مجرد خبر تشاهدونه على شاشات التلفاز أو تسمعونه عبر مذياع السيارة، بل واقع تعيشه الشعوب ومظاهره: حرائق وفيضانات وأعاصير من اليابان شرقا إلى الولايات المتحدة غربا، وغير ذلك من ابتلاءات الطبيعة التي تضرب البشرية بمعدلات متسارعة بفعل عبث الإنسان بها وجشعه في استهلاك مواردها بشكل جنوني دون ضابط.


وفي حين بدأنا نشهد مطالبات عالمية من قبل شعوب العالم، ومنها مثالا ما تشهده أوروبا والولايات المتحدة مؤخرا من تظاهرات سلمية، للضغط على حكوماتها لاتخاذ إجراءات كفيلة بالتعامل الحازم مع مسألة التغير المناخي المتفاقمة، فما تزال الشعوب العربية تجلس في مقعد المتفرج على الأحداث دون المساهمة فيها إلا بالقليل القليل، ما يتطلب فعليا توعية أكبر لهذه الشعوب بمخاطر التغير المناخي الكارثية على حاضرها ومستقبل أجيالها.


الأمر قد يبدأ بقيام وسائل الإعلام العربية بدور أكبر في توعية الشعوب بما يهدده التغير المناخي وسبل التعامل معه على مختلف الجبهات، وقد يأخذ مسارا أهم من خلال إدخال مساقات تعليمية في المدارس والجامعات لتعريف الأجيال ما يعنيه التغير المناخي وسبل مكافحته على شتى المستويات الرسمية والشعبية والعلمية والمعيشية وغيرها.


خذوا مثلا مصطلح "ظاهرة النينيو المناخية". أجزم أن معظم شعوبنا العربية لا تعرف ما يعنيه الأمر رغم تأثيراته الكارثية على حياتها. وهذا مجرد مثال واحد.

 

وللعلم فإن ظاهرة النينيو اختصارا، وبحسب شبكة CNN الإخبارية، هي "نمط مناخي في المحيط الهادئ الاستوائي يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة سطح البحر عن المتوسط، ولها تأثير كبير على تفاقم أحوال الطقس في جميع أنحاء العالم، ما يؤثر بدوره على حياة مليارات الأشخاص". ويرى المختصون أن الظاهرة لها تأثيرات خطيرة واسعة من تشكل الأمطار الغزيرة فجأة إلى الفيضانات الجارفة إلى حالات الجفاف الحادة إلى الارتفاعات القياسية القاسية في معدلات الحرارة في مناطق عديدة حول العالم.


لعل في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28)، الذي سيعقد في دبي من 30 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 12 كانون الأول (ديسمبر) هذا العام، فرصة لإيجاد آلية توعوية شاملة تستهدف شعوب دول العالم بأسره، ومنها دولنا العربية، لمحاربة الجهل بالتغير المناخي، وإشراك شعوبنا أكثر في الحراك العالمي للتصدي له ولكوارثه القادمة لا محالة، خصوصا إذا استمرت حالة اللامبالاة وعدم الاكتراث جماعة وأفرادا على المستويين العالمي والقطري لدى الملايين من البشر.


في التكيف مع حقيقة أن الأرض ضاقت ذرعا بالبشر بداية الحل، الذي يجب ألا يتوقف هناك، بل البناء عليه عبر العمل للحد من الأسباب التي تزيد من غضبها وظواهرها التي قد لا تبقي ولا تذر، وفي مقدمتها الاحتباس الحراري وما يجره من مصائب، خصوصا إذا استمر الإنسان في تناسي أنه العامل الأساسي في دمار الأرض، التي هي وطننا جميعا، وعلينا الدفاع عنها في معركتنا الوجودية للبقاء.


الأمر أضحى برمته تجسيدا واقعا لمقولة شاعر الإنجليزية الخالد وليم شكسبير: "إما أن نكون أو لا نكون". وفي ذلك خلاصة القول والغاية. فهل من متدبر أم المجهول مصيرنا؟

- الكاتب ناشط في الدفاع عن مستقبل الأرض والحقوق البيئية والمناخية

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا