العنصرية البغيضة لا حد لها!

نظرا لتفشي فيروس كورونا، يقترح نتنياهو تشكيل حكومة طوارئ مؤقتة تضم جميع الأحزاب الإسرائيلية باستثناء العناصر التي تدعم الإرهاب وفي ذلك إشارة ضمنية للقائمة العربية المشتركة التي حققت إنجازا انتخابيا غير مسبوق. وبتقديري أن هناك توظيفا سياسيا لانتشار فيروس كورونا من قبل نتنياهو الذي يريد استثمار إي كارثة لفرض اجنداته والحصول على حصانة تسمح له الإفلات من العقوبة.اضافة اعلان
لكن تصريحات نتنياهو العنصرية تجاه القائمة العربية المشتركة تأتي في سياق صهيوني معروف، فهناك ثلاثة أسس أو مبادئ أساسية حددت موقف الأغلبية الصهيونية تجاه الأقلية العربية. وهذه المبادئ هي: الأمن والصهيونية والديمقراطية، وفي حال تعارض المبدأ الثالث مع المبدأين الاول والثاني يغيب الثالث. بمعنى أن إسرائيل ينبغي أن تكون صهيونية/ يهودية تعيش بأمان ومن ثم ديمقراطية.
اللافت أن اليمين الصهيوني وبخاصة نتنياهو استثمر كثيرا في محاولة اظهار الأقلية العربية وكأنها طابور خامس، وعليه لا يمكن الوثوق بها ولا يمكن اعتبارها جزءا من الاجماع الإسرائيلي. الراهن أن نتنياهو لا يدع فرصة تفوت دون أن يعبر عن شكوكه تجاه عرب إسرائيل. ففي عام 1996 مثلا فاز نتنياهو بالانتخابات بفارق أقل من واحد بالمئة، لكنه ظهر على وسائل الإعلام ليقول بأنه فاز بنسبة 11 ٪ في الوسط اليهودي. والحق أن هناك اجماعا صهيونيا بأن أي قرار مصيري وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالموقف من الأراضي المحتلة ينبغي أن يحصل على أغلبية يهودية داخل الكنيسيت وليس أي أغلبية سياسية. هذا الأمر على وجه التحديد كان وراء تصريحات أطلقها بني غانتس في فترة الانتخابات وفيها ينفي ادعاءات نتنياهو بأن بني غانتس سيعتمد على العرب لتشكيل حكومته!
هذا النموذج من الديمقراطية العنصرية له ركائز متجذرة في تاريخ إسرائيل، وهنا لا بد من الإشارة إلى ما كتبه سامي سموحة من جامعة حيفا عما أسماه بالديمقراطية الاثنية أو العرقية، بمعنى أن الديمقراطية هي فقط لليهود مع السماح للعرب بالمشاركة بالحد الذي لا يؤثر على المشروع الصهيوني. وبالفعل هناك أغلبية يهودية ثابته يرافقها وجود أقلية عربية هامة. وفي النموذج الاثني هناك اعتقاد راسخ لدى الأغلبية العددية بأن الأقلية الهامة تناصب الأغلبية العداء، وهذا الشرط الأخير هو ما يبرر استمرار النموذج الديمقراطي العرقي من وجهة نظر الصهاينة. يعرف عرب إسرائيل هذا الواقع لأنهم يعيشونه بشكل يومي، وهذا ما دفع بعض الساسة منهم إلى التنظير لفكرة أن النضال ضد الصهيونية ينبغي أن يأخذ شكل المطالبة بدولة لكل مواطنيها. فلو تحقق هذا الأمر لانتهى نموذج الديمقراطية الاثنية وهو أمر لا يريده الصهاينة وبخاصة المتشددين منهم.
سلسلة مؤتمرات هرتسليا قامت بإعادة التأكيد على تعريف الدولة لنفسها، فإسرائيل بهذا المعنى هي دولة يهودية / ديمقراطية. وعليه، لا يوجد خلافات داخل النخب الصهيونية – بصرف النظر عن التباينات الأيدلوجية – حول اقصاء العرب من مسألة الأغلبية السياسية في نهاية المطاف، فأي أغلبية ينبغي أن تكون يهودية وهذا ما رسخ ما يمكن تسميته تابو ثقافي سائد.
وعودة على بدء، لا يمكن فهم موقف نتنياهو إلا في سياق كراهية وعنصرية يمتاز بها اليمين الصهيوني بشكل استثنائي، وربما لا نضيف شيئا عندما نقول هذا الكلام، لكن وعلى الرغم مما يقوم به نتنياهو من جهد لصرف النظر عن قضيته المركزية (الإفلات من العقوبة) فإن دور الأقلية العربية في غاية الأهمية لكشف زيف ادعاءات الصهاينة عن النموذج الديمقراطي. فهذه العنصرية يمقتها المجتمع الدولي ولا بد من تقديم موقف الأقلية العربية في سياق البحث عن المساواة والعدالة والديمقراطية الحقيقية والمواطنة وهي لغة يفهما العالم ويتعاطف معها.