تحديات أمام السياحة

رغم كل التحديات الجسيمة في المنطقة والتي تنعكس مباشرة على الاقتصاد الوطني وقطاعاته المختلفة، سجل القطاع السياحي نموا استثنائيا يحسب لإدارة القطاع التي قاومت تلك الأزمات بمزيد من العمل إحداث اختراق إيجابي، حيث ارتفع الدخل السياحي خلال الشهرين الأوليين من عام 2024 بنسبة 4.5 % بالمقارنة مع الفترة المقابلة من عام 2023، ليسجل ما قيمته 1.1 مليار دولار.

اضافة اعلان


التحديات الاقتصادية والسياسية المتجددة تضع القطاعات الحيوية، مثل السياحة، أمام اختبارات صعبة، فالأردن، بموقعه الجغرافي وثروته الأثرية، واجه تحديات جسيمة تراوحت بين الأزمات الإقليمية والجوائح العالمية. 


إلا أن الاستجابة الأردنية كشفت عن نهج مرن وإستراتيجي في إدارة هذه الأزمات، مع التركيز على ثلاثة محاور رئيسية: الترويج والتسويق، الحفاظ على الآثار، والرقابة مع التأهيل والتدريب. 


التأثير الكبير للأحداث غير متوقعة، جراء العدوان على غزة وجائحة كورونا، كان بمثابة دق ناقوس الخطر للسياحة الأردنية، مع إلغاء نسبة كبيرة جدا من الحجوزات الفندقية من قبل سياح العالم الغربي، لكن السياحة الأردنية والعربية، أدت إلى تعويض نسبي للقطاع، مما يعكس قوة ومرونة السياحة الداخلية والإقليمية في وجه التقلبات الدولية. 


التوجه نحو استهداف أسواق جديدة يُبرز الإصرار الأردني على تجاوز الأزمات بتنويع مصادر السياحة، فالسعي لجذب سياح من الصين، وروسيا، ودول أفريقية مختلفة، إلى جانب تعزيز السياحة الدينية من إندونيسيا وماليزيا، يشير إلى إستراتيجية بعيدة المدى لتحصين القطاع ضد الصدمات الخارجية. 


وفي سياق الحفاظ على الآثار، الجهود المبذولة لتحسين تجربة زائري البتراء وغيرها من المواقع الأثرية تشدد على أهمية هذه الموارد كمحركات أساسية للسياحة، إذ إن الاستثمار في الآثار ليس فقط حماية للتراث، بل هو تعزيز للهوية الوطنية ودعامة للاقتصاد. 


تبسيط إجراءات الرقابة وتأهيل العاملين في القطاع يكملان رؤية الأردن لقطاع سياحي متجدد وقادر على التكيف، فهذه الخطوات تعكس فهما عميقا لأهمية الكفاءة والجودة في تقديم الخدمات السياحية، وتؤكد الدور المحوري للعنصر البشري في هذا القطاع. 


ومن خلال هذه الإستراتيجيات المتكاملة، ينهج الأردن مسارا يمكنه من التعامل مع التحديات الراهنة والمستقبلية بكفاءة عالية، فالتركيز على التنويع، والحفاظ على التراث، وتحسين الكفاءات يُعد نموذجا يُحتذى به في إدارة الأزمات وضمان نمو مستدام لقطاع السياحة. 


وفي ضوء هذه الجهود، يبقى الأردن قصة نجاح تظهر كيف يمكن للمرونة والإبداع التغلب على التحديات الاقتصادية الصعبة.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا