عام اقتصادي صعب يودع.. فما القادم؟

يوسف محمد ضمرة نقترب من توديع العام 2022 وما شهدناه من آثار اقتصادية، يبدو أن كثيرا من الأمور سترافقنا في 2023، ومنها كثير من المؤشرات السلبية للأسف فيما يتعلق بالتضخم وارتفاع في أسعار السلع الأساسية وبقاء أثمان النفط عالميا في مستويات لن تعود كما كانت عليه أثناء جائحة كورونا. الضغوط المعيشية لن تختفي بين ليلة وضحاها، وهي ليست محصورة في الأردن، بل عالميا. وبمجرد متابعة أخبار العالم، نخرج بانطباع أن مظاهر الاحتجاجات والإضرابات موجودة، حتى في فرنسا احتج سائقو الشاحنات. الأمر لا يعني الاستسلام للواقع فقط، فالدعم الأعمى الذي كان سائدا في الماضي بات أداة غير فاعلة لأنه يستفيد منه الغني بكمية دعم أكبر من مستحقيه، والوصفة الحالية هي توفيره، على سبيل المثال، للقائمين على سلاسل الإمداد كقطاع النقل المتأثر الأكبر من تداعيات صعود أسعار النفط. في 2023، سيتم البناء على ما تحقق من إنجازات في المالية العامة والسياسة النقدية، فتحسن تصنيف المملكة لدى المؤسسات الدولية يعكس ثقة المؤسسات الدولية الاقتصادية في أداء وسلامة الإجراءات الحكومية وأنها تسير في الوقت الصحيح رغم أنباء التخفيض لاقتصاديات كبرى. توقعات النمو الاقتصادي محليا ستبقى أفضل من التوقعات المبدئية التي ستلامس 3 % أو أقل بقليل، وخصوصا أن صندوق النقد الدولي قد رفعها خلال العام الحالي من 2.4 %، الى 2.7 %، بينما واصل تخفيضاته للعديد من الدول أو حتى توقع ركودا اقتصاديا لها. لا شك أن الحرب الأوكرانية الروسية ستبقى الضاغط الرئيسي على الاقتصاد العالمي، وأوروبا تنتظر شتاء قارسا دون إمدادات الغاز الروسية التي كانت كالمعتاد، والتي تنسحب على أسواق النفط. لا شك أن المديونية العامة سترتفع على أقل تقدير خلال العام 2023، بمقدار العجز بعد المنح والمساعدات بنحو 1.8 مليار دينار، على ضوء فرضيات مشروع قانون الموازنة العامة شريطة الوصول الى الأرقام المستهدفة في الإيرادات العامة وإبقاء النفقات العامة ضمن السقوف الممنوحة دون اللجوء للتغول على المالية العامة والإفراط بالإنفاق، وهو أمر استطاعت إدارة المالية العامة عدم التهاون فيه. أما الجانب الأكثر إشراقا، فيتمثل بحصافة السياسة النقدية والمتمثلة ببيت الخبرة البنك المركزي الأردني، الذي تعد المحافظة على جاذبية الدينار فيه أمرا مسلما به، لأن التدخل بإداراته هو أمر غير مسموح به بالعلم والمنطق، وبخلاف ذلك مأساة لا تبقى ولا تذر، وقد اختبرت في القرن الماضي مثل تلك الممارسات ونتائجها الكارثية. ومن هنا، فإن سياسة تثبيت ربط الدينار بالدولار الأميركي تخدم الاقتصاد الوطني والمواطن، وقد أثبتت أنها علامة فارقة للاقتصاد الوطني في ظل محيط مضطرب. أما الفيدرالي الأميركي، فليس هناك ما يدل على أنه في العام 2023، سيتوقف عن الاستمرار في سياساته الانكماشية ورفع أسعار الفائدة على أقل تقدير حتى منتصف العام المقبل، وهذا توقع متفائل، فالمعدلات، رغم السياسات التي انتهجها، لم تحد، بشكل كفؤ، كبح جماح التضخم في الولايات المتحدة عن مستوياته المرتفعة التي تعد الأعلى منذ أربعة عقود. لذلك، الاستمرار في الإصلاحات الهيكلية ضمن برنامج “تسهيل الصندوق الممدد”، أمر بغاية الأهمية، وإنجاز ما تبقى من مراجعات وعددها ثلاثة، لا سيما وأن إعداد الموازنة لا يقوم على فرض ضرائب ورسوم جديدة، وإنما اعتمد نهجا مختلفا يقوم على توسيع الوعاء الضريبي وإصلاحات تشريعية أخرى وصلت الى 15 إصلاحا، كل تلك التنبؤات من واقع الاقتصاد الوطني وما يتحقق، وهي مرهونة أيضا بالتطورات الجيوسياسية العالمية، فالأردن ليس بمعزل عنها. المقال السابق للكاتب ضخ السيولة من البنوكاضافة اعلان