كلام × كلام = كلام تربيع

إسرائيل مصممة، وأميركا مصممة معها وربما قبلها وأكثر منها لاستغلال هذه المناسبة الفريدة في المقاومة الفلسطينية لتصفية حماس ومعها الجهاد جسدياً: حركة وأفرادا وقيادات. ولذلك تقومان بتدمير القطاع بطريقة المربعات المعروفة: أي بيتاً بيتاً، وعمارة عمارة، وإن أدى ذلك إلى قتل جميع من فيها، وإلا لماذا زودت أميركا الإسرائيلية إسرائيل الأميركية بقنابل من وزن طن وطنين، ولماذا تقصف المستشفيات؟ لاعتقادها أنهم قد يكونون مختبئين فيها أو بنفق تحتها.

اضافة اعلان


إذا كان الأمر كذلك وهو كذلك فإن الدولتين لا تصغيان لخلق أو لضمير، ولا تستجيبان لنداء لوقف القتل والتدمير أو تستجيبان لضغط صديق أو حليف عربي عليهما من أجل وقفهما. ومع هذا يظل العرب والعالم يتفرجون على الحرب في غزة وكأنها مباراة كرة قدم، أو كرة سلة، أو تنس لمعرفة النتيجة والفائز، ليصفقا له ويسخرا من المغلوب.


في سنة 1956 وفي عصر الحرب الباردة بين المبادئ الكبرى كالشيوعية والرأسمالية.. شنت اسرائيل وبريطانيا وفرنسا حرباً مفاجئة مدمرة على مصر، فقام الاتحاد السوفيتي في حينه، بإنذارها بالتدخل إن لم توقف الحرب فوقفت الحرب فوراً، ورجع الذين شنوها بثياب الذل والعار والاحتقار إلى اليوم.


اليوم لا توجد دول مبدئية كالاتحاد السوفيتي، وإنما دول تجارية / بزنسية يعيش كل منها على الاخرى، «والشاطر» منها من يأخذ من الأخرى أكثر مما تأخذ منه. يقوم كثير منها في الوقت الضائع بمحاولة خدمة أميركا واسرائيل بأي طريقة لترضيا عنها، وجميع البلدان تضعط على المقاومة لإرضاء أميركا وإسرائيل، بينما لا تستغل صداقتها معهما لوقف التدمير والتقتيل.


إن العالم اليوم غيره في الأمس. كما أننا لن نكون هناك بعد قرن أو قرنين لنرى إسرائيل مكسورة كالصليبيين، كما يؤكد البعض. إننا قد نموت ونحن مكسورون، فيظل العار يلازمنا إلى يوم القيامة.


ومع هذا وقبله وبعده وفي اثنائه نزعت عملية غزة العظمى التي اذلت إسرائيل، القناع عن الوجه الأميركي القبيح، فلا يتباهين عربي أو مسلم بعد اليوم بالصداقة مع أميركا، أو بالعلاقة الخاصة معها. ليصمت أو ليعترف أنه تابع لها، فأميركا ليس لها صديق أو خليل في العالم سوى إسرائيل.


يا مسكين يالشعب الفلسطيني فلأطول من مائة عام وانت تقاوم وتقاتل دون جدوى. لقد ضيعوا وطنك وتآمروا عليك. ليس لك من معين في الأرض أو في السماء، فلا تعتمد سوى على نفسك. لا تيأس إذا كبوتم مرة وألف مرة فالنجاح حليف كل مثابر.


********************


بمواصلة إسرائيل مجازرها في قطاع غزة على مدار الساعات والأيام، وتوارد أخبارها على مدى الساعات والأيام تصبح المجازر مألوفة أو عادية، وتنتقل من بؤرة الشعور إلى هامش الشعور فاللاشعور، فيفنى أهل غزة دون أن ينتبه بقية العالم إليهم، بينما يمارس الناس حياتهم كالمعتاد، مع أن المجازر مستمرة.


أين الحشد والرباط اللذان صاح الإسلاميون فيهما حتى عهد قريب؟ ها هي الواقعة تقع ولم نر جحافل المسلمين تنطلق من خوارزم لتحرير القدس والأقصى كما فعلت في القرن الثاني عشر عندما تدفقت لتحريرهما في معركة حطين سنة 1187.

 

يبدو أن الإسلاميين لم يدركوا أن العالم تغيّر، ففي الأمس - على صعوبته- لم يكن هناك بين الدول والأقوام حدود، أما اليوم فالحدود قائمة ومحروسة أو مسيجة، وكل واحد/ة يحتاج إلى فيزا/ تأشيرة مسبقة ليمر، فكيف يحشد ويرابط؟ إنه لا ينشأ حشد ولا يكون رباط حتى وإن كان الحكم بأيدكم. تلكم كارثية التفكير الرجعي في مختلف القضايا. صارت المظاهرات عن بعد أو الانترنت / وسائط التواصل الاجتماعي هي البديل.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا