غزة و"الشفاء".. الغرب كذاب أشر

قد يفهم المرء أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، بقادة جيشها الهمجيين وسياسييها الرُعن، تُحيك الكذبة تلو الأُخرى، فذلك ديدنهم، إذ جُبلوا على المكر والخديعة والكذب والذُل والمسكنة والهوان، من أجل تحقيق مصالحهم فقط، غير آبهين بما يُقال عنهم، أكان في مُنظمات الأُمم المُتحدة أوالمحاكم الدولية، أو دوائر صنع القرار في بلاد “الافرنج”.

اضافة اعلان


لكن ما لا يُفهم، ولا يدخل عقلًا، هو الكذب الذي تُمارسه أعظم دولة في العالم أجمع، الولايات المُتحدة الأميركية، ومن بعدها دول الغرب، التي جميعها تمتلك من التقدم بالحقول كافة، والتكنولوجيا، والاقتصاد، والتفوق العسكري، ما يكفيه ليكون صادقًا مع نفسه أولًا، وأبناء شعبه ثانيًا، ثم شعوب العالم الأُخرى.


غريب أمر الولايات المُتحدة، أو بمعنى أدق، ذلك الكذب الذي تُمارسه، جهارًا نهارًا، فإدارتها إما أن تُريد أن تقنع الشعب الأميركي بإيجابيات سياساتها، ومواقفها، خصوصًا العسكرية منها، أو أن قادتها “مرضى”، يُعانون من اضطرابات نفسية، الظاهر أنه يصعب علاجها.. إذ يُمارس قادة “البيت الأسود”، ووزارتي الخارجية، والدفاع (البنتاغون)، الكذب، بكل وقاحة واتقان، فضلًا عن خداع يُدرس في كليات أركان الحرب، مع أن دولتهم العتيدة، قوة عُظمى، يُحسب لها ألف حساب، إذ إن سلاحا واحدا من أسلحتها يستطيع تدمير 20 مدينة في مختلف أصقاع الأرض، خلال نحو 60 ثانية.


بُعيد انكشاف كذب الاحتلال الإسرائيلي، وعدم إثبات وجود قيادة عسكرية لحركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، وأنفاق وأسرى في مستشفى الشفاء.. خرج “البيت الأسود”، متبجحًا بالقول “إنه لم يمنح إسرائيل ضوءًا أخضر لعمليات داخل أو حول هذا المُستشفى. فالخطة والتنفيذ إسرائيليان”.


وكان قد قال سابقًا “لدى إسرائيل الحق في مُطالبة مُقاتلي “حماس” الموجودين في المُستشفيات بالاستسلام”.. انظر عزيزي القارئ، تارة تقول الإدارة الأميركية بأن مُقاتلي حماس موجودين في المُستشفيات، وتارة ثانية تؤكد أنها لم تمنح إسرائيل ضوءًا لعملياتها الوحشية.


وكأن الإدارة الأميركية، تُريد أن توصل رسالة إلى المواطن الأميركي، ومن بعده الغربي، بأنه لا علاقة لها باقتحام مُستشفى فيه ما فيه من مرضى وخُدج وجرحى.. لكنها تعمدت الكذب والخداع والتغافل وغض الطرف عن تدمير وإحراق قطاع غزة المُحتل، بالإضافة إلى أنها أقامت جسرًا جويًا لإمداد دولة بني صهيون بأسلحة وذخيرة ومُتفجرات وصواريخ وطائرات، وكذلك خُبراء عسكريين وأموال.


‏مرة ثانية، غريب هو أمر الولايات المُتحدة الأميركية، فالقوي لا يكذب، ولا يُخادع، ولا يُمارس أي وحشية بحق أُناس مدنيين عُزل.. فالمُتتبع  سياسات وقرارات وإجراءات هذه الدولة “العُظمى”، يخرج بنتيجة حتمية مفادها، إما أن هذه الدولة قوية بالفعل، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وإما أن تكون قوتها عبارة كذبة كبيرة.


خُلاصة القول، لا تأخذوا قول ساسة الإدارة الأميركية، وعلى رأسهم جو بايدن، على محمل الجد، فتصريحاتهم للإعلام وللرأي العام الغربي، مُخالفة تمامًا لما يُحاك ضد المنطقة وساكنيها بشكل عام، والأراضي الفلسطينية المُحتلة وأهلها بشكل خاص.

 

فعلى سبيل المثال، يُصرح الرئيس بايدن بأنه “لا ينبغي تهجير المدنيين من غزة”.. ذلك قوله بفيه، أما على أرض الواقع، فخطتُه باتت معلومة للجميع، ويُراد منها “التهجير”، أو “ترانسفير”، فالكيان الصهيوني يُدمر ويقتل ويرتكب أفظع الجرائم الإنسانية، بوحشية ودموية، من خلال أسلحة وصواريخ وطائرات أميركية بحتة.


وها هو الرئيس بايدن، بدموع التماسيح، يأمر بـ”إعداد عقوبات على المُستوطنين الذين يُهاجمون الفلسطينيين في الضفة الغربية”، والعكس هو الصحيح تمامًا، فهو وأركان إدارته يغمضون أعينهم، بكُل صلافة، عما يُرتكب هُناك.. فلا تصدقوا أو تميلوا إلى الغرب قيد أنملة، فهو كذاب أشر!.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا