الرهانات على خفض مقاعد الجامعات.. تصطدم بآثار اجتماعية واقتصادية على الطلبة وذويهم

طلبة على مدخل البوابة الرئيسية للجامعة الأردنية-(أرشيفية)
طلبة على مدخل البوابة الرئيسية للجامعة الأردنية-(أرشيفية)

لا يعرف بعد إذا ما نجحت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في السيطرة على سياسة قبول الطلبة الأردنيين في الجامعات، عبر بوابة تخفيض مقاعد الطلبة فيها، بخاصة التخصصات الطبية "المشبعة والراكدة"، أم أن خطتها لن تكون ذات جدوى وسط ارتفاع معدلات البطالة محليا، ووجود تخصصات كبيرة في قائمة "الراكد والمشبع"، وهل هذا ينطبق على التخصصات الطبية؟

اضافة اعلان


مبررات الوزارة التي ساقتها، لم تكن كافية، وهي غير مقنعة للطلبة وذويهم، بعد أن سمحت لجامعات خاصة بقبول طلبة الطب وطب الأسنان، في خطوة غير مفهومة، إذ إن مصير الطالب الخريج من الجامعات الرسمية والخاصة، مصير واحد، وفي النهاية يجلس بلا وظيفة.


ثم هل جاء القرار على حساب الطالب أم الجامعة؟ ولماذا تأخر مجلس التعليم العالي في إبلاغ الطلبة، ممن كان يمكنهم تغيير اتجاهاتهم حيال تخصصاتهم في وقت مبكر؟


مدير وحدة القبول الموحد المستشار الإعلامي للوزارة مهند الخطيب، قال إن تخفيض أعداد المقبولين في كليات الطب بالجامعات الرسمية، جاء بسبب الطاقات الاستيعابية للكليات.


وأشار إلى أن ارتفاع أعداد الطلبة، جاء بسبب اضطرار مجلس التعليم العالي لمعالجة مشاكل اجتماعية مر بها الطلبة، كالطلبة العائدين من السودان واوكرانيا، والتضخم الكبير في معدلات التوجيهي خلال الأعوام القليلة الماضية.


وبين الخطيب، أن عدد الطلبة على مقاعد كليات الطب في الجامعات الرسمية وصل الى 20 ألفا، في حين أن الاستيعاب لا يتجاوز 15 ألفا، ولو التزمت هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي بمقدار استيعاب الكليات لهذا العام، لما قبلت أي طالب.


وفي السياق، يؤكد الخبير الدستوري د. رياض الصرايرة لـ"الغد"، ان باطن القرار فيه تشجيع لجامعات القطاع الخاص، وظاهره للحد من اعداد الخريجين في الجامعات الرسمية، بخاصة التخصصات الراكدة والمشبعة.


وأضاف الصرايرة، أن القرار قانوني، لأنه جاء بمصادقة مجالس أمناء الجامعات، ولكن القرار كان صادما، لأنه جاء في وقت متأخر، وكان يتوجب إبلاغ الطلبة في الوقت عينه بنية المجلس، لربما غيروا اتجاهاتهم وآرائهم.


واضاف، أن الحد من إعداد الخريجين في الجامعات الرسمية، لا يمنع ذوي الطلبة من إرسالهم للدراسة في الخارج وبمعدلات اقل، وبكلفة اقل ايضا، ولكن الخاسر هو الوطن من العملة الصعبة، وبالتالي لا يلزم الخريج الحكومة بتعيينه، ويفضل أن يدرس التخصص الذي يريد ويبقى على دكة الاحتياط.


وكانت مجموعة من الطلبة اعترضوا على قرار المجلس، بتنفيذهم وقفة احتجاجية على بوابة الوزارة، جراء تخفيض نسبة إعداد المقبولين في الجامعات الرسمية، بخاصة بالكليات الطبية في الجامعات الأردنية، معتبرين ذلك ظلما بحقهم وعدم عدالة مقارنة بالسنوات السابقة.


بيد أن نقيب الأطباء د. زياد الزعبي أشار إلى "الغد"، أهمية هذا القرار، لافتا الى أن تخصص الطب متخم ومشبع.
وفيما إذا جرت استشارة النقابات الصحية في القرار (تخفيض مقاعد الطب) قبيل اتخاذه، قال إن النقابات الصحية ونقابة الاطباء، دفعت باتجاه اقراره، مشددا على أن عدد الخريجين في تخصص الطب بعد 5 سنوات، سيكون 42 الف طالب، بينهم 22 الفا يدرسون في الخارج.


وبين أن أعداد الأطباء المسجلين في سجلات النقابة منذ تاسيسها العام 1954 بلغ 42 الفا، وأن نصف عيادات الاطباء البالغة 12 الف عيادة قيد الإغلاق بسبب البطالة المقنعة، معتبرا ان فكرة القرار جاءت لصالح المؤسسات التعليمية الخاص غير صحيح، بدلالة ترخيصها قبل ذلك بكثير.


وقال يجب أن نفكر بعقلية جديدة والتوجه الى تخصصات المستقبل والذكاء الصناعي والهندسة الصناعية وغيرها من الفروع العلمية التي يمكن ان يكون لها مستقبل.


مجالس أمناء الجامعات الأردنية الرسمية، وفق مصادر مطلعة لـ"الغد"، وضعت تنسيبات جامعاتها، للطلبة المتوقع قبولهم أمام المجلس، ما سيحال الى هيئة الاعتماد لتدقيق الارقام ومطابقتها مع الطاقة الاستيعابية للجامعات.


وفي السياق نفسه، يؤكد الخبير الإداري د. باسم تليلان أنه ضد فكرة تقليص مقاعد الجامعات، بخاصة الطبية، معتبرا بأن سوق العمل لا يمكنه استيعاب التخصصات حتى لو توقفت القبولات في تخصصات محددة، لافتا الى أن أعدادا كبيرة من الخريجين تعمل خارج تخصصاتها، وان التأهيل للعمل مختلف على ارض الواقع من التأهيل الجامعي.


وأضاف، اعتقد بان القرار يصب في صالح الجامعات الخاصة، والتي يمكنها ان تستوعب كافة الأعداد التي حرمتها الحكومة من الدخول في الجامعات الرسمية، وبالتالي أثقلنا كاهل ذويهم وحرمنا الطلبة من التعليم.


وشدد على أن تقرير السجون للعام الماضي، أشار صراحة الى أن نحو 45 % من النزلاء هم من الحاصلين على شهادة الثانوية العامة، وهذا مؤشر يفضي الى إمكانية جنوح الشباب الى المخدرات والجريمة والإدمان، إذا غابوا عن مقاعد الدراسة في الجامعات، لذا يتطلب الأمر وقفة جادة من الوزارة للعدول عن قرارها.


"الغد"، حاولت التواصل مرارا مع رئيس هيئة الاعتماد د. ظافر الصرايرة للحصول على رد، ولكن دون جدوى، برغم الاتصالات المتكررة.

 

اقرأ المزيد : 

"القبول الموحد" تعلن التنافس على مقاعد في بعض الجامعات الأردنية الرسمية