%32 من المراهقين بالمملكة في مرحلة ضيق نفسي.. وغالبيتهم لاجئون

جانب من فعاليات إطلاق أوراق سياسات حول العافية النفسية والاجتماعية للمراهقين والمراهقات في الأردن أمس-(بترا)
جانب من فعاليات إطلاق أوراق سياسات حول العافية النفسية والاجتماعية للمراهقين والمراهقات في الأردن أمس-(بترا)

كشفت نتائج ورقة بحثية أعدها على مرحلتين برنامج "النوع الاجتماعي والمراهقة: دليل عالمي" أو ما يعرف اختصارا بـgage، بالتنسيق مع المجلس الوطني لشؤون الأسرة، حول العافية النفسية للمراهقين والمراهقات في الأردن، بأن ثلث العينة المستجيبة (32 %) دخلت في مرحلة "الضيق النفسي أو الكرب"، وذلك وفقا لمقياس منظمة الصحة العالمية النفسي، وأنهم يحتاجون إلى دعم متزايد، وأن أغلبهم من اللاجئين السوريين. 

اضافة اعلان


وجاء عرض نتائج الورقة البحثية التي استهدفت 4 آلاف من المراهقين والمراهقات المتواجدين والمقيمين على الأراضي الأردنية، بينهم ما يقارب 3 آلاف لاجئ سوري ونحو 600 أردني، خلال انطلاق أعمال ورشة عمل متخصصة أمس نظمها المجلس بالشراكة مع gage حول تعزيز آليات العناية النفسية للمراهقين والمراهقات.


كما أطلقت ورقتا سياسات حول "العافية النفسية والاجتماعية للمراهقين والمراهقات، لتسليط الضوء على الحرمان الذي يواجههم في المجتمعات الضعيفة/ المهمشة في الأردن، وتسهيل النقاش حول كيفية معالجة المحددات الرئيسة للصحة النفسية لمساعدة المراهقين والمراهقات على النمو والازدهار والتطور". 


وتناول البحث، الفقر والعنف والهواجس التعليمية والعزلة النفسية كأبرز مسببات "الكرب" والضيق النفسي.  


وتطرق الأمين العام للمجلس الوطني الدكتور محمد مقدادي في كلمته، إلى أبرز نتائج الورقة البحثية، التي استهدفت مراهقين ومراهقات في الأردن من أردنيين وغير أردنيين، من بينها أن ذوي الإعاقة هم الأكثر عرضة للدخول في هذه العتبة وبنسبة 51 %، فيما كان لدى 12 % من عينة البحث أعراض القلق المتوسط إلى الشديد، وأن 11 % منهم ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب المتوسط إلى الشديد، ووجد أن 35 % لديهم تأقلم وتحمل (صلابة نفسية) منخفض.  


وكان المراهقون من ذوي الإعاقة، الذين تسربوا من المدرسة، والمراهقون المحرومون اقتصاديًا (لا سيّما اللاجئون) والفتيات الصغيرات المتزوجات، أكثر عرضة لخطر اعتلال الصحة النفسية من نظرائهم، وفقا للمقدادي. 


وأكد أنّ هناك مجموعة من العوامل الفردية والأسرية والمجتمعية تؤثر في الصحة النفسية للفرد إمّا بحمايتها وتعزيزها أو تقويضها، باعتبار أنّ قدرة الأفراد متفاوتة في التعامل مع المواقف التي تواجههم، موضحاً أنّه وبحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية حول اضطرابات السلوك الفوضوي والمعادي للمجتمع في عام 2019، كان هناك (40 مليون) شخص من بينهم أطفال ومراهقون يعانون من اضطراب سلوكي. 


وأشار مقدادي، إلى أن جائحة كورونا سلطت الضوء على الحاجة الملحة لتلبية احتياجات الصحة النفسية بما في ذلك احتياجات المراهقين باعتبارهم من الفئات التي تحملت أعباء نفسية نتيجة تبعات الجائحة، فكان لا بد من الالتفات لهذه الفئة؛ نظراً لتأثير الجانب النفسي على عافيتهم وقراراتهم على المدى البعيد.


وفي السياق، أشار مقدادي إلى أنّ نتائج البحث للمرحلتين، تهدف إلى المساهمة في الحوار من خلال تعزيز قاعدة الأدلة حول العافية النفسية للمراهقين في الأردن، واستكشاف العوامل التي تؤدي إلى الاضطراب العاطفي لديهم، كونها تناقش الوضع النفسي لهذه الفئة؛ لتكون منطلقاً لبناء الخطط وتنفيذ البرامج لاحقاً التي تضمن تحقيق السلامة النفسية لهم. 


وبحسب تعريف منظمة الصحة العالمية، فإن العافية النفسية هي "حالة العافية التي يحقق فيها الفرد قدراته الذاتية، ويستطيع مواكبة ضغوط الحياة العادية، ويكون قادرا على العمل الإيجابي والمثمر، ويمكنه الإسهام في مجتمعه". 


من جهتها أكدت مديرة برنامج النوع الاجتماعي العالمي نيكولا جونز، في كلمة مسجلة عرضت في بداية الورشة، على ضرورة معالجة تحديات الصحة النفسية التي تواجه المراهقين، من خلال الاستثمار بكثافة في استراتيجيات متعددة القطاعات والأشكال؛ لمعالجة المحددات الرئيسة للعافية النفسية، ولا سيما البطالة والفقر، وتوسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية والتعليم وبرامج بناء المهارات للشباب واليافعين، والاستثمار في مكافحة العنف ضد المراهقين، بما في ذلك زواج الأطفال الأقل من 18 عاما. 


وتهدف الورشة أيضا إلى العمل على ربط الأسر بالخدمات، بما في ذلك خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والأنشطة الترفيهية لتعزيز التواصل مع الأقران والبالغين الموثوق بهم من خارج نطاق الأسرة، والتي يمكن أن تساعد المراهقين على النمو والتطور والازدهار، والاستثمار في تغيير الأعراف الاجتماعية والوصمة المتعلقة بتلقي خدمات الصحة النفسية التي غالبًا ما تنتشر في البلدان العربية. 


وعرض المدير الإقليمي للبرنامج العالمي، الدكتور بسام أبو حمد، منهجيات إعداد البحث للبرنامج، قائلا إن gage برنامح بحثي واسع، ممتد منذ 2016-2026 ويشمل أكبر مجموعة مراهقين ومراهقات في جنوب العالم وفق عينة استهدفت 20 ألفا منهم في عدة دول هي؛ الأردن ولبنان وفلسطين ورواندا وبنغلادش ونيبال وإثيوبيا، وأن برنامج gage هو بحد ذاته أسلوب بحثي مختلط يتضمن عدة بحوث لقياس الأثر، وتشمل البحوث التشاركية والبحث النوعي والمسح الكمي. 


وفي البحوث التشاركية أجريت على عينة مؤلفة من 50 مراهقا ومراهقة في الأردن، وفي البحث النوعي أجريت مقابلات معمقة مع 250 مراهقا ومراهقة فيما شمل المسح الكلي 4 آلاف مراهق ومراهقة مباشرة  من الأردنيين وغير الاردنيين في الأردن، ضمن الفئات العمرية 10-12 عاما، وكذلك الفئة العمرية من 15-17، فيما أجري مسح مع مقدمي الرعاية من الجنسين ومسوحات أخرى مع قادة المجتمع والعاملين في المدارس.  


وأجري البحث حتى الآن على مرحلتين؛ الأولى خلال الفترة 2018-2019 وتسمى الدراسة الأولية القاعدية، والفترة الثانية خلال 2022-2023 وتسمى الدراسة الوسطية التي أضيف لها "الغجر". 


وخصص 10 % من العينة المستهدفة للمراهقين والمراهقات من ذوي الإعاقة، و10 % من الفتيات اللواتي سبق لهن الزواج، واستهدفت أردنيين ولاجئين سوريين وسكان مخيم غزة، وأضيفت لهم في المرحلة الثانية من البحث مجموعة من "الغجر". 


وعن المناطق التي شملها البحث، فتوزعت على محافظات العاصمة وإربد ومخيم الزعتري للاجئين، والمفرق والزرقاء ومخيم الأزرق ومخيم غزة. 


وفيما يتعلق بمسببات "الضيق النفسي"، شكّل الفقر أولها خاصة لدى مجتمع اللاجئين، الذي ترتفع فيه معدلات البطالة والفقر خاصة في مرحلة جائحة كورونا، حيث أدى الوباء إلى تفاقم مخاوف المراهقين.


وأفاد 25 % منهم بأنهم عانوا من الجوع في الشهر السابق لإجراء البحث خلال أولى فترات الجائحة، فيما أظهر البحث بأنه خلال البحث في مرحلته الأولى الأولية كانت أكثر من نصف الأسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي الشديد.  


وفيما يتعلق بالعنف، أشار البحث إلى أن 49 % من المراهقين أبلغوا عن تعرضهم للعنف في المنزل خلال فترة الدراسة الأولية، وأن 41 % منهم تعرض للعنف على أيدي معلميهم.  


وأما في الدراسة الأولية القاعدية، فكان عمر المراهقين الاصغر سنا 11.3 % في المتوسط، بينما كان عمر المراهقين الأكبر سنا 16.2 %، مقابل 15 عاما للأصغر سنا في الدراسة الوسطية، و20 عاما للأكبر سنا.  


وكانت نتائج التعليم محدودة في متوسط عمر 16.3 عاما، حيث أظهر 67 % من هؤلاء أنهم لا يستطيعون قراءة قصة قصيرة مكتوبة على مستوى الصف الثاني.  


وأوصت الورشة بمجموعة من التوصيات، من بينها ضرورة توفير دورات تثقيفية حول الوالدية للأمهات والآباء، بما في ذلك آباء المراهقين، وتوسيع نطاق البرامج التي تركز على المراهقين، وتكثيف تدريب المعلمين خاصة فيما يتعلق بأساليب التربية غير العنيفة، فضلا عن الاستثمار في برامج الحماية الاجتماعية التي توفر الدعم الاقتصادي والاجتماعي، ورفع مستوى الوعي العام بأهمية العافية النفسية.

 

اقرأ المزيد :

المراهق بظل "سطوة" الجائحة.. احتواؤه وتوجيهه بعيدا عن التسلط هو ما يحتاجه