"القدس تاريخ مختطف وآثار مزورة".. السخنيني يفند مزاعم الصهيونية

غلاف الكتاب-(من المصدر)
غلاف الكتاب-(من المصدر)
 صدر عن دار "العائدون للنشر والتوزيع" في عمان، الطبعة الثالثة من كتاب "القدس: تاريخ مختطف وآثار مزورة"، تأليف الأستاذ الدكتور عصام سخنيني.
يكشف الدكتور سخنيني، في كتابه الذي صدر ضمن منشورات اللجنة الملكية لشؤون القدس، ما لحق بتاريخ القدس من عمليات تشويه وتزوير وتزييف ابتدأت بحكايات الكتاب العبري وتواصلت بالأساطير المؤسسة للفكر الصهيوني المعاصر.اضافة اعلان
الكتاب جاء في أربعة فصول، بحث في الأول عن تزييف تاريخ فلسطين بشكل عام، وذلك من أجل فهم أبعاد تزييف تاريخ القدس ومصادر هذا التزييف ومراجعه، خصص الفصل الثاني للبحث في الأساطير والخرافات التي اشتق منها تاريخ القدس المزور وما كشف عنه علم الآثار من حقائق تنقض تلك الأساطير من الأساس. وفي الفصل الثالث، بحث سخنيني في مسألة "الهيكل" كما هو في الألغاز والأحجيات التي اخترعته والتي يبين البحث الحديث عقمها، وفي الفصل الرابع تناول عمليات تزوير الآثار بقصد إثبات صحة الحكايات عن تاريخ المدينة.
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس الدكتور عبدالله كنعان، كتب تقديما للكتاب يقول فيه "إن كتاب أستاذ التاريخ الدكتور عصام سخنيني هو "كنز علمي تاريخي حقيقي"، فهو يجسد مقولة "من فَمك أدينك"، يفند سخنيني في هذا الكتاب مزاعم الصهيونية التي تهدف إلى السيطرة الكاملة على جميع مناحي الحياة المجتمعية للمدينة المقدسة ومقدساتها الإسلامية".
وتابع كنعان، أن سخنيني في هذا الكتاب يعري ويفضح جميع المخططات الصهيونية وسياسة إسرائيل التي تهدف لتهويد مدينة القدس بهدف فرض "حقائق ومعطيات جديدة"، بما يمكنها من تكريس احتلالها للقدس، وإدامة اغتصابها لتبقى عاصمة موحدة وأبدية للصهيونية، خلافا للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والقدس.
ويشير إلى أن قضية القدس، تاريخا ماضيا وحاضرا ومستقبلا، كانت محط اهتمام الأمتين العربية والإسلامية بشكل خاص، وكل المحبين للسلام في العالم بشكل عام، كان من البديهي أن تعمل اللجنة الملكية لشؤون القدس على توجه أصحاب الأقلام والعقول النيرة والقدرات والإمكانات العلمية والبحثية، نحو دراسة المصادر التي تخدم قضية القدس، وتبقيها حية في الذهن والوجدان العربي والإسلامي، جيلا بعد جيل، إلى أن تعود إلى أهلها العرب أصحاب الحق الشرعيين كما كانت عبر التاريخ على الدوام.
ويرى كنعان أن القدس ظلت تحتل مكانة بارزة في ذهن ووجدان العالمين العربي والإسلامي، فكانت وما تزال محور اهتمامات الباحثين والمؤرخين الذين تناولوها بالرصد والبحث والتحليل في جميع أبعادها التاريخية والأنثروبولوجية والديموغرافية والروحية، مستندين في ذلك إلى أمهات الكتب والمراجع ونتائج التحريات الأثرية العربية والأجنبية، القديمة والحديثة.
الدكتور سخنيني في مدخل الكتاب، يؤكد أن القصد من هذا الكتاب ليس تقديم تاريخ قديم لمدينة القدس، فاتساع هذا التاريخ الزمني، بما فيه من تنوع ثري قل نظيره، لا يمكن استيعابه بمثل هذا الكتاب المحدود في حجمه. بل "إن ما توخيناه من هذا الكتاب، هو كشف ما لحق بتاريخ القدس من عمليات تشويه وتزوير وتزييف ابتدأت بحكايات الكتاب العبري، وتواصلت بالأساطير المؤسِّسة للفكر الصهيوني المعاصر.
وفي هذا السياق، وقع غزو احتلالي إحلالي لهذا التاريخ، بذاكرتَيه الزمانية والمكانية، وأقصي منه كل ما فيه من حقائق شهدها ماضي المدينة إن كانت تتنافى مع مسارد تلك الحكايات والأساطير، أو جرى إسكاتها قسراً، أو تم تزييفها والانحراف بها بشكل فظيع عن مدلولاتها التاريخية".
ويؤكد سخنيني أن محور الكتاب هو "عمليات التزوير"، مبينا أنه قد يكون في صورة مقدمة لإعادة كتابة تاريخ القدس القديم، متخلصة من الخرافات والأساطير، ومعتمدة اعتمادا حصريا على ما تتيحه العلوم الحديثة، خاصة علمي الآثار والإناسة "الأنثروبولوجيا"، من وسائل يمكن بها الوصول إلى الحقيقة التاريخية. مبينا أنه استفاد من معطيات علم الآثار وما تكشف عنه من وقائع تاريخية، لكن دون الغوص في فنياته، لنقض كل ذلك التراث الخرافي الذي وضع في قيوده تاريخ القدس القديم.
ويقول سخنيني "لم يتعرض تاريخ للتزييف كما تعرض له تاريخ فلسطين القديم بعامة وتاريخ القدس منه بخاصة"، مبينا "أن التاريخ في أحد معانيه هو الماضي، غير أن الماضي هنا ليس هو ما انقضى وذهب مع زمنه الغابر، بل هو ماض ممتد غير مبتور يتدفق في الحاضر فيصنع مضمونه وملامحه والعلائم الدالة عليه ليصبح الماضي بذلك هو الحاضر مفصلا على قدمه ومتزملا بأزيائه كافة".
وينوه إلى أن الصهيونية انطلقت من هذا الفهم، فجلعت همها امتلاك الماضي واحتكاره، لأن من يمتلك الماضي يمتلك الحاضر والمستقبل أيضا. وماضي فلسطين أو تاريخيها القديم هو المعني هنا. ذلك التاريخ كما هي النظرة الموضوعية العلمية إليها، وهي التي تتفق معها النظرة العربية، ثرى بتنوعه الأقوامي والديني والحضاري، فقد تعاقب على حقبه الكنعانيون والأدوميون والفلسطينيون القدامى.
ويرى سخنيني أن الصهيونية جردت كل ذلك الماضي الثري من تاريخيته، مبينا أن تاريخ فلسطين القديم الذي تريده أن يكون حاضرها ومستقبلها كذلك هو التاريخ الذي صاغته الحكايات والأساطير "الكتابية" التي فصلت تاريخ فلسطين القديمة الى مراحل هي حصرا مراحل تاريخ بني اسرائيل فيها.
ويقول إن الصهيونية سعت إلى إقصاء اسم فلسطين من الذاكرة الجغرافية-التاريخية، وأحلت محله اسم أرض إسرائيل، وكان ذلك من منطلق يجعل التسمية ذات وظيفة سياسية-أيديولوجية غايتها إظهار صلة مزعومة ممتدة عبر التاريخ، تربط اليهود بهذا المكان في ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم. وأكثر من ذلك، فإن هذه الصلة في عرف الصهيونية، بما فيها من مضامين مشتقة من اللاهوت اليهودي، إنما هي تجل لإرادة ربانية شاءت أن تكون هناك علاقة قدرية ما بين أربعة أقانيم هي "إله إسرائيل، وبني إسرائيل، وأرض إسرائيل، وتاريخ بني إسرائيل".
وخلص سخنيني إلى أنه لم يتعرض تاريخ قط لما تعرض له تاريخ فلسطين القديم من عمليات سطو يهودية، وبالتالي صهيونية سعت حثيثا لإسكاته، باعتبار ذلك شرطا لازما لامتلاكه، وبالتالي امتلاك الحاضر والمستقبل، وللاستفراد بالأرض التي هي الإطار الجغرافي لذلك التاريخ. وقد جنت الصهيونية، في عمليات السطو هذه، غنيمة ثمينة بأن أقر لها حق في حاضر فلسطين، استنادا إلى تاريخ مزعوم، واعترافا باستحواذها على المكان الذي اختلقت عليه دولة.