غرايبة: "الحب في زمن الكوليرا" عصية على التلخيص

غرايبة: "الحب في زمن الكوليرا" عصية على التلخيص
غرايبة: "الحب في زمن الكوليرا" عصية على التلخيص

عزيزة علي

عمان- قال الروائي هاشم غرايبة إنه لا يمكن لأي إنسان أن يلخص رائعة الروائي الكولومبي جابرييل غارسيا ماركيز "الحب في زمن الكوليرا"، وانتقاء أحداث وشخصيات منها بحجة نقدها أو تعريف القارئ بها.

اضافة اعلان

ورأى غرايبة في المحاضرة التي تنظمها المكتبة الوطنية ضمن برنامجها الأسبوعي "قراءة في كتاب" وأدارها مخلد بركات أن ماركيز الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، عن روايته "مائة عام من العزلة" في العام 1982، يحتاج إلى أكثر من قراءة، ولا تكفي قراءة واحدة له، وذلك لما في كتاباته من بريق الوصف وبلاغة النعت وزخم الأحداث وتتابعها المشوق.

وأشار غرايبة إلى قدرة ماركيز على "الإقناع بما هو غير قابل للتصديق" مشيرا إلى ان ماركيز عمل على "ترسيخ الشخصيات الثانوية وقوم حضورها من دون التأثير على الشخصيات المحورية الثلاث: العاشق الأبدي فلورنتينو اريثا، وربة الجمال المتوجة فيرمينا داثا، والزوج المثالي الطبيب خوفينال اوربينو".

توقف غرايبة أمام "الحب في زمن الكوليرا"، التي نشرت في العام 1985، لما تحمله من "قيمة معرفية في شتى المجالات وما رصدته من تبدلات الزمان والمكان حول أبطالها، "فلم تنمو الشخصيات فحسب بل الزمن والأماكن".

تابع ماركيز، بحسب غرايبة، الحرب الأهلية في منطقة الكاريبي وما حصل فيها من تغيرات مثل التكنولوجيا وتأثيراتها على نهر "مجدولينا" في الفترة من أواخر القرن التاسع عشر حتى العقود الأولى من القرن العشرين".

ورأى أن ماركيز الذي اشتهر بالكتابة الواقعية العجائيبة قد رصد بدقة بهذه الرواية "الأحوال الاقتصادية والأدبية والديمغرافية من دون التأثير على انتظام الأحداث وسيرها الدقيق".

ولفت غرايبة الانتباه إلى كلمتين بدأ بهما ماركيز الرواية وهي "لا مناص!.. وتابعنا مصير العاشق الولهان على مدار 445 صفحة، تصبر خلالها العاشق على أشواقه، وحافظ على وعده لنفسه لمدة خمسين سنة وتسعة شهور وأربعة أيام.. ولما حظي بربة الجمال المتوجة، سألته إلى متى.. كان الجواب حاضرا لدى فلورينتينو اريثا منذ ثلاثة وخمسين عاما وستة شهور واحد عشر يوما بلياليها. فقال: إلى الأبد. وتنتهي الرواية".

وبين غرايبة انه ما بين "لا مناص وإلى الأبد" تسير الحياة قدما بزخمها، ومفاجأتها، وأحزانها. مبينا انه لا يموت العاشق. ولا تفنى المعشوقة بين دفتي الكتاب! فالحب أقوى من الموت.

وذهب غرايبة إلى إن ماركيز متمسك بالحياة لدرجة أنه يرفض الموت لأبطال رواياته، وإن اضطر لقتل أحدهم فهو يصرخ ويبكيهم كما لو كانوا أصدقاء.

وأشار لما قالته زوجة ماركيز مرسيدس "أنه عندما انتهى من روايته "الجنرال في متاهته" عاد إلى الدار وهو مكتئب، فسألته: هل مات الجنرال؟ فانخرط في البكاء".

وأشاد غرايبة بموقف ماركيز الذي أعلن خجله من حمل جائزة نوبل في العام 1982 في الوقت الذي يحملها مرتكبو المجازر ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني.

وأشار غرايبة إلى اعتراض ماركيز على تحول روايته "الحب في زمن الكوليرا" إلى فيلم سينمائي بعنوان”Love in the Time of Cholera”، وتم عُرضه في العام 2007، وقام بإخراجه المخرج "مايك نويل"، وأنتجه سكوت ستايندروف، وقام ببطولته خافيير باردم، جيوفانا ميزوغيورنو، وبنجامين برات، "من اجل الحفاظ على حق القارئ في الخيال".

وغرايبة الذي شاهد الفيلم بين أنه "لم يرصد تطور البطلة النفسي والإنساني من "بغلة ذهبية" كما وصفها والدها إلى "ربة الحب المتوجة" بنظر العاشق، وبدت شخصية كمهرج عاطفي، لا كعاشق جعلته لوثة غرامه ينتظر فيرمينا داثا واحدا وخمسين عاما وتسعة أشهر وأربعة أيام".

وأشار غرايبة إلى مفاتيح الرواية التي غيبها الفيلم وهي تتشكل من الربط بين رائحة اللوز المر والغراميات غير المواتية، وهي الحالة التي رافقت بطل الرواية المواظب على كتابة أحزانه وأشواقه لمدة تزيد على نصف قرن، وكذلك قصائد الحب التي كتبها فلورنتينو وهي أكثر من سبعمائة قصيدة، حيث انه واظب على كتابة ثلاثة مجلدات من الرسائل التي لم ترسل.

وشدد مخلد بركات أثناء تقديمه على أهمية هذا النشاط الذي تنظمه المكتبة الوطنية كل اسبوع حيث "تميط اللثام عن الروائع الأدبية والمنجزات الفكرية" من امثال الروائي الكولومبي الذي اكتشفنا من خلاله حلاوة الواقعية السحرية في أميركيا الجنوبية وأدخلنا في طقوس من الفوضى والسحر واللامعقول.

وقال بركات "إننا نحب ماركيز لأنه صاحب المواقف الجريئة حيث طالب ماركيز المثقفين العرب اتخاذ موقفا صلب وموحد لنصرة القضية الفلسطينية.

ورأى ان رواية الحب في زمن الكوليرا تدخنا إلى عوامل ماركيز وهي تصور الكوليرا المنتشرة مثل الشمس في منطقة ما بعد السبعين، تتوج في خريف العمر داخل سفينة نهرية.

وماركيز الذي، ولد في مدينة أراكاتاكا في مديرية ماجدالينا وعاش معظم حياته في المكسيك، هو احد النشطاء السياسيين في كولمبيا، وصدر له العديد من الروايات "الحب في زمن الكوليرا"، "عن الحب وشياطين أخرى"، "في ساعة نحس"، "ليس للكولونيل من يكاتبه"، "مائة عام من العزلة"، "وقائع موت معلن"، خريف البطريرك".

في العام 2002 قدم سيرته الذاتية في جزئها الأول من ثلاثة وكان للكتاب مبيعات ضخمة في عالم الكتب الإسبانية. كما نشرت الترجمة الإنجليزية لهذه السيرة "أعيش لأروي" على يد ايدث جروسمان العام 2003 وكانت من الكتب الأكثر مبيعا.