هل "يفسد" غذاء العالم بسبب التغير المناخي؟

drought_leaf
الأمن الغذائي
تفاقم ظاهرة التغير المناخي نقص المحاصيل الزراعية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار سلع مثل عصير البرتقال وزيت الزيتون والكاكاو، وفقا لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية.اضافة اعلان

ويضاف ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن الاحتباس الاحترازي، إلى الآفات و"الأمراض النباتية"، في التأثير على المحاصيل المختلفة.

وتكلف الأمراض النباتية الاقتصاد العالمي أكثر من 220 مليار دولار سنويا، والحشرات الغازية ما لا يقل عن 70 مليار دولار، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو). 

وتتكيف الآفات بسهولة مع المناخ المتغير، حيث تسمح درجات الحرارة المرتفعة بالتكاثر بسرعة أكبر والهجرة بشكل أسرع، مما يؤدي بدوره إلى تقليل حجم المحاصيل، وفقا لما تقوله الخبيرة، ليا بوكمان، وهي عالمة حشرات بجامعة جورج تاون الأميركية.

وقالت بوكمان: "مع ارتفاع درجة الحرارة، يزداد النطاق الجغرافي لانتقال الحشرات التي تنشر الأمراض" في النباتات.
ونتيجة لذلك، تم العثور على فراشات مدمرة، موطنها الأميركيتين، وهي تلتهم الذرة والحبوب الأخرى في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا. كما دمرت الذبابة البيضاء المرتبطة بالمناخ الاستوائي وشبه الاستوائي، مزارع طماطم في أوروبا.

الكاكاو والطماطم 

وشهدت منطقة غرب أفريقيا، موطن ثلثي إمدادات الكاكاو العالمية، صعوبات خطيرة فيما يتعلق بمحصولها خلال المواسم الأخيرة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الجملة هذا العام لتقترب من مستويات تاريخية.

وأدى هطول الأمطار الغزيرة لفترات طويلة، إلى زيادة فرص انتشار مرض "القرون السوداء" الناجم عن كائنات شبيهة بالفطريات، تنتشر بسرعة على قرون الكاكاو في الظروف الرطبة، وتحولها إلى اللون الأسود أو البني.

وتسببت "القرون السوداء" في تدمير ما يصل إلى 30 بالمئة من محاصيل الكاكاو السنوية، وفقا للعديد من الدراسات. 

أما المرض الثاني، فهو فيروس البراعم المنتفخة، الذي ينتقل عن طريق "البق الدقيقي"، وهي حشرة تتغذى على عصارة نباتات الكاكاو. وتقلل هذه الحشرة بشكل كبير من إنتاجية المحاصيل قبل أن تقتل نبات الكاكاو في النهاية.

ويتكاثر البق الدقيقي في درجات الحرارة الأكثر دفئا، ويمكن أن ينشر الفيروس بسرعة، حتى لو أصيبت شتلة واحدة فقط. 

واقتلاع الأشجار المصابة هو الطريقة الوحيدة للسيطرة على المرض، وفقا لمنظمة الزراعة الزراعية العالمية. 

وفي يوليو الماضي، ارتفع سعر الطماطم في الهند بنسبة 700 بالمئة، وهي زيادة غير عادية، لدرجة أنها أثارت سخرية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتضرر إنتاج المحصول وسط تأخر الرياح الموسمية والأمطار الغزيرة في بعض مناطق الزراعة، وارتفاع درجات الحرارة لأكثر من المعتاد في يونيو. لكن محصول الطماطم عانى بشكل خاص بسبب ما يسمى بالذبابة البيضاء ذات الأوراق الفضية. 

وتتمتع هذه الحشرة التي تتغذى على النسغ – السائل الذي ينتقل عبر النسيج الوعائي في النبات - بالقدرة على نقل مئات الفيروسات النباتية، مما يعيق إنتاج المحاصيل الرئيسية مثل الطماطم، وكذلك الكسافا (التي تعرف أيضا بالبَفرة، وهي شجيرة خشبية موطنها أميركا الجنوبية) والفاصوليا والبطاطا الحلوة. 

وفي الهند أيضا، ساهم فيروس تجعد أوراق الطماطم شديد العدوى، الذي تنقله الحشرة، في حدوث خسائر مدمرة. 
ووصل هذا الفيروس مؤخرا إلى أوروبا، ربما من الهند، وتسبب في تفشي المرض في العديد من الدول الأوروبية. 

زيت الزيتون

وأظهرت الحشرات قدرة عالية على التكيف مع التغيرات في النظم البيئية الزراعية، مع مزيج من الطقس الحار والرطوبة العالية، مما أدى إلى توفر بيئة مثالية لتكاثرها.

وتواجه إسبانيا - أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم - أزمة خاصة بها، حيث تسبب الجفاف في تضاؤل الإنتاج، مما أدى إلى مضاعفة التكاليف في العام الماضي. 

وواجهت تجارة الحبوب العالمية مشاكل لعدد من الأسباب، ليس أقلها التصعيد الأخير في الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
وبينما ظلت الأسعار تحت السيطرة بشكل أو بآخر، أثارت الأحوال الجوية غير المواتية والآفات، مشاكل في الإنتاج المحلي في بعض البلدان.

وفي الصين، وهي واحدة من أكبر منتجي الذرة في العالم، تهاجم الآفات مثل دودة الحشد الخريفية، النباتات في وقت أبكر من المعتاد. 

ويدعم الطقس الأكثر دفئا ورطوبة، بقاء هذه الآفة وتكاثرها، مما يسمح لليرقات ببدء هجومها في وقت مبكر جدا خلال دورة المحاصيل، نقلا عن الحرة.