"حتى آخر أوكراني"

Untitled-الرئيسان الأوكراني فلوديمير زيلنسكي والأميركي جو بايدن في كييف – (أرشيفية)
الرئيسان الأوكراني فلوديمير زيلنسكي والأميركي جو بايدن في كييف – (أرشيفية)

غرفة الأخبار - (مودِين دبلوماسي) 2023/9/13
وافقت وزارة الدفاع الأوكرانية على قواعد تجنيد جديدة أصبح بموجبها الرجال، الذين يعانون من إعاقات تتراوح بين اضطرابات الجهاز العصبي بطيئة التقدم إلى حالات النزف، مؤهلين للتجنيد. وستكون الروح المعنوية وفعالية هذا النوع من الجيش موضع شك مؤكدا.

*   *   *
الحرب كارثة بكل معنى يمكن تصوره. وكان فلاديمير بوتين هو الذي أشار في البداية إلى أن الغرب على استعداد لمحاربة روسيا حتى آخر أوكراني.

اضافة اعلان

 

حسنًا، يبدو أن هذا قد حدث أخيرًا -لقد نفد الأوكرانيون، أو على الأقل نفد منهم أولئك الذين هم على استعداد للموت من أجل بلدهم. والآن، تعاني أوكرانيا من نقص في الشباب الخصب والمنتج، كما جاء في "العقل الأميركي" The American Mind، أحد منشورات معهد كليرمونت (سان فرانسيسكو).


في تقرير كنتُ قد أعددته العام الماضي لمجلة "المحافظ الأميركي" The American Conservative، قمت بجمع القصص عن التهرب من الخدمة العسكرية المنشورة من الصفحات الخلفية لوسائل الإعلام الأوكرانية. وقد حرصت على تجنب الرجوع إلى المصادر الروسية التي يمكن التشكيك فيها باعتبار أن موادها دعائية.

 

وعثرت أيضًا على ما كان في ذلك الحين مقالًا غير عادي على الإطلاق في صحيفة "نيويورك تايمز"، الذي يصف قنوات "تيلغرام" الشهيرة التي تنبه المشتركين إلى مواقع ضباط التجنيد في الوقت الفعلي الذين يصدرون أوامر الاستدعاء في شوارع المدن الأوكرانية، كما لاحظَت كاتيا سيجويك.


كان أحد التطورات المثيرة للاهتمام في أدوات التهرب من التجنيد في الوقت الفعلي هو منشور ظهر في آذار (مارس) 2023 على قناة "خاركوف مباشر" المفرطة في الوطنية والخاضعة للرقابة، التي توصي بهذا النوع من الدردشة الجماعية لأكثر من نصف مليون من مشتركيها.

 

وكما تبين فيما بعد، فإن المشاعر القومية التي يتم التعبير عنها شفهيًا بصوت عالٍ لا تترجم بالضرورة إلى استعداد لحمل السلاح -أو حتى إلى دعم للتعبئة الجماهيرية.


ووجد استطلاع حديث، أن 6 في المائة فقط من المشاركين في "خاركوف" يخططون للالتحاق بالتجنيد إذا تدهور الوضع. وهذا الرقم هو الأدنى في البلاد، لكنّ المناطق الأخرى ليست بعيدة كثيرًا عن ذلك. في كييف، على سبيل المثال، تبلغ النسبة 12 بالمائة.


قبل بضعة أسابيع، اعترف فلوديمير زيلينسكي بمشكلة الفساد المتفشي في القوات المسلحة وعمد إلى إقالة جميع رؤساء التجنيد الإقليميين.

 

ولا بد أن تكون استقالة وزير الدفاع، أوليكسي ريزنيكوف، في الآونة الأخيرة في وقت انتشار فضائح الفساد العسكري التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة النطاق، دليلاً على أن المشكلة أكبر من مجرد مشكلة الرؤساء المسؤولين عن التجنيد. ويرقى تفسير زيلينسكي الرسمي لما يحدث في الجيش إلى إعلان أن البلاد تبحث عن "أساليب جديدة" إلى اعتراف بالفشل.


تبدو أوكرانيا الآن مصرّة على تجنيد الجميع. ونظرًا لأن عددًا كبيرًا من الرجال المؤهلين للتجنيد فروا إلى خارج البلاد مُسبقًا -يعيش 163.287 منهم في ألمانيا وحدها- فإن الوضع يقتضي تسليمهم إلى السلطات الأوكرانية. وقد بدأت بولندا بالفعل عملية ترحيل للأوكرانيين إلى وطنهم لملء الخنادق.


إضافة إلى ذلك، وافقت وزارة الدفاع الأوكرانية على قواعد تجنيد جديدة أصبح بموجبها الرجال، الذين يعانون من إعاقات تتراوح بين اضطرابات الجهاز العصبي بطيئة التقدم إلى حالات النزف، مؤهلين للتجنيد. وستكون الروح المعنوية وفعالية هذا النوع من الجيش موضع شك مؤكدا.


في هذه المرحلة المتأخرة من الحرب، من غير المرجح أن يغير الأوكرانيون رأيهم بشأن التوجه إلى مفرمة اللحم. ولا تعلن أوكرانيا عن خسائرها على الملأ، لكن العديد من مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر قبورًا جديدة في مساحات مترامية الأطراف تحت الرايات الوطنية.

 

وتشير التقديرات الرسمية الأميركية الأخيرة إلى مقتل 70 ألفًا وجرح ما بين 150 ألفًا و200 ألف من أصل 5.5 مليون رجل في سن الخدمة العسكرية، وهو عدد من القتلى خلال 18 شهرًا أكبر مما خسرته الولايات المتحدة في حرب فيتنام كاملة.


كان أعظم إنجاز حققته أوكرانيا في الحرب حتى الآن هو المحو المنهجي لكل إشارة واضحة إلى الثقافة الروسية من مشهدها البصري -بدءاً من المعالم الأثرية للشاعر الروسي المؤسس، ألكسندر بوشكين، وصولاً إلى قائمة الشخصيات الأدبية والثقافية.

*نشر هذا المقال تحت عنوان: "To the Last Ukrainian"

 

اقرأ المزيد في ترجمات