ماذا تعني ضربات الصواريخ المنسقة ضد إسرائيل؟

فلسطينيون يحتجون على اقتحامات جيش الاحتلال ومستوطنيه للمسجد الأقصى - (أرشيفية)
فلسطينيون يحتجون على اقتحامات جيش الاحتلال ومستوطنيه للمسجد الأقصى - (أرشيفية)
تقرير خاص – (الإيكونوميست) 9/4/2023 ترجمة: علاء الدين أبو زينة أصبحت المنطقة فجأة أقل ترحيباً بالدولة اليهودية بيت المقدس- في غضون خمسة أيام فقط، ابتداءً من الخامس من نيسان (أبريل)، تعرضت إسرائيل لقصف بصواريخ أطلقت من غزة ولبنان وسورية. وفي جميع الحالات، كان السبب الذي قدح زناد الأحداث ظاهريًا هو نشوب اشتباكات بين قوات الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين في المسجد الأقصى بالقدس. لكن حقيقة إطلاق الصواريخ من العديد من المواقع تشير إلى وجود تنسيق بين مجموعات أكثر من مجرد المنظمات الفلسطينية المسلحة التي أطلقت الصواريخ فعليًا. لا يحدث الكثير في جنوب لبنان، من حيث تم إطلاق أكبر صليات من الصواريخ في 6 نيسان (أبريل)، من دون موافقة حزب الله، الميليشيا الشيعية المدعومة من إيران. وقد تم تأكيد ذلك في 9 نيسان (أبريل) من خلال لقاء عُقد في بيروت بين أمين عام حزب الله وقادة حركة حماس الإسلامية الفلسطينية. وبالمثل، يقع موقع الإطلاق الآخر في هضبة الجولان في سورية في منطقة من المعروف أن كلاً من حزب الله وفيلق القدس الإيراني يعملان فيها بمباركة حليف إيراني آخر، الرئيس السوري بشار الأسد. وتصادف أن القائد الإيراني في فيلق القدس، إسماعيل قاآني، كان يزور العاصمة السورية دمشق، في ذلك الوقت. ألحقت هذه الصواريخ بعض الأضرار بالمباني الإسرائيلية وأصابت بعض المدنيين بجروح طفيفة. ولم تشكل بأي حال من الأحوال تهديدًا خطيرًا لإسرائيل، خاصة وأنه تم اعتراض معظمها بواسطة أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية أو أنها انفجرت من دون إلحاق أضرار. (الهجمات الأخيرة التي شنتها الجماعات الفلسطينية المسلحة داخل إسرائيل والضفة الغربية كانت أكثر فتكًا. ففي 7 نيسان (أبريل)، قُتلت شابتان بريطانيتان إسرائيليتان، وأصيبت والدتهما بجروح خطيرة، في غور الأردن. وفي اليوم نفسه، صدمت سيارة يقودها فلسطيني مجموعة من الناس في تل أبيب، مما أسفر عن مقتل سائح إيطالي). في إطار حرصها على عدم تصعيد الحرب خلال عيد الفصح، ردت إسرائيل على جيرانها حتى الآن بضربات جوية صغيرة النطاق ضد المباني غير المأهولة ومنصات إطلاق الصواريخ. لكن التطور الأكثر إثارة للقلق هو الاستخدام المتزامن لمنصات الإطلاق في الجنوب والشمال، بينما تواجه إسرائيل في الوقت نفسه رد فعل فلسطينيا عنيفا متزايد القوة داخل حدودها وفي الضفة الغربية المحتلة، والذي تفاقم بسبب الوضع في المسجد الأقصى. تعكس هذه الأحداث التطورات الإقليمية الأوسع نطاقاً، خاصة الثقة المتزايدة بالنفس لدى إيران ووكلائها بعد الاختراقات الدبلوماسية الأخيرة. ففي 10 آذار (مارس)، وقعت إيران والمملكة العربية السعودية اتفاقية، بوساطة الصين، لإنهاء سبع سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية. كما خرج الرئيس السوري مؤخرًا من العزلة التي فرضتها عليه بقية العالم العربي بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في العام 2011، فزار دولة الإمارات العربية المتحدة في 19 آذار (مارس). وفي الأول من نيسان (أبريل) الحالي، كان وزير خارجيته في القاهرة، عاصمة مصر. يوفر التقارب وإعادة التنظيم الإقليمي فرصًا غير متوقعة للاعبين الآخرين. كانت “حماس”، الجماعة السنية الفلسطينية، منقسمة على نفسها منذ سنوات إلى قسمين. وفيها، يسعى جناح متشدد إلى إقامة علاقات وثيقة مع سورية، وهي قاعدة مهمة، وإيران، مصدر التمويل وحاملة راية الإسلام الشيعي. وعلى الجانب الآخر، كان هناك خالد مشعل الذي سعى إلى تحسين العلاقات مع الدول العربية السنية المعتدلة نسبيًا. ويكنّ السيد مشعل القليل من الحب لسورية وإيران. وكان قد قطع العلاقات مع كلا البلدين في العام 2012 وأغلق مقر “حماس” في دمشق احتجاجًا على العنف الذي مارسته الحكومة ضد المسلمين السنة، لا سيما أعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي ترتبط بها حركة “حماس” بشكل وثيق. والآن بعد أن تم استقبال الأسد مرة أخرى في الحظيرة العربية وبعد تحسن العلاقات السعودية الإيرانية، يبدو أنه فقد الذريعة. يبدو هذا وكأنه عكس للوجهة، حتى لو كان مؤقتًا، عن الاتجاهات التي كانت سائدة أخيرًا في الشرق الأوسط. كانت إسرائيل، في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في قلب معسكر متنامٍ من الأنظمة العربية التي تُعد معتدلة نسبيًا، والمتحدة ضد إيران، وكان أعداء إسرائيل يُعزَلون بشكل متزايد. وفي أيلول (سبتمبر) 2020، وقعت إسرائيل “اتفاقيات إبراهيم”، لإقامة علاقات دبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين. وبعد بضعة أشهر انضم إليهما المغرب أيضًا. وبينما ظل السعوديون خارج هذا التحرك، بدا في بعض الأوقات أنهم شركاء محتملون أيضًا. على الرغم من أنه لم يتم التراجع هذه المكاسب الدبلوماسية التي حققتها إسرائيل رسميًا، إلا أنها أصبحت موضع تساؤل منذ عودة السيد نتنياهو إلى رئاسة الوزراء في كانون الأول (ديسمبر). وقد التقى رئيسا الوزراء اللذان قادا إسرائيل في العام ونصف العام اللذين خرج خلالهما نتنياهو من السلطة، نفتالي بينيت ويائير لابيد، بزعماء عرب علانية وبشكل متكرر. وعقد السيد نتنياهو اجتماعًا واحدًا من هذا القبيل منذ عودته إلى السلطة في نهاية العام 2022، وإنما بلا صور ولا ضوء إعلامي. وتم تأجيل زيارة له كانت مقررة إلى الإمارات العربية المتحدة إلى أجل غير مسمى. ويؤكد دبلوماسيون إسرائيليون وعرب أن محمد بن زايد؛ حاكمها الذي قاد الانفتاح العربي على إسرائيل، أصبح الآن أقل حماسًا لأن يُرى برفقة السيد نتنياهو بينما تقوم شرطة مكافحة الشغب الإسرائيلية باقتحام ثالث أقدس الأماكن الإسلامية. كما أن حقيقة مواجهة حكومة نتنياهو أيضًا احتجاجات غير مسبوقة في الداخل وتعرضها إلى انتقادات نادرة من إدارة بايدن بشأن إصلاحها القضائي المثير للجدل الذي تم تعليقه الآن، هو سبب آخر للابتعاد عن السيد نتنياهو الذي كان في يوم من الأيام يبدو كليّ القدرة تقريبًا. ومع ذلك، تخاطر “حماس” و”حزب الله” بإثارة الرأي المحلي ضدهما بمناوشة إسرائيل. فقد أثارت الهجمات الصاروخية السابقة ضد إسرائيل من غزة ردود فعل إسرائيلية مدمرة، كان آخرها في شهر آب (أغسطس) الماضي. وبالمثل، تسببت الغارة التي شنها “حزب الله” عبر الحدود في العام 2006 في اندلاع حرب استمرت 34 يومًا دمرت فيها إسرائيل الكثير من البنية التحتية اللبنانية وألحقت المعاناة بالسكان اللبنانيين. ولن يتم شكر أي من المنظمتين على استفزاز إسرائيل بحيث تطلق العنان لقوتها النارية الهائلة مرة أخرى. لكن إهانة إسرائيل وازدراءها على ثلاث جبهات منفصلة بالتزامن، في الوقت الذي أصبح فيه السيد نتنياهو ضعيفًا، هي مخاطرة يبدو أنهما على استعداد لخوضها. *نشر هذا التقرير تحت عنوان: Co-ordinated rocket salvoes suggest Israel’s old enemies are reuniting اقرأ المزيد من ترجمات:اضافة اعلان