هل سيترشح دونالد ترامب للرئاسة الأميركية مرة أخرى؟

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يتحدث في مؤتمر للمحافظين في دالاس مؤخراً - (أرشيفية)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يتحدث في مؤتمر للمحافظين في دالاس مؤخراً - (أرشيفية)
ترجمة: علاء الدين أبو زينة تقرير خاص - (الإيكونوميست) 18/8/2022 هل سيترشح دونالد ترامب للرئاسة الأميركية مرة أخرى؟ وإذا فعل، هل سيختاره الجمهوريون ليكون مرشحهم؟ * * * هذه هي الأسئلة المعلقة الآن فوق أميركا، وبالتالي الغرب. هل سيقرر الرجل الذي حاول قلب نتائج الانتخابات الرئاسية في العام 2020، وهدد بحل أقوى تحالف عسكري في العالم، ولعب من تحت الطاولة مع فلاديمير بوتين، أنه يريد الترشح لرئاسة الولايات المتحدة مرة أخرى؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يمكن إيقافه؟ قد يبدو من السابق لأوانه طرح هذا السؤال. لكن الانتخابات التمهيدية الأولى للعام 2024 تظل أقرب من ناحية الوقت من الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت قبل 94 أسبوعًا. وعلى الرغم من سجله السيئ في المنصب وسلوكه غير المعقول بعد أن طرده الناخبون الأميركيون من البيت الأبيض، تعززت قبضة دونالد ترامب على الحزب الجمهوري فحسب. كانت الهزيمة الساحقة التي مُنيت بها ليز تشيني في الانتخابات التمهيدية في وايومنغ الأسبوع الماضي مهمة، لأنها تسلب الكونغرس من النواب المحافظين الشجعان المبدئيين، ولأنها تتناسب مع نمط معين. لم يفز جميع المرشحين الذين دعمهم ترامب في الانتخابات التمهيدية. لكن معظمهم فعلوا. ولعل الدلالة الأكبر على مدى نفوذه هي أن العديد من المرشحين الخاسرين كانوا قد سعوا إلى الحصول على تأييده أيضًا. ولم تكن هذه المسابقات تدور حول نكهات مختلفة من النزعة المحافظة، وإنما حول أي من المنافسين هو الأكثر اعتناقاً لشعار "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى". ومن بين الجمهوريين العشرة في مجلس النواب الذين صوتوا لعزل الرئيس بسبب ما فعله في 6 كانون الثاني (يناير) 2021، هناك ثمانية إما تقاعدوا أو أحالهم على التقاعد الناخبون في الانتخابات التمهيدية. وفي الوقت نفسه، فإن مرشحي الحزب للمناصب الرئيسية في إدارة الانتخابات في بعض الولايات هم أشخاص يؤيدون ادعاء ترامب الخطير بأن انتخابات العام 2020 سُرقت. تشير استطلاعات الرأي المبكرة حول مَن هو الذي يريد الناخبون الجمهوريون أن يكون بطلهم في العام 2024 إلى أن حوالي 50 في المائة منهم يقولون إنه السيد ترامب. وفي نظام يستطيع فيه المرشح هزيمة معظم المنافسين بحصوله على 30 في المائة من الدعم القوي في الولايات المبكرة، فإن ذلك يقدم نقطة انطلاق هائلة. قبل بضعة أشهر، بدا الناخبون الجمهوريون، الذين سئموا من السيد ترامب، وكأنهم قد يتحولون إلى حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، أو أي شخص آخر يقدم فكرة جعل أميركا عظيمة مرة أخرى من دون دراما. واليوم، من المرجح أن يستنتج السيد ديسانتيس أن أفضل ما يمكن أن يحصّله في البيت الأبيض هو منصب نائب ترامب.

ترامب والنظام العالمي: حاضر عند التدمير؟

قد يتغير الكثير من الآن وحتى إجراء الانتخابات التمهيدية الجمهورية الأولى، ولكن ما لم يقرر ترامب أنه لا يريد الترشح، أو أن هناك شيئًا يمنعه من القيام بذلك، فإنه سيفوز على ما يبدو بترشيح الحزب الجمهوري. وهذا يقودنا إلى السؤال

الثاني: هل يمكن إيقافه؟

أحد العوائق هو القانون. وقد تم الكشف عن أحدث التحقيقات العديدة التي يواجهها ترامب عندما جاء عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي ليطرقوا باب مارالاغو في وقت سابق من هذا الشهر. وما يزال الكثير غير معروف. وتقول المذكرة غير المختومة إن وزارة العدل كانت تسعى إلى البحث عن وثائق سرية أخذها ترامب من البيت الأبيض. وبمجرد اكتمال التحقيق، قد يقرر المدعي العام، ميريك غارلاند، أن الوثائق قد أصبحت آمنة وأن عمله قد أُنجز. وقد يعتمد ما إذا كانت إقامة دعوى ستتبع على مدى حساسية الوثائق. وقد احتشد العديد من الجمهوريين، بمن فيهم ديسانتيس نفسه، خلف ترامب. وكانت أكثر الأصوات علواً هي التي تدعو إلى عزل السيد غارلاند والمطالبة بإلغاء تمويل مكتب التحقيقات الفيدرالي -وهو أخذ بمعيار مزدوج بالنظر إلى أن هؤلاء كانوا يريدون حبس هيلاري كلينتون لاستخدامها خادم بريد إلكتروني خاص. ومع ذلك، يجب على الديمقراطيين أن يتذكروا أن لمثل هذه السابقة عيوب وميزات: في العام 2016، رفضت وزارة العدل محاكمة السيدة كلينتون. وهناك ثلاثة تحقيقات أخرى أيضاً -حول ما إذا كان السيد ترامب قد كذب بشأن إقراراته الضريبية، وما إذا كان قد انتهك القانون في 6 كانون الثاني (يناير)، وما إذا كان قد شارك في مؤامرة إجرامية لإلغاء الانتخابات في مقاطعة فولتون، جورجيا، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020- والتي هي غير مؤكدة بالمقدار نفسه. مثل أي شخص آخر، يستحق السيد ترامب افتراض البراءة. ويجب أن يحذَر خصومه من تكرار الأخطاء القديمة: عند كل منعطف كانوا يأملون في أن شيئًا ما، أي شيء (تحقيق مولر، أول محاكمة عزل، ومحاكمة العزل الثانية) سوف يخرجه من الصورة. ومع ذلك ها هو ذا. في الواقع، تزيد هذه المشاكل القانونية من حافز ترمب على الترشح. فهو، خارج السياسة، مجرد مواطن عادي يواجه بعض الملاحقات القضائية. أما بما أنه رئيس محتمل، فإنه رئيس حركة فازت بـ74 مليون صوت في الجولة الماضية. وفي هذه المرحلة، سيواجه غارلاند وغيره ممن يديرون التحقيقات خيارًا لا يحسدون عليه: إما تقديم مرشح رئاسي للمحاكمة، أو اختيار عدم التمسك بسيادة القانون. وقد يؤدي وجوده قيد المحاكمة -بل وحتى إدانته- إلى مساعدة عودة ترامب في الحقيقة. وسوف يكون من شأن جولة انتقامية، يشن خلالها حملة من أجل الانتقام لتعرضه للاضطهاد من قبل النظام القانوني، أن تعمل في صالح أسوأ غرائز السيد ترامب وتزيد من استنفاد المؤسسات الأميركية. في حقبة أخرى، ربما كان نفوذ الشركات الأميركية ليساعد على تهميش ترامب. ومع ذلك، أصبح النفوذ السياسي للشركات الكبرى يتضاءل، حيث أصبح الحزب الجمهوري حركة من الطبقة العاملة البيضاء وعدد متزايد من المحافظين من ذوي الأصول الأسبانية. وتحتج تلك الحركة -ليس فقط على التشابكات الأجنبية، والهجرة غير الشرعية، والتخفيضات في الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، ولكن أيضًا ضد التجارة، وسياسات الهوية اليسارية التي قدمتها النخبة الإدارية العالمية. ويعتقد العديد من الجمهوريين أن الحزب قد وضع لفترة طويلة مصالح "مؤشر ستاندارد آند بورز 500" للأسهم في مرتبة متقدمة على العمال الأميركيين. ولا عجب في أن الشركات الكبرى تنظر الآن بخوف إلى احتمال انتصار الجمهوريين في تشرين الثاني (نوفمبر). ويتصرف ما تبقى من المؤسسة الجمهورية مثل حكومة في المنفى، ويتمتم بشأن استيلاء ترامب على السلطة، لكنه يفتقر إلى الوسائل لعكس ذلك.

تقاطعات أكثر من كونها تكتيكات

إذا لم يوقف أي من حزبه أو القانون السيد ترامب، فما الذي يمكن أن يوقفه؟ توصي العدالة الشعرية بمعركة على طريقة "افعلها أو مُت" للمكتب البيضاوي تخوضها تشيني، في محاولة لامتصاص الناخبين الجمهوريين الذين لا يستطيعون تحمل رؤية علامة X بجانب اسم مرشح ديمقراطي. وإذا تحول عدد كافٍ منهم في الولايات الحمراء في سباق متقارب، فقد يحرم ذلك السيد ترامب من الفوز في المجمع الانتخابي. سوف يكون أفضل الآمال هو الاعتماد على الحس السليم للشعب الأميركي. من السهل أن ننسى أن السيد ترامب يخسر الانتخابات. في السنوات الأربع من رئاسته خسر حزبه كلا مجلسي الكونغرس وكذلك البيت الأبيض. ويدرك الكثير من الناخبين أنه خطير وغير ديمقراطي، ومعظمهم لا يريدون عودته إلى المنصب. كان السبب في شن السيد ترامب حملات شرسة ضد مصداقية صندوق الاقتراع هو معرفته بأن صندوق الاقتراع يمكن أن يهزمه. *نشر هذا التقرير تحت عنوان: Will Donald Trump run again? And, if he does, would Republicans pick him as their nominee?  اقرا أيضا في ترجمات:اضافة اعلان