إسرائيل حققت الأهداف المتواضعة التي حددتها في غزة

واحدة من صور الدمار الذي احدثه الاحتلال بعدوانه على قطاع غزة خلال الايام الماضية-(وكالات)
واحدة من صور الدمار الذي احدثه الاحتلال بعدوانه على قطاع غزة خلال الايام الماضية-(وكالات)
هآرتس عاموس هرئيل 15/5/2023 إطلاق صاروخ منفرد من القطاع نحو عسقلان مساء أول من أمس، بعد أقل من 24 ساعة على دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل والجهاد الإسلامي إلى حيز التنفيذ، سلط الضوء على التصريحات الإسرائيلية حول نجاح عملية "درع ورمح" في قطاع غزة. من أخطأ في ذلك هو بالذات رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي في بداية جلسة الحكومة قبل بضع ساعات من ذلك تفاخر بـ"تحطيم المعادلة" في القطاع. مع ذلك، الإطلاق ما يزال لا يشير إلى انهيار وقف إطلاق النار. في السابق كان من المعتاد الحديث عن "فترة الإيقاف"، وهي الفترة التي تمر في الجانب الفلسطيني إلى أن يتم توقف كامل للنار من قبل آخر الفصائل. ربما هذا ما يحدث أيضا في هذه المرة. وعلى أي حال يجدر الانتظار قبل المسارعة إلى إجمال القضية بأقوال قاطعة جدا. في الطرف الفلسطيني سارعوا إلى الادعاء أن الصاروخ أطلق في أعقاب خلل فني وأن التنظيمات في القطاع ما تزال تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار. اشتعال المواجهة الأخيرة التي انتهت السبت بوساطة مصرية كان تقريبا أمرا محتما. أيضا حتى بعد التحسين المحدود الذي بدأ مؤخرا في اقتصاد القطاع فإن الوضع اليومي هناك لا يحتمل؛ للجهاد الإسلامي، الذي في السنوات الأخيرة يقف في أساس جزء كبير من جولات القتال مع إسرائيل، لا توجد أجندة اخرى سوى التصعيد العسكري. إسرائيل أيضا ساهمت بنصيبها في تصريحات هجومية للحكومة الجديدة وبزيادة عدد المصابين الفلسطينيين في أحداث إطلاق النار في الضفة، وبالأساس في معالجة قضية السجين المضرب عن الطعام خضر عدنان، الذي موته في السجن أشعل المواجهة الحالية. الجهاد الإسلامي كانت له مصلحة في الرد على موت عدنان، عضو التنظيم من جنين؛ إسرائيل، بعد إطلاق صلية تشمل 100 صاروخ من القطاع قبل أسبوع من ذلك، انتظرت الفرصة المناسبة للرد على إطلاق النار، ويبدو أنه لم يقلق حماس بشكل خاص رؤية مناوشة قصيرة بين عدوتها الرئيسية وبين خصمها الداخلي. نتنياهو أمل في تحسين ميزان ردع إسرائيل برد عسكري كثيف. في الخلفية وقف مزيج من الاعتبارات الداخلية والخارجية: في الجبهة الداخلية تعرض لانتقاد المعارضة، وايضا من اليمين المتطرف في حكومته، الذي طلب منه إظهار قبضة حديدية في غزة، وفي الجبهة الخارجية تولد الانطباع لدى الدول المعادية أن إسرائيل تنشغل بالكامل بمشكلاتها الداخلية ولن تتجرأ على الرد على استفزازات عسكرية ضدها. أيضا هذا الانطباع أراد رئيس الحكومة تعديله. من أجل تحقيق النتيجة المطلوبة عمل نتنياهو بشكل وثيق مع وزير الدفاع يوآف غالنت وكبار الضباط في الجيش وكبار الشاباك. معظم أعضاء الكنيست تم تغييبهم عن عملية التخطيط واتخاذ القرارات. الأعلى صوتا من بينهم، وزير الأمن الوطني ايتمار بن غفير، سيجد صعوبة الآن في شرح ما الذي حدث بالضبط في غزة لأنه لا أحد يكلف نفسه عناء اشراكه في التفاصيل الكاملة. في الإعداد للعملية تركزت الخطط على الجهاد الإسلامي. في إسرائيل أرادوا تجنب سيناريوهين كان يمكن أن يكونا مرتبطين ببعضهما البعض: دخول حماس إلى المواجهة في القطاع، وانزلاق القتال الى ساحات أخرى، منها شرقي القدس والضفة الغربية، وعلى أبعد الاحتمالات جنوب لبنان. إحدى النتائج التي أراد جهاز الأمن تجنبها هي قتل عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين، حتى استنادا إلى الافتراض بأنه في مثل هذه الحالة حماس ستجد صعوبة في مواصلة الوقوف جانبا. رغم الأقوال الكثيرة مؤخرا عن حرب متعددة الساحات، إلا أن التنظيمات الأخرى في الساحات الأخرى فضلت الجلوس بهدوء. توجد فجوة بين استعداد مقاتلي حزب الله لتشجيع الفلسطينيين على المس بإسرائيل، وأحيانا الانضمام إلى ذلك بأنفسهم، وبين الرغبة، التي كما يبدو كانت غير موجودة الآن في لبنان، في الوصول إلى معركة شاملة. يبدو أن العملية الإسرائيلية نفسها ضد منظمة (المقاومة) الأقل قوة في المنطقة تمت إدارتها بالمجمل بشكل جيد. الجهاد الإسلامي تسبب بعدد قليل نسبيا من المصابين في إسرائيل – قتيلان منهما عامل فلسطيني وسبعة مصابين – وإضافة إلى ذلك أيضا ثلاثة قتلى في القطاع بنار صواريخه التي انفجرت بعد فترة قصيرة على إطلاقها. القبة الحديدية، هذه المرة بمرافقة منظومة "مقلاع داود"، سجلت نسبة اعتراض ممتازة، 95 %. محاولات أخرى للجهاد للقيام بعمليات بواسطة إطلاق صواريخ مضادة للطائرات، فشلت. في الجانب الهجومي إسرائيل تجنبت ليس فقط مواجهة مع حماس، بل أيضا تجنبت عملية برية زائدة في القطاع. التنسيق الاستخباري والعملياتي بين الجيش الإسرائيلي والشاباك أدى إلى نجاح الاغتيال لقادة الجهاد الستة، وإلى الإضرار الكبير بسلسلة القيادة فيه. عملية اغتيال القادة الثلاثة الآخرين كانت نظيفة – قتلت فيها فقط الأهداف المراد إصابتها. الخلل الرئيسي كان في ليلة بدء العملية: أثناء عمليات الاغتيال الثلاثة المتزامنة لكبار قادة التنظيم، حيث قتل آيضا عشرة من المدنيين، بينهم نساء وآطفال للناشطين إضافة إلى عدد من الجيران، جميعهم كانوا أبرياء. في إحدى الحالات ربما كانت هناك مشكلة في اختيار نوع السلاح للهجوم. الصعوبة الأخرى هي استخبارية: رغم بذل الجهود الكبيرة لجمع المعلومات إلا أنهم في الجيش وجدوا صعوبة في تحليل أين سيكون أولاد نشطاء الجهاد في الشقق؟. قرار العمل مع ذلك، مع المخاطرة المحسوبة من المستوى السياسي والأمني، أدت إلى عدد كبير من المصابين غير المشاركين. في الجيش الإسرائيلي بدأوا في تحقيق عملياتي لسلسلة الاغتيالات. في هيئة الأركان العامة اعترفوا بأنهم كانوا يريدون عددا أقل من المصابين، ولكنهم لا يعتبرون العملية خللا. خلافا لنتنياهو في الجيش يحذرون جدا من إعلانات الانتصار أو المقارنة بعمليات سابقة. المؤتمر الصحفي أول من أمس كان التلخيص العسكري الاكثر حذرا لعملية في القطاع منذ العملية الكبيرة الأولى بعد الانفصال، "الرصاص المصبوب" في العام 2008. هذا حدث بتوجيه مباشر من رئيس الأركان هرتسي هليفي الذي أراد تجنب إعلانات مسبقة ومتبجحة جدا. نتنياهو وهو يتمتع بمزاج سخي قام بتوزيع المديح على رؤساء جهاز الأمن. بشكل معين رئيس الحكومة نسي الإشارة إلى أنه بصورة شخصية هو لم يرغب وبحق في أي واحد منهم. فقد أقال غالنت قبل شهر ونصف، وبعد ذلك اضطر إلى التراجع؛ في تعيين هليفي رئيسا للأركان في نهاية فترة الحكومة السابقة حاول الليكود المحاربة بواسطة المحكمة العليا. وايضا رئيس الشاباك رونين بار الذي تم تعيينه من قبل نفتالي بينيت أغضب في البداية نتنياهو، سواء بالخط المستقل الذي أظهره أو في رفضه الخضوع لطلبات الحماية المبالغ فيها لعائلة رئيس الحكومة. وبعد لم نتحدث عن مئات رجال الاحتياط، من سلاح الجو وجهاز المخابرات الذين شاركوا بشكل نشيط في الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي وحصلوا على وابل من الانتقادات من اليمين، وامتثلوا على الفور للخدمة في اللحظة التي بدأ فيها التصعيد في غزة. الإنجاز الرئيسي الذي سجله الجهاد الإسلامي لنفسه هو نجاحه في مواصلة إطلاق الصواريخ لمدة خمسة أيام، وتشويش الحياة في المنطقة الجنوبية وبدرجة أقل في منطقة المركز. زياد النخالة، رئيس الجهاد، أراد إطالة الوقت أكثر بقليل ومواصلة القتال، لكنه خضع في نهاية المطاف للضغط الشديد الذي استخدمته مصر وحماس، اللتان بدأ الزعماء لهما في رؤية تملصه إهانة لهم. الإجابة النهائية للجهاد جاءت السبت وفاجأت بشكل جيد جهاز الأمن الذي استعد ليوم قتال آخر. الهدف الذي صاغته إسرائيل لنفسها عند شن العملية كان متواضعا جدا وقابلا للتحقق: إعادة الهدوء والاستقرار النسبي إلى حدود القطاع. ربما أن الاصابات التي تكبدها الجهاد ستكون كافية لذلك، لبضعة أشهر على الأقل. ولكن كالعادة يفضل أن نذكر التوازنات: هذا نجاح ولكنه ليس حسما. والفائدة منه ستكون محدودة في النطاق وفي الوقت. حماس، اللاعبة الرئيسية في القطاع، لم تتضرر بأي شكل من الأشكال. الدماء التي سفكت في القطاع ليست لها – وسرعان ما ستسمح إسرائيل مرة أخرى للعمال من القطاع بالعودة للعمل فيها، وهذه خطوة مهمة جدا بالنسبة للتنظيم الذي يحكم في غزة.اضافة اعلان