بين بايدن وترامب.. انتخاب رئيس من الجحيم

شعار صحيفة يديعوت أحرونوت-(الغد)
شعار صحيفة يديعوت أحرونوت-(الغد)

بقلم: سيفر بلوتسكر

 

من أميركا، تبدو أميركا مختلفة عن صورتها الإسرائيلية. نحن نعتقد أن الحرب في غزة بكل تداعياتها وتعقيداتها توجد في رأس جدول أعمال الخطاب السياسي الأميركي، وتتسلل إلى عظام المواطن العادي أو على الأقل إلى أبناء وبنات النخب على أنواعها. لكن الواقع، على الأقل خارج الجالية اليهودية المنقسمة، القلقة والمكتئبة، لم يعد يتطابق وهذه الصورة. في أثناء الأسابيع الأخيرة، دحرت الحرب في غزة من مقدمة الساحة العامة إلى أطرافها، وحتى المقالات الملتهبة لكُتّاب الرأي المتصدرين لم تعد تحظى باهتمام خاص، فما بالك بالتعقيب.اضافة اعلان
"أميركا"، يقول لي بروفيسور في السياسة في إحدى جامعات الشاطئ الشرقي الأميركي، "تغرق بسرعة في حملة انتخابات الرئاسة التي تركزت كلها على دونالد ترامب. خط الجبهة سيكون مع أم ضد ترامب. كل الباقي أقل أهمية. الشرق الأوسط بالتأكيد ليس مهما حقا".
هذا التقدير الواعي ينعكس في التقارير والمداولات على الأزمة الأخيرة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية: فهي قليلة، هزيلة وسطحية. عمليا يكرس لها أقل فأقل مساحة إعلامية من التقارير عن انهيار جسم قرب مدينة بلتمور وعن مناورات البورصة لدى ترامب.
يروي البروفسور، "عصفت حتى قبل شهر باحتجاجات مؤيدة للفلسطينيين وشكاوى طلاب ومحاضرين يهود عن اللاسامية التي ترفع الرأس. كل هذا يخبو الآن. المظاهرات أصبحت هزيلة المشاركين، الطلاب عادوا إلى قاعات المحاضرات وإلى الامتحانات، والحديث عن اللاسامية انتقل إلى معالجة لجان جمعية داخلية عديمة الأسنان. باختصار، الموجة انقضت".
هذا لا يعني أنه يوجد اليوم في أوساط الطبقة التي تصمم الرأي العام الأميركي انعطافة في صالح حكومة إسرائيل الحالية. العكس هو الصحيح، يوجد يأس تام منها. لكن إلى جانبه تبلور الفهم بأن الصراع على مستقبل أميركا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024 لن يحسم في أزقة غزة وفي قرى جنوب لبنان، بل بارتفاع الأجر، وتيرة الغلاء، معدلات العمالة وأعداد المهاجرين غير القانونيين.
وفوق كل شيء، سيتركز التصويت على مسألة هل أنتِ وأنتَ مع أم ضد ترامب -وليس مع أو ضد الرئيس الحالي. ويقول محلل سياسي لصحيفة جماهيرية "إن بايدن يلعب في حملة الانتخابات الحالية دور المناهض لترامب وهذا كل شيء. هو لا يحاكم من مؤيدي الحزب الديمقراطي (الذي هو مرشحه للرئاسة) على خطواته، قراراته وسياسته، بل على قدرته أو عدم قدرته على هزيمة ترامب. عندما يعرض ترامب من قبل الليبراليين كالشر المطلق، فإن الجهد لمنع عودته إلى كرسي الرئاسة هو كل شيء".
إلى هذه الدرجة، يوجد اليوم محللون وسياسيون في واشنطن العاصمة يؤمنون بأن الأزمة الأميركية الإسرائيلية الأخيرة تستهدف منذ البداية "خدمة صورة بايدن في أوساط التقدميين، دون التشكيك بالدعم القوي له في جماهير المقترعين اليهود". وبخاصة خدم الرئيس الرد الغاضب ظاهرا من رئيس الوزراء نتنياهو على امتناع الولايات المتحدة عن استخدام الفيتو في مجلس الأمن وعلى مشروع القرار الداعي سواء لـ"وقف نار في فترة رمضان" أم لـ"تحرير فوري غير مشروط لكل المخطوفين". وحسب رجل دولة أميركي، فإنه "لولا رد بيبي لكان الامتناع الأميركي في مجلس الأمن مس بالتأييد لبايدن في دوائر اليسار. لكن عندما خرج نتنياهو مزبدا ضده وأجل موعد زيارة الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن فإنه صنع جميلا انتخابيا لبايدن، إذ عرضه كمقاتل من أجل الفلسطينيين الذين يعانون، من يدري، لعله حقا كان هنا تفاهم هادئ مسبقا".