الطريق نحو الاستقلالية.. كيف نتخذ قراراتنا بثقة بعيدا عن تدخل الآخرين؟

الطريق نحو الاستقلالية.. كيف نتخذ قراراتنا بثقة بعيدا عن تدخل الآخرين؟
الطريق نحو الاستقلالية.. كيف نتخذ قراراتنا بثقة بعيدا عن تدخل الآخرين؟

في الحياة، أنت من يصنع القرار في منعطفات الطريق الذي تختاره، حيث الكثير من الأفكار والأحلام والطموحات لن تتحقق إلا إذا اعتمدت على نفسك وخضت تجربتك الخاصة.

اضافة اعلان


كل شخص يعيش قصته مع الحياة وقراراته التي تتأرجح بين النجاح والفشل. الغريب أحياناً أن البعض يجد راحة في وجود من يقرر نيابة عنه، أو ربما قد اعتاد ذلك بسبب ظروف معينة جعلته يتنازل عن قيادة سفينته لغيره، على أمل أن ينجو ويصل إلى وجهته بأمان.


وضمن كل ذلك، يكتشف حقيقة أن قرارات الآخرين تنبع من تجاربهم وخبراتهم الخاصة، وهذا لا يعني بالضرورة أنها ستتناسب مع ما نتمناه نحن.


نسرين خالد (40 عاما)، تفتخر بكل ما وصلت إليه، لم تسمح يوما لأحد بأن يسلبها حقها في تقرير مصيرها واختيار ما يناسبها ويتفق مع أحلامها وتطلعاتها، مبينة أن تجاربها الخاصة هي التي تحدد خياراتها في الحياة وتجعلها قادرة على رؤية الطريق بوضوح دون تدخل من أحد.


منذ أن كانت صغيرة، تعلمت أن تكون سيدة قرارها، فهي لم تغمض عينيها عن تجارب الآخرين ونصائحهم، بل اعتادت أن تنظر إليها كدروس وعبر، "فعندما يكون القرار قرارنا نحن، فحتما هناك مذاق مختلف للحياة وأيضا سيكون باستطاعتنا اكتشاف أنفسنا".


وبحسب نسرين، فإن القرارات الناتجة عن تجارب شخصية تكون حقيقية وموضع ثقة، على عكس سارة التي تربت على الخضوع لغيرها، فرضيت أن تعيش حياتها كما رسمتها لها عائلتها. 


سارة ألغيت شخصيتها تماما، لدرجة أنها لم يكن لها أي رأي في كل ما يخصها.

 

كان الاستسلام هو ردها على كل ما يحدث معها. قرارات كثيرة في حياة سارة كانت ظالمة، حرمتها من أن تعيش كما تريد، فهي لم تكمل دراستها، وأيضا لم يكن لها القرار في اختيار شريك حياتها، وذلك لاعتقادها بأن أسرتها تعرف أكثر منها ما يناسبها ويسعدها، وهذا ما جعلها هشة ضعيفة وخاضعة طوال الوقت.


ومن جهتها، تبين خبيرة علم الاجتماع فاديا إبراهيم، أن كثيرا من القرارات كانت كبيرة أو صغيرة، بسيطة أو مصيرية، تتفاوت أهميتها، فمنها ما هو مصيري كاختيار شريك الحياة، واختيار الكلية أو التخصص أو عمل دون غيره، وفي المقابل هناك قرارات بسيطة لا تشكل أهمية كبيرة لدى الشخص.


بعض القرارات في حياتنا نتخذها بأنفسنا، والبعض الآخر قد نحتاج لمن يقررون عنا لأسباب، مثل صغر السن وعدم وجود الخبرة الكافية في الحياة، أو لعدم وجود المعرفة والفهم الكافي للموضوع الذي يجب أن نقرر فيه، وأحياناً لوجود التزامات عائلية وارتباط أشخاص آخرين في الموضوع ويجب أن يشاركونا في القرار. 


لذلك، ينبغي أن يكون الإنسان واعيا وقادرا على اتخاذ القرارات، لأنها قد تغير حياته وتؤثر عليه وعلى من حوله، وفق إبراهيم.

 

وتؤكد أن اتخاذ القرارات يدل على الثقة بالنفس وقوة الشخصية والتمييز بين الإنسان الناجح وغير الناجح، والذي يعتمد دائماً على الآخرين ليقرروا عنه شخص لا يمكن الاعتماد عليه، ومصير حياته وسعادته مرهونان بقرارات الآخرين.


ووفق إبراهيم، المجتمع أو البيئة التي نعيش فيها يجب أن تدربنا على اتخاذ القرارات ابتداء من الأسرة والمدرسة والعمل، وأن نتحمل نتائج قراراتنا وتصويب أوضاعنا في المرات المقبلة إن كنا قد أخطأنا. ومن المهم أن نكون واعين جيداً للظروف التي تحيط بقراراتنا وقد تؤثر عليها، مثل الظروف النفسية والاجتماعية والشخصية وحتى الاقتصادية أو المادية، فهي حتماً تؤثر على قراراتنا سلباً أو إيجاباً.


وتذهب إبراهيم إلى أن بعض القرارات قد تكون نقطة نحاسب بها أنفسنا ونعيد بها قراءة أفكارنا لنرى أخطاءنا، لكن لا يجب أن نجلد أنفسنا كثيراً لأن الحياة مليئة بالتجارب.


في النهاية، يجب أن ندرك أن اتخاذ القرارات عملية ذهنية عقلية يتم من خلالها التوجيه والتخطيط لمساراتنا في الحياة سواء الشخصية أو العملية، وهي مهارة يجب أن يدركها كل إنسان تحتاج للحكمة والفهم وقوة الشخصية والبعد في التفكير والتعامل مع المواقف.


وبحسب إبراهيم، القاعدة الأساسية عندما يكون الإنسان قادرا على اتخاذ القرارات الخاصة به، ولكن إذا كان غير قادر لا مانع من استشارة الآخرين المقربين والموثوقين الذين يساعدونه على اتخاذ ما هو مناسب، خصوصا أن بعض القرارات لا تخصنا وحدنا، هنا يجب الابتعاد عن الأنانية ومراعاة رغبات وظروف الآخرين الذين قد تؤثر قراراتنا على حياتهم.


وترى مدربة المهارات الحياتية نور العامري، أن البعض يتقبل أن يقرر الآخرون عنهم قرارات مصيرية لأسباب متعددة، منها الثقة بهم وبحكمهم على الأمور وما لديهم من خبرة أو معرفة أكبر في موضوع القرار. 


إلى ذلك، الخوف من المسؤولية؛ فبعض الأشخاص يخشون اتخاذ قرارات مهمة بسبب الخوف من الفشل أو العواقب السلبية، فيفضلون أن يتحمل شخص آخر هذه المسؤولية.


أما فيما يخص عدم الثقة، كما تقول العامري، فإنها تجعل الشخص يشعر بعدم القدرة على اتخاذ قرارات صائبة، مما يدفعه للاعتماد على قرارات الآخرين.


وتأتي الضغوط الاجتماعية والعائلية لتكون أداة في تدخل الآخرين في القرارات، خصوصا أفراد الأسرة أو الأشخاص ذوي السلطة، كما أن الرغبة في حصد الرضا وتجنب الصراعات والحصول على قبول اجتماعي تجعل هنالك قبولا لقرارات الآخرين، حتى لو كانت تتعارض مع الرغبات الشخصية.


وترى العامري أن الشخص قد يكون تربى في بيئة تعلم فيها منذ الصغر أن يتبع قرارات الآخرين بدلاً من أن يتخذ قراراته بنفسه، مما يجعله يتقبل ذلك في مراحل لاحقة من حياته. 


كل هذه الأسباب تسهم في تشكيل ميول الفرد نحو قبول تدخل الآخرين في اتخاذ قرارات تمس حياته الشخصية والمصيرية.


ومن ناحية أخرى، فإن القرار بما يناسبنا ويناسب حياتنا له أهمية كبيرة لأسباب عدة، وأهمها؛ تحقيق السعادة والرضا الشخصي، وتحقيق الاستقلالية واعتمادنا على ذاتنا، مما يسهم في بناء شخصية قوية وواثقة.


وتلفت العامري إلى أن اتخاذ قراراتنا بأنفسنا، يعلمنا كيف نتحمل مسؤولية النتائج، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وكذلك التعلم والنمو من تجاربنا، ومن أخطائنا ونجاحاتنا على حد سواء. 


وتشدد على أن اتخاذ القرارات بشكل مستقل يمنحنا السيطرة على مسار حياتنا ويجنبنا التأثر السلبي بتوجيهات أو ضغوط الآخرين، فعندما نقرر ما يناسبنا، نصبح أكثر تركيزاً على أهدافنا ونكون قادرين على وضع خطط تتناسب مع تلك الأهداف لتحقيقها بفعالية.


إلى ذلك، اتخاذ القرارات المناسبة لحياتنا يمكن أن يسهم في تحسين جودتها بشكل عام، سواء على المستوى الشخصي أو المهني أو الاجتماعي.

 

اقرأ أيضاً: 

3 نصائح لمعالجة حالات "تلاشي القدرة" على اتخاذ القرار

مراهقون يبحثون عن الاستقلالية باختيار الأصدقاء.. وأهال يفرضون آراءهم

شعور الارتياح والألفة.. كيف يحدد علاقاتنا مع الآخرين؟