المراهق والتحرر من الطفولة.. كيف يتعامل الأهل مع تغيرات المرحلة؟

0
0
ديمة محبوبة عمان- “أنا حر.. أنا بطلت صغير.. بعمل الي بشوفه بناسبني”، بهذه الكلمات ذكرت سمر عبد الله ما يردده ابنها المراهق، الذي يبلغ (15 عاما)، مبينة أن سلوكاته تغيرت بشكل لافت وكأنه شخص جديد لا تعرفه. تفاصيل كثيرة تغيرت، وفق قول الأم سمر، حتى حينما تقترب منه لترتب ملابسه وتحضنه كما اعتادت دوما، يرفض ذلك بقوله “ماما أنا لست طفلا ولا أحتاج هذا النوع من الدلال”. وتضيف أن علاقته مع والده تغيرت أيضا، وباتت المشاحنات بينهما كبيرة، وكلماته قاسية، ودائما يردد “انتو ما بتفهموني”. في لحظة، كما تصف الأم، اختفت الملامح الطفولية، متسائلة: هل يمكن أن تغير هذه المرحلة ابنها لهذه الدرجة؟!. أما لقاء سلامة وهي أم لابنة مراهقة، فتؤكد أن ابنتها “دلوعة البيت”، على حد تعبيرها، لكنها تغيرت وباتت عنيدة لأبعد الحدود، وكلمتها الدائمة “أنا حرة”، كما باتت ترفض الخروج مع العائلة أو المشاركة في المناسبات الاجتماعية، وتفضل التواجد مع صديقاتها أو تبقى حبيسة غرفتها. تتفهم لقاء هذه المرحلة، وتؤكد أنها مرت بها وكانت عنيدة وذات شخصية مستقلة، لكن لم تتجرأ يوما على الحديث مع والديها بطريقة ابنتها، مؤكدة أنها تتمنى أن تبقى ابنتها صفاء محافظة على الطفلة في داخلها، فهي فتاة مجتهدة ولطيفة، لكنها اليوم أكثر عنادا. في سن البلوغ، يفاجأ الوالدان بأنهما أمام شخصية جديدة أكثر عنادا وأقل طاعة وأكثر جموحا ورغبة في الاستقلال؛ حيث يميل المراهق بأحيان كثيرة لفرض رأيه، وإن كان بطريقة قاسية، لذلك يناقش ويفاوض ويحارب بكل الجبهات مع والديه. ووفق خبراء، المراهق ما يزال يرسم شخصيته ويحاول أن يكون له طريقه الخاص، وهو أمر طبيعي ويحتاج الى الاحتواء والصبر والحديث المستمر معه. وفي المقابل، المراهق وسيم خليل البالغ من العمر (16 عاما)، يقول: “والدتي تعتقد أنني ما زلت طفلا صغيرا وكان رأيي لا يسمع وعلي أن أكون مستمعا وأطبق كل ما يطلب مني بعيدا عن الاستماع والأخذ برأيي الخاص.. وعندما أناقشهم يقولون أنت غير مؤدب ويجب أن تتربى من أول وجديد”. ويؤكد أنه يشعر بالحزن من هذه المعاملة وكثرة الخوف عليه، مما جعله بحيرة من أمره في التعامل مع عائلته التي لا تفهمه، كما يقول، ويشعر بالضيق، لذلك يكون أكثر عصبية، كما يشعر أن أصدقاءه أكثر قربا، وذلك لأنهم يشعرون بالشيء ذاته مع ذويهم. وأكثر ما يزعجه، أنه مراقب طوال الوقت، ويدخلون غرفته من دون استئذان، ويعبثون بهاتفه ويقلبون بأغراضه الخاصة، وإن كان ذلك من دافع الخوف عليه، لكنه يزعجه كثيرا، وكأنه شخص عديم المسوولية، وفق قوله. المشرفة التربوية رائدة الكيلاني، تؤكد أن المراهقة مرحلة تتغير فيها الطباع، فالمراهق لا يتعرض لأزمة من أزمات النمو، طالما سار في المجرى الطبيعي. وتبين أن من أهم المشكلات التي يتعرض لها المراهق في حياته اليومية، التي تحول بينه وبين التكيف السليم، هي علاقته بالراشدين، وعلى وجه الخصوص الآباء ومكافحته التدريجية للتحرر من سلطتهم عليه، من أجل أن يصل إلى مستوى الكبار من حيث اتخاذ القرار والاستقلال. لذلك، تنصح الكيلاني الأهالي بالتعامل السليم مع هذه المرحلة، وأن يكونوا سندا لابنهم المراهق والاستماع له ومحاورته، والتيقن من أنهم يتعاملون مع مرحلة جديدة لا تشبه مرحلة الطفولة. هذا الشيء، سيجعل باب الحديث والحوار مفتوحا باستمرار، لتفهم ما يشعر به الابن وما يريده ويناقش في كثير من الأمور حتى تسير هذه المرحلة بسلاسة في حياته بعيدا عن الخلافات والمشكلات. دراسات نفسية أكدت أن المشاعر المكبوتة أيام الطفولة تحاول أن تجد لها مخرجا في المراهقة والشباب إلا أن هذه المشاعر لا بد أن توجه أو تقنن، فالمراهق بسبب ما طرأ عليه من تغيرات أصبح يميل إلى الاستقلال والانعزال عن مجال الأسرة والرغبة في تكوين صداقات وروابط عاطفية جديدة غير تلك التي كانت تربطه بوالديه أيام طفولته. اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يؤكد أن فهم إحساس المراهق وفتح أبواب الحوار بشكل سلس هو الحل لتجاوز الكثير من الخطوات، والمراقبة غير المباشرة مع التوجيه غير المباشر، فأحيانا في هذه المرحلة تكون كلمة الأهل والتوجيه صعبة على المراهقين، فهم لديهم طاقة يريدون تفريغها بشكل مستقل مع تغييرات جسدية ومشاعر أخرى يريدون فهمها. ويضيف “وكل هذه التغيرات تجعل منهم أشخاصا جددا يريدون اكتشاف ذاتهم باستقلال وحرية، وهو أمر طبيعي، لذلك لا ضير من المساحة الآمنة مع التوجيه الآمن”. اقرأ أيضاً: اضافة اعلان