العمل في القطاع الزراعي.. كيف يتجاوز منعطف البيانات والنتائج "المتناقضة"؟

1687365308176833100
عاملون زراعيون في إحدى المناطق الزراعية بوادي الأردن-(أرشيفية)

في وقت يعتبر فيه توفير جمع أرقام ومعلومات عن القطاعات المحددة كالقطاع الزراعي، للتعرف على احتياجاته من الايدي العاملة، مهما، يظل السؤال عن مدى واقعية ما يتأتي عنه من ارقام أو معلومات، ضمن دراسات تعتمد المسوحات ومدى دقتها.

اضافة اعلان


وفي هذا النطاق، تثير دراسة  "الفجوة بين جانبي العرض والطلب في قطاع الزراعة"، والتي تتناول عرضا لواقع احتياجات القطاع الزراعي من حيث المهن والايدي العاملة، والحاجة للبحث عن كيفية مأسسة القطاع، وتحديدا لجهة البيانات.


المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية، أعد الدراسة ضمن سلسلة دراسات دورية للقطاعات ذات الاولوية في الاقتصاد الاردني ومنها الزراعي، ونشرتها وزارة العمل على موقعها الإلكتروني، إذ أطلقت العام الماضي، وتبنى المركز بدعم من هيئة تنمية المهارات المهنية والتقنية إعدادها، بالتعاون مع دائرة الاحصاءات العامة، ومشاركة ممثلين عن جهات مهنية في القطاعين العام والخاص، لتنسجم مع ما ورد في الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، وضرورة التعرف على مدى مواءمة مخرجات التعليم والتدريب مع متطلبات سوق العمل المتجددة.


وكشفت الدراسة، أن حجم الطلب الإجمالي المتوقع للتشغيل لمختلف المهن للأعوام (2022 – 2024) بلغ نحو 32667 فرصة عمل، في حين أن حجم فجوة العرض الاجمالي للأعوام (2019 – 2021)، وفق برامج التعليم ورفع الكفاية بلغ 21344 عاملا وعاملة، متضمنا فجوة عددية تقدر بـ11323 كعجز في العرض "فائض طلب".
كما بينت، أن أبرز فرص العمل المتوقعة للاعوام 2022 - 2024 في القطاع، تتبلور في عامل زراعي قطف محاصيل.. تعبئة وتغليف.. حراث، وري وتسميد. 


وتوزعت فرص العمل المتوقعة في الأعوام 2022 - 2024، بحسب ردود الحيازات الزراعية في الدراسة، نحو 19968 فرصة للذكور و12698 للاناث، بواقع 61 % و39 % على التوالي.


وحول المهن المستقبلية، أظهرت الدراسة أن فرص العمل في القطاع، والتي قدرت بـ32667، تتطلب 102 مهارة مختلفة.


وفي هذا الصدد، اكتفى المركز بالتأكيد على أن الدراسة "منسجمة مع منطلقات مشروع إعادة إصلاح قطاع التشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني، المدعوم من الاتحاد الأوروبي"، بينما يؤكد خبراء في القطاع "عدم دقة الارقام، وان فيها تناقضات كثيرة"، كما تؤكد وزارة الزراعة، أن دورها محصور بتحديد الحيازات الزراعية ومساحتها "والتي في ضوئها تستقدم العماله الزراعية".


مدير عام اتحاد المزارعين محمود العوران، بين ان الارقام التي تضمنتها الدراسة، قريبة من الواقع الزراعي لكنها ليست دقيقة، وتحتشد بالتناقضات، متسائلا حول هذه التناقضات في الارقام، فمثلا عامل زراعي "قطف".. تعبئة وتغليف، وفق ارقامها انخفضت نسبتهم الى 100 %، بمعنى انها مهن غير موجودة، كما تبين الدراسة أن عامل حراثة، مهنة شبه منتهية، بينما عامل ري وتسميد، مهنة ارتفعت نسبتها، لذا فهذه الارقام لا تلامس الحقيقة على ارض الواقع، إذ إن طبيعة العمالة والمهن الزراعية تكون موسمية، فمثلا في موسم قطف الزيتون يحتاج لعمال قطف لنحو اسبوع، بينما يحتاج موسم الخضراوات لعمال قطف لنحو شهرين، وعامل قطف الفواكة يحتاج  في موسم القطف الى نحو شهر واحد، وكل ذلك يحدث خلال عام، وحسب كل موسم وكل منطقة، ما يفصح عن عدم دقة الدراسة.


أما مسميات المهن التي بينتها الدراسة، فبين العدوان أن الاهمية لها، تتطلب بأن نعتمد في التصنيف للعمالة الزراعية، الى: عامل زراعي في مجال الثروة النباتية، وعامل زراعي في مجال الثروة الحيوانية.


وقال ان "عامل قص السياج في الحدائق المنزلية، يدرج على تصنيف عامل في مجال الثروة النباتية، وعامل حف حذوات البقر او الخيل، يدرج على تصنيف عامل في مجال الثروة الحيوانية.


وبين رئيس الجمعية الأردنية للتمور د. أنور حداد، أن هذه الدراسة لا تتسم بالدقة، وغير واقعية، ما يتطلب إعداد دراسة قريبة من الواقع الزراعي، لأن تصنيف العمالة التي تضمنتها الدراسة بعيد عن الواقع وعن العمل الزراعي، فعامل قص سياج في الحدائق.. وحف حذوات البقر او الخيل، مثلا، هما مصنفون في الواقع تحت عامل زراعي في مجال الثروة النباتية، أو عامل زراعي في مجال الثروة الحيوانية.


الخبير الزراعي ومساعد أمين عام الوزارة سابقا د. عزت العجالين، بين انه برغم صعوبة الحصول على معلومات دقيقة وحقيقية حول إجمالي عدد الأردنيين العاملين في القطاع، إلا أن الأرقام التي تضمنتها الدراسة، قد تكون قريبة جدا من الواقع، وبالتالي تظهر اهمية تنظيم ومأسسة القطاع، وتطويره عبر جمعيات تعاونية زراعية تكون قادرة على إدخال التكنولوجيا الزراعية الحديثة، والعمل وفق خطط وبرامج إنتاج مدروسة من ناحية.


ومن ناحية أخرى، تكون قادرة على توفير ظروف العمل والتشغيل المناسبة للعمالة الأردنية، مبينا أن الدراسة اظهرت الحجم الكبير للعمالة الموسمية والمؤقتة في القطاع، لذا من الضروري إعطاء مسألة تنظيم سوق العمل والعمالة الزراعية الأهمية اللازمة.


واضاف العجالين، ان الاصل هو توفير عمال زراعيين مهرة، حاصلين على وثائق معتمدة، اما بخصوص مسميات المهن، فيكفي أن نعتمد تصنيف عامل زراعي في مجال الثروة النباتية، وعامل زراعي في مجال الثروة الحيوانية، اذ يمكن تحت هذين العنوانين التدريب والتأهيل، وحسب الطلب.


وأضاف ان الجهة المفضلة للتدريب، هي مؤسسة التدريب المهني لانها الجهة الرسمية المعتمدة لترخيص العمالة الماهرة، وذات قدرة على تنفيذ البرامج التدريبية المهنية بتكاليف معقولة، ولها فروع ومراكز تدريب في المحافظات، وتنفيذ البرامج التدريبية والمهنية، بإشراف ومسؤلية ادارة واحدة.


مدير الإنتاج النباتي بالوزارة المهندس محمد الجمال، بين ان الوزارة بالنسبة للعمالة الزراعية، يتبلور في الكشف على الحيازات الزراعية، والتأكد منها، مع تحديد مساحتها وفي ضوء ذلك، تستقدم العماله الزراعية.


الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل محمد الزيود، بين ان عدد العمال الحاصلين على تصريح عمل ساري المفعول في القطاع حتى تاريخ 21/6/2023 يصل الى 56 ألفا و299.


رئيس المركز د. عبد الله عبابنة، لفت الى ان الدراسة منسجمة مع منطلقات مشروع إعادة إصلاح قطاع التشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني، المدعوم من الاتحاد الأوروبي، الذي اشرف على تنفيذه آنذاك مجلس التشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني، بمشاركة مؤسسات حكومية معنية، والقطاع الخاص.


وركز على ضرورة وجود دراسات مسحية قطاعية لسوق العمل، وتطوير خطط لتنمية الموارد البشرية، ضمن هذه القطاعات، بغرض المساعدة في التعرف على الاحتياجات القطاعية الكمية والنوعية من المؤهلات والمهارات، وعلى مستوى كل مهنة تلزم القطاع المستهدف، ومن ثم تطوير هذه الإمكانات لدى الباحثين عن عمل، ما سيسهم بالاستخدام الأمثل للموارد البشرية، سواء عبر عملية التخطيط، أم تطوير الاستراتيجيات وصنع القرار لبرامج سوق العمل الفعالة، وبشكل خاص في قطاع التشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني.

 

اقرأ المزيد : 

القطاع الزراعي.. أسلوب عمل جديد ومخرجات ذات دلالة