حسني عايش ود. محمود عبابنة و د. سمير قطامي يكتبون: حرب غزة

حسني عايش ود. محمود عبابنة ود. سمير قطامي
حسني عايش ود. محمود عبابنة ود. سمير قطامي

 

قد نستطيع القول الآن إن طوفان الأقصى وحرب غزة غيرت الكثير من المفاهيم والمعتقدات والقناعات السائدة حول حقوق الإنسان، وحرية الشعوب، وحق تقرير المصير، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل والكلاب والقطط.. التي سوقها الغرب الرسمي وكأنها مقدسة وملزمة للعالم أجمع.

اضافة اعلان



لقد أسقط طوفان الأقصى وحرب غزة ورقة التوت هذه الذي كان الغرب الرسمي يخفي بها عورات معادية لما ذكرنا، فإسرائيل تمارس في قطاع غزة وفي الضفة الغربية عملية إبادة جماعية بالجملة في غزة وبالمفرق في الضفة الغربية، وتدمر كل البنية فيهما، والغرب الرسمي بقيادة أميركا يحميها من الإدانة الدولية، بل إن بعضه وبخاصة أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا يشاركها في عملية الإبادة بحجة حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها.


لقد كشف طوفان الأقصى وحرب غزة ما يلي:
• أن الفلسطيني / العربي قادر على التفكير الإبداعي، وعلى التخطيط والإدارة، ومواجهة التحديات والأخطار، وتحقيق النجاح والانتصار. ومن ذلك إسقاطه خرافة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وتمريغ طوفان الأقصى لأنفه بالتراب، وزلزلة أركان إسرائيل المنيعة بأيام، لدرجة هروب مئات آلاف من اليهود من إسرائيل إلى الخارج.
• لقد تم زرع هذه الخرافة في العقل والوجدان العربيين بالنكبة منذ سنة 1948، ثم بالكارثة سنة 1967، وبدا للمراقب وكأنه كان يجب علينا التسليم أو الاستسلام للقدر الإسرائيلي.


• أن نظرة الشعوب في الغرب تختلف عن نظرة حكوماتها، فهي مؤمنة فعلاً بحقوق الإنسان كافة، ومستعدة وجاهزة للدفاع عندما تنتهك في أي مكان، ومعارضة سياسة حكوماتها عندما تسكت على ذلك، وما تزال تقوم باستخدام مختلف وسائل الضغط على حكوماتها لإجبار اسرائيل على وقف الحرب في غزة والضفة.


• يفرض موقفها هذا علينا مد يد الصداقة إليها والتواصل الدائم مع منظماتها المدنية لتتبنى الرواية الفلسطينية.


• كما يجب علينا إدامة الصداقة والاتصال والتواصل مع دولتي جنوب افريقيا والبرازيل على رفع الأولى للدعوى ضد اسرائيل بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، والثانية بوصف ما تقوم به اسرائيل بالنازية الهتلرية.


• وأن العلاقة بين اسرائيل وأميركا ليست علاقة صداقة أو تحالف فحسب، بل علاقة عضوية وروحية عميقة أيضاً وكأن اسرائيل أميركية أكثر من أميركا، وأميركا إسرائيلية أكثر من اسرائيل، تتراجع أمامهما بل تسقط أي علاقة دولية أخرى إذا تعارضت مع العلاقة أو المصلحة الإسرائيلية.


• لقد هددت هيلاري كلينتون وزيرة خارجية أميركا في عهد أوباما، إيران بمسحها من الوجود إن تحرشت بها كما كانت تدعي.


• أما كونداليزا رايس - وزيرة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس بوش الابن - فقد أجابت على أسئلة لجريدة يديعوت أحرنوت الاسرائيلية مرة قائلة: «ان أمن اسرائيل هو مفتاح أمن العالم كله» وأضافت: «إنني اشعر باتصال روحي مع اسرائيل».


أما السفيرة الأميركية السابقة في القاهرة (آن باترسون) فقد قالت في حوار لها مع أحد المواقع الإسرائيلية في 11/7/2013: « إن عودة اليهود من الشتات ومن كافة بلدان العالم إلى أرض الميعاد من النيل إلى الفرات صار وشيكاً، وأعلنت بفخر أن اسرائيل لعبت دوراً محورياً وخطيراً حقق لشعب الله المختار التنبؤات التي قيلت عنه بصورة تعتبر إعجازية.....» وأكدت «أن اسرائيل تحملت الكثير من الاستفزازت والاعتداءات والتهديدات، وأن الصبر لن يطول، وأنه في حال اضطرت إسرائيل إلى المواجهة العسكرية فإنها لن تتردد، وستكون الحرب الأخيرة “هرماجدون” التي ستشارك فيها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والناتو وكافة الدول المحبة للسلام لأجل إعادة الحقوق إلى أصحابها، وأن اليهود لن يسمحوا بتكرار الهولوكوست ضدهم في المنطقة، بما أن العرب والمسلمين طبيعتهم عنيفة ويميلون إلى الهمجية والإرهاب ويغارون من اليهود لأنهم أكثر تحضراً وتقدماً وثراءً منهم ولهذا فإن الصراع سيكون لأجل البقاء وسيكون البقاء للأقوى بالطبع».

 

أما بايدن -رئيس الولايات المتحدة الأميركية الحالي- فقد أعلن جهاراً نهاراً وعلى مسمع جميع العرب أنه صهيوني عريق.


• وأن نظرة الغرب ولا سيما أميركا، كما عبرت عنه السفيرة الأميركية السابقة في القاهرة إلى الشعوب العربية سلبية، وكأنه يعتبرهم مجرد قطيع من البشر يملكون البترول والغاز، ويتحكمون بالممرات البحرية المهمة، ويجب ان تبقى تحت السيطرة كي لا تعيق عمل هذه الممرات، ومن ثم يجب ان تكون هناك دولة قادرة تضرب بيد من حديد محاولات زعزعة الاستقرار فيها، وأنه لا دولة أفضل من إسرائيل للقيام بذلك.


• ولكننا لم نكن قبل طوفان الأقصى وعملية الإبادة الجماعية لشعب غزة على يد اسرائيل وهذه الدول، نعلم أنه لابن العلقمي (ورثة في بعض البلدان) سلالة ممتدة تحكم بعض البلدان العربية، وأنها ضالعة في الصهينة والأسرلة ضد الشعب الفلسطيني البريء من أي اضطهاد لليهود في التاريخ أو اي اساءة إلى تلك البلدان.


• وأن المنظمات الدولية تتعطل إذا كانت اسرائيل هي المتهمة أو المدانة أخلاقياً وإنسانياً وسياسياً على يد أميركا لحمايتها من هذه التهمة أو الإدانة.


• وأن اسرائيل أصبحت أكثر خطراً على الشعب الفلسطيني وعلى شعوب المنطقة بعد القلق الوجودي الهائل الذي أصابها إثر طوفان الأقصى. ولذلك تداعيات كثيرة مما يوجب اليقظة والاستعداد والجاهزية من جانب الدول العربية، وبخاصة المجاورة لفلسطين، للجم اسرائيل عندما وكلما تحاول التمادي، وحتى قطع يدها.


• كشف طوفان الأقصى وحرب غزة أنه لا يمكن الثقة في اسرائيل بمعاهدة أو باتفاقية أو بغيرهما فهي غير مستعدة مطلقاً للالتزام بها إذا وقفت في أي لحظة في وجه استراتيجيتها ومصالحها القائمة على التمييز العنصري/ الأبارثيد وتداعياتهما السلبية على الشعب الفلسطيني والدول العربية المجاورة.


• وأن طوفان الأقصى أعاد الحيوية إلى القضية، قضية فلسطين، اي قضية كل حر: فرداً أو حزباً أو دولة في العالم، وليس كقضية فلسطينية خاصة فقط.


• وأن الفلسطينيين اليوم هم أحفاد الكنعانيين العرب والفلسطينيين القدماء المالكين الأولين لأرض كنعان / فلسطين، وأن بني اسرائيل في الأمس اعتدوا عليهم وحرقوا أريحا وبقية مدنهم وقراهم فيما يسمى الآن بالضفة الغربية، وهم يكررون اليوم المذابح التي ارتكبوها في كفر قسم والطنطورة وقبية.. سنة 1948/1949 وفي مدن وقرى ومخيمات قطاع غزة اليوم، إن كانوا ينتسبون إليهم وليسوا هم أوروبيون وأميركيون يهود ليس لهم علاقة ببني إسرائيل في الأمس.


• وأن الشعوب العربية تعتبرها قضيتها المركزية على الرغم من جميع المحاولات السامة لثنيها عن ذلك، وأن الأردن الرسمي والشعبي كان وما يزال شقيقاً لفلسطين لا مجرد أخ لها.


• وأن الدول العربية ذات العلاقة المباشرة مع اسرائيل بالمعاهدات والاتفاقيات تستطيع بل يجب ان تستخدمها للضغط على اسرائيل أو للتهديد بتجميدها أو حتى الغائها كلما تتبع إسرائيل منهجاً مدمراً للشعب الفلسطيني.

 

هذه نقطة حسني عايش يقف قليلاً عندها « فيقول إنه بمجرد قيام الدولة العربية ذات العلاقة وبخاصة المجاورة لفلسطين بإلغاء المعاهدة أو الاتفاقية فإنها تصبح في حالة حرب مع اسرائيل، مما يتيح لإسرائيل على الفور تهجير الفلسطينيين إليها، كما كانت وظلت تفعل قبل المعاهدة أو الاتفاقية، فما الذي يجبرك على المر إلا الأمر منه. ليس للناس خارج فلسطين إلا المقاومة الشعبية العربية للتطبيع» 
• أثبت طوفان الأقصى والحرب في غزة أن منظمات الارهاب الاسلامية كالقاعدة وداعش وجبهة النصرة وأحرار الشام.. كانت وما تزال هي الذخر الاستراتيجي لإسرائيل واميركا شاءت أم أبت، فقد شوهت سمعة المسلمين العرب وغير العرب، بما في ذلك فلسطين، وجعلت العالم كله ضدهم، مع أنها لا تعادي اسرائيل في شيء. لقد آن الأوان لتفكيكها وتصفيتها فكرياً وإعادة النظر في مناهج التعليم الرسمية والخفية وبحيث يتحرر العقل المدرسي من سطوة فكرها وينضب معينها.


• وأن حل الدولتين صار مستحيلاً وأن الحثّ عليه تضييع للوقت. لعل الحل الأفضل هو حل الدولة الديموقراطية الواحدة لأنه ممكن ويمكن أن يؤدي إلى الوئام والسلام بين الطرفين بدلاً من الحرب والخصام، وكما حصل في جنوب افريقيا يا اسرائيل، فكفى غطرسة. 


• أن تحرير فلسطين من قبضة الصهيونية وإسرائيل يعني حكماً أو حتماً تحرير أميركا وأوروبا والعالم منها ومنهما. 


لعل هذا وذلك يستدعي مايلي:
• إنشاء صندوق فلسطين العربي تشارك فيه كل دولة عربية بمقدار نصف أو واحد في المائة من عائدات صادراتها السنوية الكلية لاستخدامه عند اللزوم، وفي حالات الطوارئ التي تضيق بها الحياة على الشعب الفلسطيني لإسعافه في الداخل وفي الشتات (كما في حالة الأنروا).


• بناء جيوش عربية محترفة لا تعمل في السياسة والبزنس مستعدة وجاهزة للعمل لحماية الوطن ودرء الخطر عنه.


• استخدام عبارة قضية فلسطين في الخطاب لا القضية الفلسطينية.


• ضبط العرب لعلاقاتهم الرسمية مع الغرب بموقف جماعي يدافع عن مصالحهم وكرامتهم.


• تنمية الاهتمام «بعلم الاستغراب» قياساً على علم الاستشراق.


• التركيز على العلوم التطبيقية والتكنولوجية والبحث العلمي والإبداع والابتكار.


• إقامة دعوى في المحكمة الجنائية الدولية ضد القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيلين المتورطين بحرب الإبادة الجماعية الآن، وكلما وعندما ترتكب اسرائيل جناية ضد الشعب الفلسطيني.


• تعزيز الدعم لجهود دولة جنوب افريقيا القانونية أمام محكمة العدل الدولية وتأييد الموقف الأردني الدبلوماسي الرسمي الداعم لقضية فلسطين في أروقة الامم المتحدة ومبادراته في إسقاط المساعدات جواً.


• تقديم كل ما يلزم لمساعدة البرازيل وايرلندا وكولومبيا على الصمود.. في وجه التهديد الصهيوني الاسرائيلي وإقامة أفضل العلاقات معها.


• إقامة قنوات تلفزيونية تتحدث بلغات أجنبية وبخاصة بالعبرية الموجهة إلى اسرائيل.


• التفرقة بين الحكومات الغربية وشعوبها فلا نشتم تلك الشعوب لأنها تحترم حقوق الإنسان ولولا إيمانها بهذه الحقوق ما وقفت ببسالة ضد جرائم اسرائيل في غزة والضفة.


• ترشّيد شعاراتنا لتهدف لإدانة اليهود والغربيين الصهاينة فقط، وألا نعمم موقفنا على كل اليهود الذين من بينهم مئات المفكرين وأساتذة الجامعات وغيرهم من الفاعلين في مجتمعاتهم، والذين أنصفوا روايتنا ومظلوميتنا التي يعمل على تغيبها وتشويه صورتها صهاينة إسرائيل وأميركا.